مجتمع

حلم الهجرة يسقط مغاربة في كمين عصابات متخصصة

في التاسع عشر من يوليوز المنصرم، حذرت السفارة الأمريكية بالمغرب عبر منصة “إكس” المواطنين المغاربة من التعامل مع المواقع الإلكترونية التي تطلب المال نقابل الحصول على عمل بالولايات المتحدة الأمريكية، وقالت إن الحكومة الأمريكية لا تطلب أبدا رسوما من أجل ذلك.
وأضافت السفارة ضمن تغريدتها أن مواقع الويب أو المنصات الأخرى عبر الإنترنت التي تطلب الدفع لمعالجة طلبات العمل أو المنح هي مواقع احتيالية، وجاء ذلك بسبب ما سجلته الأجهزة الديبلوماسية الأمريكية من تكرار لهذا النوع من العمليات وارتفاع عدد ضحاياها.
الولايات المتحدة وكندا والقارة العجوز أماكن يحلم العديد من المغاربة للعمل بها، وهو ما يستغله الوسطاء المحتالون الذين يجدون حاجة البلدان سالفة الذكر إلى اليد العاملة وحاجة المغاربة إلى عمل يضمن العيش الكريم فرصة للاغتناء وتحصيل الملايين على حساب مستقبل الحالمين بغد أفضل.
مجلة “جون أفريك” الفرنسية سلطت الضوء على الموضوع، وأشارت إلى أنه في السنوات الأخيرة تضاعفت أعداد المغاربة الذين وقعوا ضحايا لعمليات احتيال بعروض عمل مزيفة في الخارج. وقالت  إن من بين الأمثلة العديدة، “سمسار مزيف”، اعتقل وسجن في عام 2022 في القنيطرة، بتهمة الاحتيال على 127 شخصا بمبالغ تتراوح بين 1500 و 9000 يورو مقابل عقود عمل مزورة لفرصة عمل بألمانيا.

مثال آخر، تضيف “جون أفريك”، كان في عام 2023، عندما وقع العديد من العمال المغاربة ضحايا لعملية احتيال وظيفية دبرها مدير شركة مقرها في تولوز، في جنوب غرب فرنسا. دفعوا ما بين 8000 و 12000 يورو مقابل وعد بوظيفة لمدة ثلاث سنوات في فرنسا، بما في ذلك توفير السكن، دون ان يتمكنوا من الحصول على ذلك على أرض الواقع. وحوكم مديرو شركة تولوز بتهمة “الاحتيال وتكوين عصابة منظمة” و “المساعدة في دخول وإقامة الرعايا الأجانب بشكل غير قانوني”.

بالإضافة إلى الخسارة المالية، يمكن أن تنجم عن عمليات الاحتيال هذه عواقب وصفتها المجلة بـ”الكارثية”، إذ يجد بعض الباحثين عن العمل أنفسهم على القوائم السوداء للخدمات القنصلية، لأن ملفهم يحتوي على عقد عمل مزور. كما يقلل ذلك حتى بالنسبة لمن تمكن من الوصول من فرص إيجاد سكن بسبب هذه العقود المزورة.

واحدة من أحدث الحالات وأكثرها خطورة هي حالة 21 مغربيا الذين اعتقدوا في أبريل الماضي، بعد الرد على عروض العمل عبر الإنترنت، أنهم ذاهبون إلى تايلاند للحصول على راتب أفضل من خلال العمل في الكازينوهات، مع وعد برعاية تكاليف النقل والإقامة. إذ تم تنفيذ عملية الاحتيال عبر الإنترنت من المملكة من قبل مجرمي الإنترنت الذين يعملون تحت ملف تعريف مزيف ويعملون كوسطاء لمغاربة آخرين استقروا بالفعل في ميانمار. وووصل الضحايا عبر ماليزيا، قبل أن يحتجزوا كرهائن في تايلاند، ثم نقلوا بالطائرة إلى منطقة على الحدود مع ميانمار (بورما سابقا)، حيث انتهى بهم المطاف في مراكز اتصال تديرها عصابات مسلحة محلية. وباستثناء 2 منهم، قررا البقاء هناك لمواصلة العمل لدى “أرباب عملهم”، أطلق سراح ال 19 الآخرين 7 بعد دفع فدية من قبل أسرهم، و 12 آخرين بعد تدخل الجيش التايلندي في 5 يوليو.

وقالت الصحيفة إن الباحثين عن العمل يسقطون ضحايا لعصابات “افتراضية” تنشط عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مقدمتها “فيسبوك” التي يستخدمها اعضاء هذه العصابات، فضلا عن عصابات في الواقع حاصة في مدارس اللغات ووكالات السفر، مشيرة في هذا السياق إلى مديرة شركة سياحية في تازة التي قدمت عقود عمل مزورة لضحاياها لابتزاز مبالغ تتراوح بين 7000 يورو و 10000 يورو مقابل التوسط لدى الإدارات المعنية وتسريع الإجراءات.

في مواجهة هذه الآفة، نظمت الحكومة المغربية هجوما مضادا. في ديسمبر 2021، بالشراكة مع المنظمة الدولية للهجرة، شاركت وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات في إطلاق حملة “كن على بال”، مصحوبة بإنشاء موقع ويب خاص. وهو المشروع الذي انضم إليه مكتب العمل الدولي وحظي بدعم مالي من الاتحاد الأوروبي.

وقالت المجلة إن الدول الأوروبية هي ضحايا أيضا لهذا النوع من الاحتيال. ولا سيما بلجيكا، حيث حكم على تسعة مغاربة بالسجن في عام 2023 لسماحهم ل 215 شخصا، بفضل عقود عمل مزورة، بالاستقرار في البلاد، وحيث تمكنوا من الاستفادة من إعانات البطالة، بين عامي 2011 و 2018؛ ما مجموعه 5 ملايين يورو.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *