إحصاء السكان بالمغرب ينطلق رسميا وسط تخوف من تأثيرات محتملة للعطلة (فيديو)

بدأت اليوم الأحد المرحلة الميدانية للإحصاء العام للسكان والسكنى لعام 2024 في مختلف أنحاء المملكة، وهو إجراء استراتيجي يسعى إلى جمع بيانات دقيقة وشاملة حول الوضع السكاني والاقتصادي والاجتماعي للمغرب. تستمر هذه العملية طوال شهر سبتمبر، وتشكل محطة محورية في مسار التخطيط التنموي المستقبلي للمملكة.
ومع انطلاق الإحصاء، أعرب عدد من الباحثين والمراقبين لجريدة “العمق”. عن تخوفهم من امتناع بعض الأسر عن استقبال الباحثين بسبب أسباب شخصية، أو تقديم معلومات غير دقيقة أو كاذبة. كما عاينت كاميرا الجريدة، وجود مشاكل تتعلق بتوقيت الإحصاء، حيث لا تزال العديد من الأسر تقضي عطلتها الصيفية بعيدا عن منازلها، مما قد يؤثر على دقة البيانات المجمعة.
ويعتبر الباحثون والمراقبون أن نجاح الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024 يعتمد بشكل كبير على تعاون الساكنة المغربية. فهم يعولون على انخراط المواطنين الكامل في هذه العملية الوطنية من خلال تقديم المعلومات الصحيحة والدقيقة، حيث يشكل التعاون بين المواطنين والباحثين الميدانيين أساسًا لضمان الحصول على بيانات موثوقة تمكن من وضع سياسات تنموية فعالة.
في هذا السياق، أشار عدد من الباحثين إلى ضرورة تعزيز الثقة بين الباحثين الميدانيين والأسر المغربية، لضمان استقبالهم بشكل إيجابي ومن دون تردد. مؤكدين على أن الشفافية والدقة في تقديم المعلومات ستساهم بشكل كبير في إنجاح العملية، مما يعزز قدرة المغرب على التخطيط بشكل أكثر فعالية لمستقبله التنموي.
ويرى المراقبون أن تحقيق هذا التعاون سيسهم في تجاوز التحديات المحتملة مثل امتناع بعض الأسر عن المشاركة أو تقديم معلومات غير دقيقة، مما سيمكن البلاد من الحصول على صورة واقعية وشاملة لوضعها الديمغرافي والاجتماعي.
وانطلقت اليوم الأحد عملية تجميع المعلومات من الأسر في إطار العملية السابعة للإحصاء العام للسكان والسكنى، بمجموع جهات المملكة والتي تستمر حتى الثلاثين من الشهر الجاري.
ولإنجاح هذه العملية، تمت تعبئة 55 ألف من الموارد البشرية (باحثين ومراقبين ومشرفين جماعيين). وتشهد العملية تنوعا من حيث فئات المشاركين، حيث يشكل حاملو الشهادات والطلبة نسبة 60% من هؤلاء، كما أن 32 بالمائة منهم من نساء ورجال التعليم ، بينما يشكل موظفو الإدارات والمؤسسات العمومية والعاملون في القطاع الخاص ومتقاعدو الوظيفة العمومية بنسبة 8 %.
وعلى المستوى اللوجيستي، قامت المندوبية السامية للتحطيط باقتناء 55 ألف لوحة رقمية، بتمويل مشترك مع وزارة التربية الوطنية، ستستخدم لاحقًا في تعزيز مشروع المدرسة الرقمية.
وسيتم تجميع معطيات الإحصاء بالاعتماد على تطبيق معلوماتي، تم تطويره من طرف أطر المندوبية السامية للتخطيط وتثبيته على لوحات رقمية تحدد بدقة حدود الدوائر والمسارات التي سيتبعها الباحثون خلال إجراء الإحصاء، وكذا الاستمارات وقواعد التحقق من صحة وانسجام المعطيات المجمعة، مما سيسهل معالجة المعلومات المجمعة في عين المكان قبل إرسالها مباشرة إلى مركز تدبير المعطيات.
وتتكون الوسائل المادية واللوجيستيكية الأخرى المعبأة لإنجاز الإحصاء، من 55.000 من مستلزمات الإحصاء (محفظة، بادج، قبعة، معدات التكوين، إلخ.)؛و 350 مركزا للتكوين وتخزين اللوحات؛ و 90 مركزا لتخزين المستلزمات؛ و 7.000 سيارة وسائق.
وتقدر ميزانية الإحصاء بـ 1,46 مليار درهم، 67 بالمائة منها موجهة لتعويضات المشاركين؛ و 20 بالمائة للوسائل المادية واللوجيستيكية؛ و 13 بالمائة للوسائل التكنولوجية.
وبخصوص المنهجية المعتمدة في إنجاز هذه العملية، كشف المندوب السامي للتخطيط السيد أحمد الحليمي علمي خلال لقاء صحفي بأن الإحصاء العام للسكان والسكنى لعام 2024 سيعتمد على استمارتين من أجل تجميع المعطيات لدى الأسر.
وتضم الاستمارة الأولى أسئلة تتعلق بالبنيات الديموغرافية والظواهر النادرة كالهجرة الدولية والوفيات، بينما تضم الاستمارة الثانية، والمفصلة، فضلا عما سبق، أسئلة تتعلق بمواضيع جديدة كالحماية الاجتماعية واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبيئة.
وأكد أن هذه الاستمارة ستكون موجهة لكافة سكان الجماعات التي تضم أقل من 2000 أسرة، وإلى عينة من 20 في المائة من الأسر القاطنة بالجماعات التي يعادل سكانها أو يفوق 2000 أسرة، في حين ستخصص الاستمارة القصيرة لـ80 في المائة من السكان.
وستتيح هذه العملية الوطنية الكبرى التعرف على المؤشرات الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية لمجموع الساكنة، بما في ذلك المجموعات السكانية الخاصة من قبيل الرُّحل أو الاشخاص دون مأوى.
وكان المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، قد أعلن انطلاق هذه العملية الوطنية، مسلطًا الضوء على أهمية الإحصاء في رسم السياسات التنموية المستقبلية للمغرب. وأكد الحليمي أن هذا الإحصاء يأتي بعد عشر سنوات من آخر إحصاء أجري في 2014، ما يجعله أداة حيوية لتحديث البيانات السكانية وتحسين دقة المعلومات اللازمة للتخطيط التنموي.
ويهدف الإحصاء إلى تحديد عدد السكان في المغرب بشكل دقيق، مع الالتزام بتطبيق المعايير الدولية المعتمدة من قبل هيئة الأمم المتحدة. وأوضح الحليمي أن الأشغال الخرائطية التي أُنجزت بين أبريل 2023 ومايو 2024 مكّنت من تقسيم التراب الوطني إلى 37,109 مناطق إحصاء، و10,958 منطقة مراقبة، و935 منطقة إشراف. وتم توطين جغرافي لأكثر من 4.1 مليون بناية في الوسط الحضري، وما يزيد عن 33 ألف دوار في الوسط القروي، إضافة إلى تحديد مواقع 1.3 مليون مؤسسة اقتصادية واجتماعية.
في هذا السياق، لفت المحلل الاقتصادي أمين سامي، في تصريح لجريدة “العمق”، من أن تواجه العملية بعض العراقيل وأهمها مشكلات تقنية تتعلق بتشغيل اللوحات الإلكترونية المستخدمة في جمع البيانات، إذ من الممكن أن يواجه بعض المشاركين صعوبات في تشغيل هذه الأجهزة بسبب ضعف البطاريات أو صعوبة شحنها، مما قد يؤثر على استمرارية العمل الميداني، كما يمكن أن تؤدي تحديثات الأجهزة أو تقييد استخدامها الفردي إلى تأخير جمع البيانات.
ورغم هذه التحديات، يؤكد الحليمي أن جميع المشاركين في الإحصاء حصلوا على تكوين شامل وضروري لضمان جودة البيانات المجمعة، حيث تم اختيار 55 ألف مشارك من بين 500 ألف شخص تقدموا للمشاركة في هذه العملية. وأشار إلى أن 60% من المشاركين هم من الطلبة وحاملي الشهادات، بينما يشكل رجال ونساء التعليم نسبة 32%، مع مشاركة واسعة للشباب والنساء.
ومن بين الإجراءات التي تم اتخاذها لإنجاح العملية، توفير وسائل النقل اللازمة للمشاركين، وضمان تغطية تأمينية على الحوادث الجسمانية، وتقديم الحماية الأمنية في الميدان. كما أُعلن أن أجوبة المواطنين على الأسئلة الواردة في استمارة الإحصاء محمية بوسائل التشفير المعتمدة من قبل المندوبية، مؤكداً أن الهدف من الإحصاء ليس تحديد الوضعية المادية للأفراد، بل استخلاص مؤشرات عامة ودقيقة حول مختلف جوانب الحياة في المغرب.
وفي ختام الندوة الصحفية، شدد الحليمي على أهمية الإحصاء كمصدر رئيسي ومرجعي لرسم السياسات العامة وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات ذات الأولوية، مما سيمكن من تحقيق تنمية شاملة ومستدامة. ومع استمرار عملية الإحصاء طوال شهر سبتمبر، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان مشاركة واسعة من الأسر المغربية، وتوفير الظروف الملائمة للباحثين الميدانيين لضمان نجاح هذه العملية الوطنية.
تعليقات الزوار
مكاين لا احصا ولا دعم اجتماعي موحد كلهم جواسيس الخونة ارجعو المزانيات الى الدولة .