وجهة نظر

“المناطق الرمادية” بين الإسلاميين والتحالفات و”التحكم”

في سياق التسخينات والتجادبات التي يعرفها الحقل السياسي قبيل بداية الحملات الانتخابية المتعلقة بالانتخابات التشريعية المقرر اجراؤها يوم 07 أكتوبر، يتم اقحام بعض المفاهيم والشعارات وتبادل الاتهام والسجال بين الاحزاب عوض توظيف برامج تهم مستوى عيش المواطنين، حيث سجل لجوء بعض الاحزاب إلى توظيف وتكرار نفس القاموس للاحتجاج في محاولة لشيطنة الخصوم وبغاية استمالة وكسب تعاطف أكبر عدد من الجماهير، ويظل أبرز هذه الشعارات هو ” التحكم”.

لذلك خضع في الآونة الاخيرة هذا المصطلح لتوظيف مكثف من طرف حزب العدالة والتنمية ضد حزب الاصالة والمعاصرة، بحيث يتم نعث أو اتهام هذا الاخير من طرف قياديي البيجيدي بأنه مجرد واجهة وأداة في يد بعض الاشخاص النافدين “للتحكم في الحياة السياسية والعودة بالبلاد إلى الوراء”، وتبعا لذلك، وفي إطار التصريحات والشعارات التي ترفع هنا وهناك مع قرب الانتخابات التشريعية، ما فتئ بنكيران يؤكد أن التحالف مع هذا الحزب يعتبر من سابع المستحيلات وخط أحمر بالنسبة للإسلاميين. هذه التصريحات وما يرتبط بها من تناقضات تجعل البعض وهو يتابعها يستحضر بعض الوقائع السياسية القريبة من خلال طرح بعض الاسئلة الجوهرية:

أولا، ماهي طبيعة التحالفات وحدود تشكلها؟ بحيث أفرزت الانتخابات المحلية الاخيرة التي جرت يوم 04 شتنبر 2016 مجموعة التحالفات الهجينة بين الاحزاب السياسية لتشكيل المكاتب المسيرة، ومن ضمنها تحالف كل من العدالة والتنمية والاصالة والمعاصرة في عدة مدن وعلى مستوى مجالس الجماعات والاقاليم والجهات.

ثانيا، إذا كان حزب الاصالة والمعاصرة يعتبر “حزب التحكم ويشكل خطرا على مستقبل البلاد” كما يصفه قياديي العدالة والتنمية، فلماذا تحالف معه في عدة مناطق في المجالس الجماعية والاقليمية والجهوية؟؟ ألا يعتبر هذا التحالف تواطؤ مع “التحكم” ؟

ثالثا، لماذا لم يلجأ حزب العدالة والتنمية إلى خيار المعارضة داخل المجالس عوض التحالف مع حزب يصفه أمام الشعب المغربي بأقدح النعوث؟؟ ألا يعتبر التحالف معه على مستوى المحلي أخطر بكثير من التحالف معه على المستوى الوطني؟؟ على اعتبار أن السلطة العمومية مؤطرة بقوانين صارمة وتخضع لرقابة البرلمان، بالإضافة إلى ذلك، فإن القرارات الاستراتيجية تتم داخل المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك، في حين أن القرارات على مستوى المجالس المسيرة تخضع لمزاجية الرئيس ومقربيه.

رابع، إن تحالف العدالة والتنمية مع الاصالة والمعاصرة على مستوى المحلي هو نوع من الاعتراف والتطبيع بين الطرفين، وللتدقيق أكثر يمكن اعتبار ذلك نوع من إعطاء ومنح المشروعية لهذا الحزب على مستوى المحلي، فلماذا يحاول الاسلاميين نزع هذه المشروعية وانكارها على المستوى الوطني؟؟؟

تبقى مجرد أسئلة لفهم التناقضات التي يزخر بها الحقل السياسي المغربي…