منتدى العمق

النقاش الفايسبوكي بين صناعة الرأي العام عقم المنهج

يعتبر الشباب ركيزة مهمة في معادلة التنمية المحلية، فهم صمام الأمان ، وقوة للأوطان ، وهم عُدَّة الأمم وثروتها وقادتها…

من الجميل اليوم أن يقطع الشباب صلته بعهد طويل من الخنوع والخوف والرجوع إلى الوراء ، من الجميل اليوم أن نرى الشباب يشارك في تشكيل القرار السياسي وتوجيه الرأي العام،ومن الجميل أيضا أن نرى في شباب اليوم غيرة وحرقة على المصلحة العامة قل نظيرها في الأمس القريب وإن اختلفت الأسباب والدوافع بين نظامي حكم يختلف فيهما أدرينالين الحرية المحقون في عروق أفراده ،وبين دستوين أحدهما كان مقبرة لفئة الشباب وآخر تنبه في لحظة تاريخية وأعطى الشباب هامش للتعبير الحر عن الرأي والمشاركة الفعلية في تنمية وطنه ولو جزئيا،بالإضافة إلى عوامل أخرى متعلقة بمستوى الوعي الثقافي والسياسي.

لكن الأجمل هوأن نرى شباب اليوم يقومون بكل ذلك وبأفضل طريقة ممكنة قاطعين الطريق على منطق بئيس أساسه التنظير الفارغ من التطبيق،ومبدأه الاتكالية والهروب من المسؤولية الملقاة على فئة تجمع بين الشجاعة والقوة والاصرار من جهة،والحكمة والرزانة من جهة أخرى،ولعل أجل تمظهرات هذا المنطق المعطوب والمعاق:هي النقاشات الفايسبوكية الصماء في ظل اقتصارها فقط على دكاكين شبكات التواصل الاجتماعي دون العمل على الانتقال بالنقاش من الناحية الفكرية التنظيرية المحضة إلى الناحية المادية الملموسة والعملية…

مما لا يختلف فيه عاقلان أنه من الجيد إثارة المشاكل والقضايا التي تخص الشأن العام المحلي،وهو حق الجميع المكفول بقوة القانون وحجة الدستور، ”فالساكت عن الحق شيطان أخرس” وهو مايمكن اعتباره من ثمرات النقاش الفايسبوكي الذي يساعد على تعميق النقاش وتبادل الأفكار والإحاطة بأكبر قدر من المعلومات… لكن هناك فرق بين إثارة هذه الأخيرة بغية إيجاد حلول جذرية لها،و إثارتها فقط من أجل إثارتها ،وهو ما يطرح سؤال حول مدى طهر ونقاء نية الجهات التي تثير هاته النقاشات خصوصا إذا ما ارتبطت بفترة زمنية حساسة معروفة بإعادة تشكيل الخريطة السياسية للبلد،فالوسيلة واحدة والأهداف مختلفة وشتان بين الأول والثاني ….لذلك من الواجب أن تكون الوسائل التي نستخدمها طاهرة مثل الأهداف التي نصبوا لها والعكس بالعكس.

دعونى أهمس فى أذنكم بمقولة قالها علينا الغرب قديما:
”إن العرب يأكلون ما لا يزرعون , ويلبسون ما لا ينتجون , ويقولون ما لا يفعلون , ويفعلون ما لا يعقلون ”.
وقد بدأت هذه المقولة تتغير الآن فشاركوا جاديين فى هذا التغيير،ولا تقفوا سلبيين أعزكم الله , ولنسمع إلى الطبيب ( إبراهيم ناجى ) ينادى علينا جميعا فيقول :

تعالوا نقل للصعب أهلا فإننـا شباب ألفنا الصعب والمطلب الوعرا
تعالوا فقد حانت أمور عظيمة فلا كــان منا غافـــــل يصم العصرا

إن المشكل الملموس لمشاركة الشباب في تغيير واقعهم المعاش يتجلى في عقم المنهج الذي تتبناه الغالبية المطلقة من هذه الفئة في ظل رفضها المشاركة الميدانية في التغيير والارتقاء على المستويين السياسي والجمعوي، قد يكون ذلك قابل للتبرير إلى حدود العقد الأخير من القرن الماضي بسبب الترهيب والتضييق الممنهج التي كانت تمارسه الدولة ممثلة في وزارة الداخلية على مجموعة من المنظمات الحكومية وغير الحكومية والذي تطور في فترة من الفترات إلى اعتقال وتعذيب الفاعلين الأساسيين في العملية السياسية والجمعوية، لكن مغرب اليوم يختلف تمام الاختلاف عما كان يعيشه وطننا العزيز إبان سنوات الرصاص ،مما يجعل خنوع البعض إلى وراء الشاشات للتعبير عن آرائهم وانتظاراتهم وانتظار التغييرالمنشود غير مقبول بالبث والمطلق…

المطلوب منا اليوم كشباب مثقف وواع بخصائص المرحلة، هو الانخراط الفعال والإيجابي في بناء مغرب الغد انطلاقا من تنمية الحواضر والبوادي التي نعيش فيها،وفق منطق جديد أساسه التصالح مع مؤسسات الدولة ودعم التجارب الجديدة أي كانت الأطياف السياسية التي تحمل لواءها مادامت تعتمد الشفافية مبدأ لها والمقاربة التشاركية منهجا لها ضاربة بعرض الحائط الأساليب الكلاسيكية المعتمدة في تدبير الشأن المحلي والتي لم نرى منها سوى مآسي التخلف وويلات المعانات،أو علامات الركود في أحسن الأحوال .

إن دور الشباب اليوم باعتباره الجزء الأهم المكون للمجتمع المدني لا يجب أن ينحصر فقط في نقاشات فايسبوكية أغلبها لا يغني ولايسمن من جوع ،بل وجب تفعيل دوره في المراقبة والمتابعة الميدانية لعمل المجالس المنتخبة وتضييق الخناق على الفساد من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة كما جاء بها دستور 2011 من جهة ، والانخراط مع هذه الأخيرة في نقاشات تحكمها المؤسسات والقوانين التنظيمية لا العشوائية والصراعات السياسوية،الانتخابوية الضيقة بغية الالمام الشامل بحيثيات المواضيع المطروحة والإسهام في إيجاد الحلول لها من جهة أخرى … وغيرها من الأدوار الطلائعية المنوطة إلى الشباب … ومن غير الشباب قادر على فعل ذلك؟

أحبائى الشباب …
كونوا قوة لأمتكم ووطنكم بالعلم والإيمان واتخذوا القدوة الحسنة من نبيكم وأصحابه وإياكم وإنتظار الحق قبل أداء الواجب , ولا تظنوا أن التفوق والمجد والعمل يدق على باب أحد ويذهب إليه فلابد لكم من السعى له والنشاط فى تحصيله والله معكم ولن يبخسكم أعمالكم.

لا تحسبن المجد ثمرا أنت آكله *** لن تبلغن المجد حتى تلعق الصبر