منتدى العمق

حكومة العدالة والتنمية وثلاثية الإصلاح‎

حقق حزب العدالة والتنمية مع حلفائه في الحكومة انجازات سياسية ، اجتماعية واقتصادية وأخفق -طبعا- في بعض الأموركأي تجربة ديموقراطية فتية .. المهم والأساسي الذي طبع هاته التجربة -في اعتقادي- هو ثلاثة أمور تميز المشاريع السياسية القوية وهي : الوضوح ،الجرأة ، والنزاهة الوضوح، وهو العنصر الغائب في المشهد السياسي المغربي منذ بناء دولة مابعد الاستقلال (المنقوص) والذي استطاعت هاته الحكومة الالتزام به في علاقتها مع الشعب المغربي ، وقد لعب ذ عبد الاله بن كيران -كرئيس للجهاز التنفيذي-دورا أساسيا-من خلال خطاباته وخرجاته الاعلامية- في توضيح العديد من القرارات التي قد تكون صعبة في بعض الأحوال، والتي قد لايتقبلها المواطن البسيط وتكون كلفتها السياسية-في أغلب الأحيان- ثقيلة ،لكنها تكون في مصلحة الوطن، ثم اعترافه بالاكراهات والتحديات وبالاخفاقات التي طبعت عمل الحكومة.

بالاضافة الى أهم أمر وهو تعريته للجهاز المخزني الذي يسعى الى التحكم في الحياة السياسية، فبقي حزب العدالة والتنمية وفيا لخطه في محاربة هذا التحكم بفضحه سياسيا كما كان يفعل أيام كان في المعارضة الأمر الذي لم تستطع أغلب المشاريع السياسية فعله من قبل، اللهم ماصرح به عبد الرحمن اليوسفي بعيد اجهاض تجربة التناوب لما أشار إلى أن الدولة دولتان ،الأولى تمثلها الحكومة المنتخبة، والثانية موازية تحرص على الحفاض على مصالح رجالاتها ، والمتتبع لخطابات ذ بنكيران قبل توليه رئاسة الحكومة سيلاحظ أنه كان يعد الجماهير في خطاباته بالوضوح السياسي ليفهم المواطن المغربي مايجري في الحكم.

الجرأة : وتتمثل في قيام هاته التجربة الحكومية بقرارات جريئة ضرورية للإصلاح ولو على حساب شعبيتها كإصلاح صندوق المقاصة، و إصلاح صندوق التقاعد ، وتكمن جرأة هاته القرارات في أنها اصلاحات هيكلية العائد السياسي منها بعيد المدى لايلمسه المواطن إبان التجربة الحكومية.

النزاهة : وهي السمة والقيمة التي دافع عنها المحتجون إبان الحراك العشريني ولعل أبرز شعار رفعه البيجيدي في حملته الانتخابية هو إسقاط الفساد و من بين أوجه إسقاط الفساد أن يتحلى المسؤولون الحكوميون بالنزاهة وبنظافة اليد ، الشيئ الذي لم نعهده في مسؤولي الحكومات السابقة.

أما ماسنربحه من ثلاثية الوضوح، الجرأة والنزاهة فهو الآتي :

الوضوح ——–> بناء قاعدة شعبية واعية وحركة احتجاجية قوية داعمة للإصلاح وتقوية مؤسسات الدولة في مقابل إضعاف التحكم أو بالأحرى الجهاز المخزني الرجعي.

الجرأة ———-> تأمين مستقبل أجيال هذا الوطن الذين سيقطفون -لامحالة- ثمار إصلاح هيكلي غلب في إنجازه منطق التراضي بين الحاكم والمحكوم.

النزاهة ———> توفير ميزانية معقولة تضمن التوزيع العادل للثروات وتحقق الاستقلالية الاقتصادية الضامنة
للأمن الغذائي وللأمن الروحي للمجتمع بعيدا عن التبعية للمؤسسات الإمبربالية المتوحشة.

إننا اليوم جميعا (أحزاب ، مجتمع مدني ، فاعلين اقتصاديين ، حركة طلابية ، مواطنون… ) أمام تحد صعب ، يستلزم منا جهدا مضاعفا لترسيخ مسار بدأ ، وسيستمر- بإذن الله – بوعي أبناء الوطن بدقة المرحلة وبأهميتها في بناء وطن المؤسسات الدستورية والقطع مع منطق الولاء للأشخاص ، والمصالح ، والجماعات. “إنما الولاء لله ولرسوله ، ثم للوطن والأمة”.

فالولاء لله يقتضي من نخب الإصلاح تجردا وإخلاصا له وحده سبحانه لايشرك في ولائه طواغيت، سواء كانوا أشخاصا ، مصالح أو جماعات ، ثم الولاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع سنته ومنهجه : “كان خلقه القرآن”

وهذا هو الضامن الأساس للإصلاح ولإستمراريته ومنه يستمد المصلحون:

– وضوحهم ومصداقيتهم فلايسقطون في خصلتي الرياء والنفاق أو في “الكولسة” المقيتة ،

-وجرأتهم فلا يجبنون أبدا ، ويصف الله سبحانه وتعالى صنف الجبناء بقوله في سورة الأحزاب (الآية 19)(أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً).

-ونزاهتهم فلايسرقون ولا يأكلون أموال الناس بالباطل ، قال تعالى : (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ) (سورة البقرة الآية 188)، والولاء للوطن لايكون إلا بخدمته وتنميته والحفاظ على أمنه واستقراره.

أما الأمة فالولاء لها لايتأتى إلا بتحقيق الحرية(المنضبطة لشرع الله) والكرامة والعدالة الإجتماعية ،في صفوف أبنائها
وأخيرا .. الوطن محتاج لكل أبنائه البررة ليصلحوا ما أفسده الذين “يريدون علوا في الأرض وفسادا”.. الوطن يا سادة محتاج إلى رماة زاهدين في الغنائم ..