رئيسة البرلمان الفرنسي تعتزم زيارة المغرب.. خبراء: خطوات لتوثيق التعاون مع الرباط

تعتزم يائيل براون بيفي، رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية، القيام بزيارة رسمية إلى المغرب الأسبوع المقبل، وتأتي هذه الزيارة في أعقاب التطورات السياسية الأخيرة في فرنسا، حيث صوّتت الجمعية الوطنية، التي تتولى براون بيفي رئاستها، على سحب الثقة من حكومة ميشيل بارنيي قبل يوم واحد فقط من الإعلان عن هذه الزيارة.
وكشف “أفريكا إنتليجنس”، اليوم الخميس، أن يائيل براون بيفي ستزور المغرب في الفترة ما بين 11 و13 من الشهر الجاري. وتأتي هذه الزيارة بعد سقوط الحكومة الفرنسية وتوجه ميشيل بارنييه، البالغ من العمر 73 عامًا، إلى قصر الإليزيه لتقديم استقالته رسميًا إلى رئيس الجمهورية، مما يمهد الطريق لفترة من الغموض السياسي والاقتصادي.
هذا، وتأتي زيارة بيفي، في سياق سياسي فرنسي متأزم، إذ أنه وفي سابقة تاريخية، نجح نواب الجبهة الشعبية الجديدة في تمرير اقتراح سحب الثقة من حكومة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه، وذلك في تصويت جرى مساء الأربعاء، وقد حصل الاقتراح على 331 صوتًا، وهو ما فاق العدد المطلوب (288 صوتًا) لإقراره.
في هذا السياق أكد محمد شقير، الخبير في العلاقات الدولية، أن هذه الزيارة قد تندرج ضمن سياق تكثيف زيارات المسؤولين الفرنسيين إلى المغرب، والتي أعقبت زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون الأخيرة.
وأوضح الخبير السياسي في تصريح لـ “العمق” أن الهدف الأساسي من هذه التحركات هو توثيق التعاون بين المؤسسات التشريعية في كلا البلدين وتعزيز الزخم البرلماني المشترك.
وأشار شقير إلى أن توقيت الإعلان عن الزيارة يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت مجدولة مسبقًا أم جاءت استجابة لدعوة مغربية، لكنه شدد على أن هذه الخطوة تأتي في إطار الحراك السياسي الحالي الذي يشمل مختلف المجالات، بما فيها المجال التشريعي، بهدف توطيد العلاقات الثنائية بين الرباط وباريس.
ووفقا المحلل السياسي، عبد العزيز كوكاس، فإن هذه الزيارة تأتي وتأتي هذه الزيارة، تأتي في سياق أزمة سياسية غير مسبوقة تتمثل في الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه، بعد اعتماد مذكرة بحجب الثقة عنها.
وفي تصريح لـ “العمق”، أكد كوكاس أن لهذه الزيارة أهمية كبيرة، مشيرًا إلى أنها تأتي في خضم أزمة تعصف بفرنسا، وهي الثانية من نوعها منذ تأسيس الجمهورية الخامسة في 1958، حيث لم تشهد البلاد موقفًا مشابهًا منذ عام 1962.
وأضاف: “الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يواجه ضغطًا كبيرًا في هذه المرحلة، إذ لا يملك سوى أيام قليلة لتعيين رئيس حكومة جديد، قبيل احتفال رسمي بإعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام، بحضور شخصيات دولية بارزة، من بينها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. هذا التوقيت يفرض على ماكرون الحذر لتجنب إظهار أي ضعف سياسي”.
وفيما يخص العلاقات الثنائية بين فرنسا والمغرب، أشار كوكاس إلى أن حكومة بارنييه المقالة كانت قد وقعت اتفاقيات مهمة مع الجانب المغربي خلال زيارة ماكرون الأخيرة في أكتوبر الماضي. ويرى أن باريس تسعى من خلال هذه الزيارة إلى طمأنة الرباط بشأن استمرارية تنفيذ هذه الاتفاقيات، والتأكيد على أن التحولات السياسية في فرنسا لن تؤثر على الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وفي معرض تصريحه أكد كوكاس على أن زيارة رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية إلى المغرب تحمل أبعادًا تتجاوز البروتوكولات الدبلوماسية، إذ تعكس رغبة باريس في تعزيز الثقة مع الرباط، خاصة في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها فرنسا داخليًا وخارجيًا.
وتكتسب الزيارة المرتقبة لرئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية، يائيل براون بيفي، إلى المغرب، حسب المتحدث أهمية كبيرة، بالنظر إلى شخصية المسؤولة الفرنسية وظروف الزيارة، براون بيفي، أول امرأة تتولى منصب رئيسة الجمعية الوطنية، تم انتخابها في 28 يونيو 2022، وجددت الثقة فيها لولاية ثانية في 18 يوليوز 2024.
وأشار الخبير السياسي، إلى أن هذه المحامية والسياسية الفرنسية تعد شخصية ذات ثقل في المشهد السياسي الفرنسي، وقد لعبت دورًا بارزًا في التقارب بين باريس والرباط. ففي مارس الماضي، التقت بسفيرة المغرب في باريس، سميرة سيطايل، بعد وقت قصير من تولي الأخيرة مهامها الدبلوماسية، حيث ساهم هذا اللقاء في تخفيف حدة التوتر بين البلدين، تمهيدًا لإنهاء أزمة العلاقات الثنائية التي امتدت منذ عام 2021.
وأضاف أن وجود براون بيفي، بشخصيتها القوية وفهمها العميق للملفات المشتركة بين المغرب وفرنسا، في هذا التوقيت بالذات يُعد إشارة مهمة إلى حرص باريس على استمرار الحوار والتعاون مع الرباط، رغم الأزمة الداخلية التي تعيشها.
وتصاعدت الأزمة السياسية التي تعيشها فرنسا منذ حل الجمعية الوطنية في 9 يونيو إلى ذروتها، مع سقوط الحكومة الحالية وإقالة رئيس الوزراء بعد ثلاثة أشهر فقط من توليه المنصب، وبالتالي فإن هذا الحدث يجعل رئيس الوزراء الحالي ثاني قائد للحكومة في تاريخ الجمهورية الخامسة يُسقط عبر تصويت برلماني بحجب الثقة، بعد سابقة جورج بومبيدو عام 1962.
يذكر أن حكومة ميشيل بارنييه كانت مسؤولة عن توقيع عدة اتفاقيات تعاون مع الحكومة المغربية، عقب زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب في الفترة من 28 إلى 30 أكتوبر 2024، والتي شملت لقاءً مع الملك محمد السادس.
اترك تعليقاً