وهبي: العقوبة السجنية لم تعد الحل الأنسب والبدائل أصبحت ضرورة للردع وإعادة الإدماج

أكد وزير العدل عبد اللطيف وهبي أن العقوبة السجنية لم تعد الحل الأنسب أو الخيار الوحيد لمعالجة الجريمة، خاصة في ظل التحديات المالية والإنسانية التي تطرحها، مشددا على أن السياسة الجنائية الحديثة تتجه نحو ترشيد العقاب وتوسيع اعتماد العقوبات البديلة، بما يحقق فعالية الردع وإعادة الإدماج في آن واحد.
وأوضح وهبي أن القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة دخل حيز التنفيذ ابتداء من 22 غشت 2025، مضيفا أن إعداد هذا النص القانوني استند إلى عدد من المرجعيات الوطنية والدولية، أبرزها التوجيهات الملكية السامية، وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ومخرجات الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، ومناظرة مكناس حول السياسة الجنائية سنة 2004، إلى جانب مقترحات عدد من المؤسسات والهيئات، والمعايير الدولية في مجال تعزيز الحقوق والحريات.
وجاءت تصريحات الوزير في سياق جوابه عن سؤال كتابي تقدمت به النائبة البرلمانية لطيفة اعبوث، حول تغليب العقوبات البديلة على العقوبات السالبة للحرية في السياسة الجنائية المعتمدة.
وأشار وهبي إلى أن القانون الجديد يسعى إلى إرساء إطار متكامل للعقوبات البديلة، سواء من خلال تأصيلها قانونيا ضمن القواعد الموضوعية في مجموعة القانون الجنائي، أو عبر تحديد ضوابط إجرائية لتنفيذها ضمن قانون المسطرة الجنائية.
ويهدف هذا التوجه، حسب الوزير، إلى إيجاد حلول عملية للإجرام البسيط من خلال مقاربة تأهيلية وإدماجية، والمساهمة في التخفيف من حالات الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، موضحا أن المحكوم عليهم بأحكام نهائية لا تتجاوز خمس سنوات يمكنهم الاستفادة من هذه البدائل وفق الشروط المنصوص عليها قانونا.
وبالمقابل، أقر وهبي بوجود تحديات تواجه تفعيل هذا النظام الجديد، خاصة ما يتعلق بوعي المجتمع وتقبله لفكرة العقوبات البديلة، ومدى تشبع القضاة بفلسفة المشرع في هذا الإطار، إضافة إلى محدودية الموارد المادية واللوجستيكية.
ودعا الوزير إلى تفعيل مجموعة من الإجراءات المواكبة، من بينها التماس تطبيق العقوبات البديلة من قبل القضاة، وتوعية المجتمع بجدواها، وتوفير الإمكانيات الضرورية، فضلا عن إعداد دليل عملي استرشادي لفائدة المتدخلين، وتنظيم دورات تكوينية وندوات علمية لتأطير هذا التحول، مع الانتباه إلى ضرورة الحد من ظاهرة الوصم الاجتماعي تجاه المستفيدين من هذه العقوبات.
وأشار وهبي إلى أن منشور رئيس الحكومة رقم 2025/10، الصادر بتاريخ 16 يوليوز 2025، بشأن تنزيل القانون رقم 43.22، جاء لضمان الطابع التنسيقي والتشاركي في تنفيذ العقوبات البديلة، حيث دعا المنشور جميع القطاعات الحكومية المعنية إلى تعبئة المصالح المركزية واللاممركزة والمؤسسات العمومية للانخراط الفعلي في تنزيل هذا الورش، مع التنسيق مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج لتتبع التنفيذ.
وشدد وزير العدل على أن الإفراط في استخدام العقوبات السجنية لم يعد مجديا، خاصة في ظل تنامي الظاهرة الإجرامية وتعقيدها، معتبرا أن العقوبات البديلة باتت تحتل مكانة مركزية في السياسة الجنائية المعاصرة، لما توفره من نجاعة في تجسيد الأهداف العقابية، وتحقيق العدالة دون المساس بالكرامة الإنسانية.
ولفت المسؤول الحكومي، إلى أن التجارب الدولية أثبتت أن العقوبات السجنية، رغم كونها الوسيلة التقليدية للجزاء الجنائي، أصبحت مكلفة وغير فعالة في العديد من الحالات، ما دفع عددا من الدول إلى مراجعة سياساتها العقابية واللجوء إلى بدائل أكثر مرونة وإنصافا، مؤكدا أن المغرب ينخرط بدوره في هذا المسار الإصلاحي برؤية متدرجة ومسؤولة.
اترك تعليقاً