منتدى العمق

المختص التربوي واستغلال فراغ التشريع: الواضح العريض في الفرق بين التحديد والتخفيض

من الجهل الاعتقاد بشيء لم يكن أصلا، بل ومسايرته في إطار الرد والرد المضاد،فأن يقال: (أنه تم تخفيض عدد ساعات عمل المختصين)، فيؤسس البعض حجته على هذا الادعاء، هو جهل بالكائن أصلا والجديد، بل بمبادئ أولية في التشريع والقانون، وأما الكائن أصلا: فهو أن المختصين عاشوا في ظل فراغ قانوني، بشأن ساعات العمل، فكان الاحتجاج عليهم بمذكرة لا تعنيهم أصلا لإرغامهم على العمل بعدد الساعات التي تحددها للإدارة التربوية، وأما الجديد فهو التقنين بتحديد عدد ساعات عمل هذا الإطار أولا؛ ثم إنهاء حالة الارتباك التي كان يعيشها هذا الإطار بتحديد الهيئة التي ينتمي لها ثانيا؛ وتحديد مهامه على وجه العموم ثالثا. في انتظار إصدار قرار يدققها بشكل يتماشى مع المرسوم 140-24-2، بناء على المادة 67 منه.

 

إن الحاصل والواقع، تبعا لمبدأ سمو الدستور، الذي يرتب مبدأ تراتبية القوانين، باعتباره مبدأ دستوري، ومقياسا لمشروعية القرارات الإدارية، يقضي بأن المرسوم 140-24-2 خطوة مهمة في تقنين إطار المختص، ينبغي مراعاتها ابتداء من فاتح سبتمبر 2023، من حيث الهيئة التي ينتمي لها بما توجبه المادة 10؛ ومن حيث عدد ساعات العمل، وفق ما تقتضيه المماثلة مع هيئة التدريس، والذي جاءت المراسلة الوزارية 5161/24 معززة لها؛ ومن حيث المهام. وذلك ما من شأنه أن يكون حقوقا مكتسبة، باعتبار الحق المكتسب هو ذلك الحق الذي دخل ذمة الشخص نهائيا بحيث لم يعد في الإمكان لا نقضه ولا نزعه دون رضاء، بل حق شرعي بموجبه تتحصن المنفعة التي حصل عليها الشخص جراء قانون أو قرار إداري من الإلغاء أو التعديل، وذلك ما ينبغي العمل على بلورته في سردية وخطاب المختص، أكان من طرفه منفردا، أو في إطار تنظيم مهني.

 

كما أن ساعات العمل الأسبوعية لم يحسم فيها النقاش بعد، على العموم، بما أن السعي العام هو تخفيضها أصلا، وبما أن المادة 68 من نفس المرسوم أعطت حق تنظيمها للسلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية، بواسطة قرار، على اعتبار أنها ذيلت بما يلي: “وإلى حين صدور القرار المشار إليه أعلاه بالجريدة الرسمية، يستمر العمل بمدد التدريس الأسبوعية بمختلف الأسلاك التعليمية، المعتمدة قبل دخول هذا المرسوم حيز التنفيذ”، وعلى اعتبار أن المادة التي تليها 69 خصصت وضعا اقتضاه المستجد التشريعي (الحقوق المكتسبة)، لإطار المختص الذي كان يعيش فراغا بشأن عدد ساعات عمله، فجاءت كما الآتي: “يقوم المختصون التربويون والمختصون الاجتماعيون، بأداء نفس ساعات العمل الأسبوعية المعتمدة لأطر التدريس حسب الأسلاك التعليمية المزاولين بها، باستثناء المكلفين منهم بمهام الإدارة التربوية أو بمهام إدارية بتكليف رسمي.”، لتحدد استثناءا وحيدا مرتبطا بالتكليف، وذلك ما فتح إشكالية جديدة بشأن التمييز بين مهام الإدارة التربوية ومهام إدارية؟ وإشكالية أخرى مرتبطة بالتكليف؟

 

لذلك فإن المراسلة الوزارية 4569/24 بشأن تكليف الأطر المختصة بمهام الإدارة التربوية بصفة مؤقتة، وبناء على طلباتهم في الموضوع، قد جاءت متماشية مع المادة 5 من النظام الأساسي التي جاء فيها ما يلي: “يتمتع الموظفون بحق المعاملة المبنية على الاحترام وحفظ الكرامة وبالحماية القانونية، ولا يمكن إلزامهم بمزاولة مهام غير تلك المسندة إليهم طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل. ويخول لهم هامش معقول من حرية الإبداع والابتكار في مزاولة المهام، لا سيما في مجال التدريس، من أجل ضمان تدبير أنجع لإيقاعات التعلم وجودة التعلمات”، لتسد الباب أمام الإلزام بالتكليف، باعتباره إلزاما بمزاولة مهام غير تلك المسندة إليهم طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • أنس
    منذ 6 أشهر

    👍👍👍

  • مليكة
    منذ 6 أشهر

    تحية للاستاذ الجليل العارف بخبايا القطاع . للاسف بعض الاطر الادارية تحارب مكتسبات المختص لانها كانت المستفيد الاكبر من ذلك .