الإصلاح العمراني بالبيضاء استعدادا لمونديال 2030 يثير جدل تضرر الأسر الهشة

تُثير الأشغال الكبرى التي تشهدها مدينة الدار البيضاء في إطار التحضيرات لاحتضان كأس العالم 2030 جدلا واسعا، وسط تزايد شكاوى الأسر الهشة التي تأثرت بهذه التحولات، خصوصا تلك التي تعتمد على الاقتصاد غير المهيكل.
وتعتبر العديد من العائلات أن المشاريع الجارية ألحقت ضررا بمصدر رزقها، سواء عبر منع الباعة المتجولين من العمل في بعض المناطق التجارية أو وقف تفريخ الأحياء الصفيحية دون توفير بدائل فورية.
وفي هذا السياق، تساءل سعيد عاتيق، الفاعل السياسي والجمعوي، عن مدى استفادة جميع المواطنين من هذه التحولات، مؤكدا أن الأشغال المنتشرة في مختلف أرجاء المدينة تعكس حجم الاستعدادات الجارية، لكنها في المقابل خلّفت تداعيات اجتماعية واقتصادية على الفئات الأكثر هشاشة.
وأوضح عاتيق، في تصريح لجريدة “العمق”، أن حجم الأشغال التي تعرفها الدار البيضاء يثير الدهشة، إذ تشمل مختلف أرجاء المدينة الكبرى، وتمتد إلى شق الطرقات، وإعادة تثبيت وتمرير البنية التحتية الكهربائية والهاتفية وغيرها من المرافق المدفونة تحت الأرض.
وأضاف أن المدينة تعيش حالة استنفار غير مسبوقة، حيث تتكرر عمليات الحفر وإعادة الحفر، مشيرا إلى أن العديد من المغاربة لا ينظرون إلى تنظيم كأس العالم بتفاؤل، بل يعتبرونه عبء إضافي، مستشهدا بالمثل الشعبي: “آش خاصك أ العبد؟ خاصني خاتم، آمولاي…”.
وأشار عاتيق إلى أن المشاريع الجارية قد تعود بالنفع على المدينة من خلال إحداث نهضة عمرانية وتعزيز جمالية وتأهيل الفضاءات الحضرية، غير أن الثمن الذي يدفعه البيضاويون حاليا يتمثل في التشريد المؤقت للعديد من الأسر. وأضاف أن عمليات الهدم غالبا ما تُنفَّذ دون تعويض فوري أو توفير سكن بديل، ما يضع الأسر المتضررة في حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي.
وتابع موضحا أن الضغوط الاقتصادية التي تواجهها الفئات الهشة تتجلى في فقدان المسكن أو مصدر الرزق، لا سيما بالنسبة للباعة الجائلين الذين يعتمدون على هذه الأنشطة للبقاء. كما أن عمليات الإجلاء القسري قد تؤدي إلى تفكك مجتمعات كانت قائمة على روابط اجتماعية متينة، ما قد يخلق توترات اجتماعية متزايدة.
ولفت المتحدث إلى أن التركيز على المشاريع الكبرى التي تستهدف السياحة والاستثمار قد يفاقم الشعور بالتهميش لدى الفئات الفقيرة، مما يزيد من الفجوة الاجتماعية. وشدد على ضرورة مواكبة هذه المشاريع بسياسات اجتماعية عادلة، من خلال توفير سكن بديل قبل تنفيذ أي عملية هدم، ودعم الباعة الجائلين ببرامج إدماج اقتصادي بدل من التضييق عليهم، إلى جانب إشراك المجتمع المدني في اتخاذ القرارات لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية.
وأضاف أن الأسر البيضاوية تواجه تحديات متعددة، من بينها انقطاع التلاميذ عن الدراسة بسبب التهجير المفاجئ، حيث يجد العديد منهم صعوبة في الالتحاق بمدارس جديدة بسبب بعد المسافة أو غياب بدائل مناسبة. كما أن غياب حلول سكنية فورية يدفع بعض العائلات إلى العيش في ظروف غير لائقة، مما يهددها بالتشريد ويؤثر على استقرارها النفسي والاجتماعي.
وختم عاتيق حديثه بالتأكيد على ضرورة توفير مساكن انتقالية قبل تنفيذ أي عملية إخلاء، وضمان استمرار تعليم التلاميذ المتضررين عبر نقلهم إلى مدارس قريبة أو تقديم دعم خاص لهم. كما شدد على أهمية إشراك السكان في اتخاذ القرارات لضمان حلول عادلة تحفظ كرامتهم وحقوقهم، مع ضرورة تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة لضمان تنفيذ مشاريع إعادة الإيواء بفعالية ودون تلاعب.
اترك تعليقاً