الفريق الدستوري يقترح مفاتيح لإصلاح التعليم.. وأخنوش ينوه بتشخيصه العميق لرهانات مدارس الريادة

دعا الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي بمجلس النواب، خلال جلسة المساءلة الشهرية اليوم الاثنين، إلى ضرورة توجيه الإصلاح التربوي نحو تعميق البعد القيمي والأخلاقي، وضمان الإنصاف في تعميم مشاريع ريادة التعليم، وفي مقدمتها مشروع “مدارس الريادة”، مؤكدا أن إصلاح المنظومة التربوية لا يجب أن يقتصر على الهياكل، بل يجب أن يمتد إلى جوهر التنشئة والإعداد لجيل النموذج التنموي الجديد.
وفي هذا السياق، قالت النائبة البرلمانية وسيلة الساحلي، باسم الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، تعقيبا على جواب رئيس الحكومة عن سؤال محوري حول موضوع: “إصلاح التعليم من مدرسة الريادة إلى جامعة التميز لبناء أجيال مغرب الغد”، إن موضوع المدرسة والجامعة، وما يتفرع عنهما من تربية وتعليم وتكوين وبحث علمي، يندرج ضمن صميم الأولويات الوطنية في بعدها الإصلاحي، معتبرة أن الرهان المطروح اليوم يتجاوز مجرد إصلاح البنيات، إلى ضرورة تعميق البعد التربوي والأخلاقي في مسارات التنشئة والإعداد لأجيال مغرب المستقبل.
وأضافت أن حضور رئيس الحكومة لمناقشة هذا الموضوع يشكل لحظة سياسية مهمة، لأنه موضوع يهم الدولة والمجتمع والأسرة المغربية ومستقبل الوطن برمته.
وأكدت الساحلي أن هذا الورش الإصلاحي، الذي ينبني على التوجيهات الملكية السامية، ودستور 2011، والرؤية الاستراتيجية، والقانون الإطار 51.17، وخارطة الطريق للفترة 2022-2026، هو ما دفع الفريق إلى طرح السؤال، رغبة في الإحاطة بالمعطيات والمنجزات المحققة.
وفي تفاعلها مع ما جاء في عرض رئيس الحكومة، اعتبرت المتحدثة أن مضامينه جاءت مكملة لما سبق أن عبر عنه كل من الوزيرين المكلفين بالتعليم العالي والتربية الوطنية، سواء داخل اللجان أو في الجلسات العامة، كما بدت مطمئنة بخصوص المخاوف التي سبق أن عبر عنها الفريق، سواء بشأن النموذج الجديد للمدرسة العمومية ممثلا في “مدارس الريادة”، أو ما يرتبط بمسالك “دراسة ورياضة”، أو بخصوص استفحال أجواء العنف ببعض المؤسسات التعليمية ومحيطها.
وشددت على أن ما تم تداوله إعلاميا تحت عنوان “العنف المدرسي أو التلاميذي” يمثل “ظاهرة مقلقة ومرفوضة تربويا وأخلاقيا قبل أن تكون مجرمة من الناحية القانونية”، وهو ما يفرض، بحسب قولها، “المعالجة المستعجلة والفعالة”.
وفي السياق نفسه، نبهت إلى وجود “نقص في البعد التربوي والأخلاقي في عمليات التنشئة والتكوين والإعداد للأجيال المقبلة لمغرب الغد”، موضحة أن مسؤولية الإعداد لا تقع فقط على الأسرة والمدرسة والمنظومة الإعلامية، بل إن “مسؤولية القطاع والحكومة تأتي في الصدارة”، داعية إلى “استثمار هذا الرصيد اللامادي لصالح الرأسمال البشري وجودة إعداده”.
وبخصوص التمويل العمومي، توقفت النائبة عند الميزانية المرصودة لقطاع التربية والتكوين برسم سنة 2025، مشيدة بكونها تجاوزت 86 مليار درهم، وهو رقم غير مسبوق يهدف إلى مواصلة تنزيل خارطة الطريق، بما فيها مشروع “مدارس الريادة”، الذي يشكل نموذجا تربويا في طور التعميم والترسيخ في أفق سنة 2028.
ومع ذلك، تساءلت الساحلي، باسم الفريق الدستوري، عن الأثر الملموس لهذه الجهود على جودة التعلمات والتكوين، وعلى مدى معالجتها للاختلالات البنيوية التي تم رصدها من طرف المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الأعلى للتربية والتكوين.
كما عبرت عن تثمين الفريق “للمجهودات التشريعية والتنظيمية والبشرية واللوجستيكية المبذولة للنهوض بالقطاع”، بما يشمل “تحسين أوضاع نساء ورجال التعليم مهنيا وماديا ومعنويا”، مشددة على أن الفريق سيظل “ملحا على ضرورة التقييم المرحلي، ومراكمة الإنجازات، وإصلاح الاختلالات التدبيرية، وسد الثغرات، مع التصدي القانوني والحكامي والقضائي لكل ما يمس بمصداقية الشواهد التعليمية والجامعية”.
وحول مشروع “مدارس الريادة”، أوضحت النائبة أن الفريق “مقتنع بأهدافها وممارساتها البيداغوجية والدعم المخصص لها من أدوات رقمية ودروس إضافية وحوافز مالية”، غير أنها شددت على أن “التركيز على التعلمات الأساس من لغات ورياضيات لا يجب أن يطغى على باقي المواد، وأن العناية بفئة المتعثرين لا يجب أن تكون على حساب المتفوقين بيولوجيا”.
كما عبرت عن تخوف الفريق من محدودية قدرة هذا النموذج على تحقيق التعميم الأفقي والعمودي، بشكل يشمل مختلف الأسلاك التعليمية، داعية إلى تفادي “إعادة إنتاج الفوارق الاجتماعية والترابية من خلال مدارس الريادة”.
واعتبرت الساحلي أن “الفوارق في القدرات العقلية والبيولوجية بين الأطفال هي معطى طبيعي ينبغي استثماره، لا تهميشه”، مشيرة إلى أن هذا النموذج الريادي “يقتصر حاليا على التعليم العمومي دون الخصوصي، ويغفل اللغة الأمازيغية”، مضيفة أن “أفق 2028 يتجاوز أفق خارطة الطريق المحددة في 2026، ما يخلق ازدواجية على مستوى الابتدائي تلتقي لاحقا في الثانوي في نموذج غير متكامل”.
وشددت على أن هذه “ليست مواقف معارضة، وإنما ملاحظات ومخاوف بناءة، نأمل أن تُؤخذ بعين الاعتبار لإنجاح هذا الورش وضمان ريادته وجودته واستدامته في خدمة النموذج التنموي الجديد”.
وفي تعقيبه على مداخلات الفرق النيابية، نوه رئيس الحكومة بمداخلة الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، معتبرا أنها تضمنت مقترحات هامة.
واختتمت الساحلي تعقيبها بالتأكيد على أن “طموحنا أن نجعل من مدارسنا مشاتل يانعة لإعداد وبناء الرأسمال البشري لمغرب الغد، وأن نجعل من جامعاتنا محركات لتحقيق التنمية المستدامة، وتخريج أفواج من النخب المؤهلة لمواجهة التحديات، وإنجاح البرامج والمخططات، وتلبية الحاجيات الاجتماعية والاقتصادية بروح من الالتزام والمسؤولية والمهنية والتكوين المعرفي والأخلاقي”.
ودعت إلى “تعميق الإصلاحات التعليمية والجامعية، والتركيز على عناصر التربية والبحث العلمي والابتكار، وتفعيل الهياكل الجامعية، وإعادة النظر في الخريطة الجامعية، مع تنويع الموارد المالية عبر شراكات وتمويلات موجهة نحو البحث والابتكار، انسجاما مع مخرجات النموذج التنموي الجديد والتوجيهات الملكية السامية”.
تعليقات الزوار
التعليم ينهض بامرين: 1) الإرادة والاخلاص والمستوى العلمي من الأطر التربوية. 2) تجنيد الأطر التعليمية وتدرببهم لمواجهة تهديدات التلاميذ، سيما في مستويات الاعدادي والثانوي، وابعاد الأساتذة المرضى والاستاذات عن هذه المستويات، لان الأستاذ ينبغي ان يفرض شخصيته وقوته امام التلاميذ المراهقين. وانا شخصيا تحنبت التعليم لهذا السبب، واعرف ما يحتاجه القسم التعليمي من الصحة البدنية والنفسية.