
كشفت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، عن وجود ما وصفته بـ”تناقض صارخ ومقلق” في الإجراءات المتعلقة بالدراجات النارية من فئة 49 سنتيمتر مكعب، مؤكدة أن المواطن يتحمل وحده تبعات المخالفات بينما يسمح للمستوردين والموزعين بتوزيع هذه الدراجات دون مساءلة كافية.
وقالت التامني، في سؤال كتابي موجه إلى وزير النقل واللوجستيك، إن غياب التنسيق بين القطاعات الحكومية انعكس على تحميل المسؤولية للمواطنين بدلا من الشركات المستوردة، وهو ما يطرح تساؤلات حول فعالية المقاربة الحالية.
وأشارت إلى أن هذه الإجراءات طالت فئات اجتماعية هشة تعتمد بشكل أساسي على هذه الدراجات، خاصة الشباب والعاملين في قطاع التوصيل، مما يهدد مصدر رزقهم ويعمّق معاناتهم الاقتصادية.
وأوضحت النائبة أن غياب أي حملات تحسيسية قبل تفعيل المقاربة الزجرية أدى إلى حالة ارتباك واسعة بين المواطنين وأثر سلبا على استقرار آلاف الأسر اجتماعيا واقتصاديا، مطالبة الوزارة بتوضيح التدابير المتخذة لإطلاق حملات توعية مسبقة، وكشف أي دراسات أُنجزت لتقييم الأثر الاجتماعي والاقتصادي لهذه الإجراءات، إضافة إلى آليات التنسيق مع الجمارك ووزارة الصناعة والتجارة لضبط مسار الاستيراد والتوزيع.
كما تساءلت التامني عن نية الحكومة مراجعة المقاربة الأمنية الأحادية واعتماد استراتيجية شمولية توازن بين متطلبات السلامة الطرقية وحماية القدرة الشرائية للمواطنين، مؤكدة أن استمرار الوضع الحالي يكرس محاسبة الفئات الضعيفة مقابل التساهل مع الأقوياء اقتصاديا.
ويأتي هذا السؤال في سياق الجدل المتواصل حول الحملة الأمنية الأخيرة التي استهدفت مئات الدراجات في مختلف المدن المغربية، وأثارت ردود فعل واسعة باعتبارها إجراء يضاعف الأعباء على المواطنين البسطاء.
وفي السياق نفسه، عبر النائب البرلماني محمد أوزين عن استغرابه من البلاغ الصادر عن الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية “نارسا”، والذي يعتبر كل دراجة تتجاوز سرعتها 58 كلم/ساعة “معدلة”، ما يترتب عنه تحرير محضر وحجز الدراجة.
وأكد أوزين أن معظم الدراجات الفرنسية واليابانية الصنع تتجاوز هذه السرعة بشكل طبيعي دون أي تعديل تقني، محذرا من أن التطبيق الحرفي لهذا الإجراء قد يحرم أكثر من مليون مغربي من وسيلة تنقل أساسية ويزيد الضغط على قدرتهم الشرائية.
وأضاف أن التركيز على عنصر السرعة وحده يتجاهل عناصر أخرى مهمة مثل وزن الدراجة، جودة الفرامل، نوعية الخوذة، والبنية التقنية العامة، مشددا على أن المراقبة الفعلية يجب أن تبدأ منذ مراحل الاستيراد والمطابقة مروراً بالتوزيع، بدلا من تحميل المواطن وحده المسؤولية.
وطالب أوزين الوزارة بتوضيح حيثيات ودواعي هذا الإجراء، والإجراءات المزمع اعتمادها لضمان معيار شامل للسلامة يراعي جميع العناصر التقنية للدراجات النارية، بما يشمل مراحل الاستيراد والتوزيع قبل وصول الدراجة إلى المستهلك النهائي، واعتماد استراتيجية متكاملة تجمع بين المراقبة التقنية، التدريب، والتوعية المستمرة للمستعملين.
وكانت السلطات الأمنية قد شرعت مؤخرا في حملة وطنية واسعة بالتنسيق مع “نارسا”، للحد من الحوادث المتزايدة التي تسببها الدراجات النارية، والتي تمثل أكثر من 30% من إجمالي قتلى حوادث السير بالمغرب، وفق معطيات رسمية.
وتعتمد الحملة على أجهزة قياس السرعة المعروفة باسم “Speedomètre”، حيث تعتبر كل دراجة تتجاوز سرعتها 58 كلم/ساعة غير قانونية ويتم حجزها وإحالة محضرها على النيابة العامة.
وأسفرت الحملة عن حجز مئات الدراجات، أغلبها من الطرازات الصينية منخفضة التكلفة التي تم تعديلها ميكانيكيا لرفع سرعتها، ما أثار غضب أصحاب الدراجات الذين اعتبروا القرار عقوبة للمواطنين بدل الشركات المستوردة، وانتقدوا قيمة الغرامات المالية التي تصل إلى 30,000 درهم، واصفينها بأنها غير متناسبة مع القدرة الشرائية للمغاربة.
في المقابل، عبر بعض المواطنين عن ارتياحهم للحملة، معتبرين أن الدراجات المعدلة تسبب ضجيجا متواصلا وتهدد سلامة المارة، خصوصا الأطفال في الأحياء السكنية.
اترك تعليقاً