منتدى العمق

لماذا يقصى المفكرون ويكرم المنفذون؟ ..وجهة نظر حول لعنة الذكاء

في هذا الإسهام المتواضع أحاول الإجابة على الأسئلة التالية:
هل النجاح في النظام موهبة أم مجرد مهارة؟ لماذا يُقصى الأذكياء الحقيقيون؟ ما مصير المفكرين عبر التاريخ؟ ثم أختم بتوضيح مفهوم لعنة الذكاء.

في المجتمعات التقليدية، خاصة في السياق العربي، يرتبط النجاح بالتحصيل الدراسي والمكانة الاجتماعية. كل من يحمل لقب طبيب أو مهندس أو مسؤول يُفترض فيه الذكاء والعبقرية، لكن هذا الربط في الغالب يعكس قدرة على الانضباط أكثر مما يعكس تفوقا فكريا حقيقيا.

النجاح في النظام: مهارة أم موهبة؟
غالبية من يُصنفون كناجحين هم أشخاص أتقنوا قواعد لعبة محددة سلفا. حفظ، طاعة، اجترار. هذه صفات النظام، لا صفات الذكاء. في المقابل، الذكاء الحقيقي يتمثل في رؤية ما لا يُرى، والسؤال عما لا يُسأل، وتجاوز الحدود المفروضة.

لماذا يُقصى الأذكياء؟
لأن الذكاء خطر على البنية القائمة. الأذكياء يشككون، ينتقدون، لا يخضعون بسهولة. في أنظمة تقدس الخضوع والتراتبية، هؤلاء مصدر قلق دائم. لذا يُحاصرون، يُسكتون أو يُقصون.

أمثلة تاريخية منسية
سقراط أُعدم لأنه علم الشباب أن يفكروا. غاليليو وُضع تحت الإقامة الجبرية لأنه خالف السائد. ابن رشد نُفي لأنه حاول التوفيق بين العقل والدين. نيكولا تسلا عاش ومات منسيا، لأن عبقريته سبقت زمنه ونظامه.

لعنة الذكاء: المفهوم المسكوت عنه
الذكي يُعامل أحيانا كمعقد، مزعج، لا يُطاق. النظام يفضل المنفذين لا المفكرين، المتعاونين لا المتسائلين. في المدارس والوظائف، يتم ترقية من لا يزعج، لا من يقترح حلولا جديدة.

النتيجة؟
تحول الذكاء من نعمة إلى لعنة. من طاقة للتغيير إلى تهمة محتملة. في عالم يخاف السؤال، يصبح التفكير المستقل جريمة غير معلنة.
خاتمة
الأنظمة لا تتغير بالمنضبطين، بل بمن قرروا أن يصنعوا نظامهم الخاص. الذكاء الحقيقي ليس في الخضوع لقواعد لا يفهمها أحد، بل في إعادة بناء اللعبة من جديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • مصطفى
    منذ شهرين

    صدقت !