منوعات

الحكومة تطلق خطة شاملة لإنهاء هشاشة مربي التعليم الأولي

كشفت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة عن حزمة إجراءات متكاملة ومهيكلة تهدف إلى إنهاء الوضعية الهشة والمزرية لمربيات ومربي التعليم الأولي في المغرب، معلنة عن انطلاق رؤية إصلاحية شاملة لتحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية، والارتقاء بمكانتهم المهنية، بما يضمن رفع جودة التعليم الأولي العمومي في كافة أنحاء المملكة.

جاء الإعلان عن هذه الخطة التفصيلية في جواب على سؤال كتابي تقدم به النائب البرلماني إبراهيم اعبا عن الفريق الحركي بمجلس النواب. وأوضحت المذكرة الجوابية أن هذه التدابير تأتي تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، وتفعيلا لمقتضيات القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، بالإضافة إلى انسجامها مع توصيات النموذج التنموي الجديد، مؤكدة على اعتماد مقاربة تشاركية مع جمعيات المجتمع المدني كرافعة أساسية لتحقيق تعميم هذا النوع من التعليم، خصوصا في المناطق القروية.

وفصلت الوزارة في المحور الأول المتعلق بالدعم المالي والاجتماعي، حيث تعهدت بضمان تحسين جذري للأوضاع المادية للمربين. وأكدت على اتخاذ إجراءات صارمة لضمان انتظام تحويل الدعم المالي المخصص للجمعيات المكلفة بتدبير الأقسام المدمجة داخل المؤسسات التعليمية العمومية، وذلك بهدف تمكين هذه الجمعيات من أداء الحد الأدنى القانوني للأجور لمستخدميها دون تأخير.

وشددت الوزارة على أنها ربطت بشكل مباشر منح التمويل للجمعيات الشريكة بمدى احترامها للأجور القانونية، واعتمدت هذا المعيار كشرط أساسي في عملية اختيار شركائها مستقبلا. وأضافت الوثيقة أن الدعم الموجه سيغطي أيضا تكاليف الأقدمية والتعويضات القانونية الأخرى، مما يسهم في تحقيق استقرار مالي واجتماعي لهذه الفئة التي طالما عانت من الهشاشة.

ولعل الإجراء الأبرز في هذا السياق هو تأكيدها على إلزامية التصريح الإجباري لجميع المربيات والمربين لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهو ما سيفتح لهم الباب للاستفادة الكاملة من خدمات التأمين الصحي الإجباري ومنظومة التقاعد، بالإضافة إلى تمكينهم ابتداء من سنة 2025 من الولوج لكافة خدمات مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين، بما يشمل العلاجات والسكن والاصطياف والخدمات البنكية.

وأقرت الوزارة ضمن خطتها محورا ثانيا لتثمين مهنة مربي ومربية التعليم الأولي وهيكلتها بشكل كامل. وأعلنت في هذا الصدد عن الشروع في إعداد إطار مرجعي دقيق للمهام والكفايات المهنية، يحدد بشكل واضح المؤهلات الأساسية المطلوبة لممارسة المهنة، ويضع معايير للجودة والأداء.

وفي خطوة تهدف إلى الاعتراف بالخبرات الميدانية للمربين الحاليين، كشفت الوزارة عن وضع نظام خاص للمصادقة على المكتسبات المهنية (VAE)، والذي سيمكن من تثمين المسارات المهنية والخبرات التي راكمها المربون عبر سنوات من العمل، مؤكدة أن تفعيل هذا النظام سينطلق رسميا ابتداء من الموسم الدراسي 2025-2026. ولضمان المتابعة الدقيقة، قررت الوزارة إدماج كافة المعطيات المهنية للمربيات والمربين ضمن منظومة الإحصاء التربوي الرسمية “مسار”، مما سيتيح تتبع أوضاعهم ومساراتهم المهنية عن كثب وبشكل فردي.

وأولت الخطة الحكومية أهمية قصوى للتكوين والتأهيل المهني المستمر، حيث اعتمدت سياسة تكوينية متكاملة ومتعددة المراحل. وبحسب ما جاء في جواب الوزارة، فإن المسار التكويني يبدأ بتنظيم تكوين أساس قبلي لفائدة المربين الجدد، تشرف عليه المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي بشراكة مع وزارة الإدماج الاقتصادي ووزارة المالية، ويصل غلافه الزمني إلى 400 ساعة من التكوين النظري والتطبيقي. ويلي ذلك تكوين ميداني تكميلي يمتد إلى 550 ساعة خلال السنتين الأولى والثانية من التحاق المربي بالمهمة، لضمان التأطير والمواكبة المستمرة في بداية مساره. ولم تتوقف الخطة عند هذا الحد، بل أقرت أيضا تكوينا مستمرا سنويا يمتد لستة أيام، يركز على مستجدات التربية، والدعم النفسي، والمهارات الحياتية وأساليب التقويم الحديثة.

وأكدت الوزارة في ختام جوابها على أنها ستواكب هذه الإصلاحات بإجراءات تنظيمية صارمة لتعزيز الحكامة وضمان الشفافية. وأعلنت عن إبرام اتفاقيات إطار مع جمعيات وطنية ذات خبرة واسعة في مجال تسيير التعليم الأولي، وإلزام هذه الجمعيات باعتماد نظام معلوماتي موحد وخاص بتدبير الموارد البشرية وتتبع وضعيات المربين.

وأشارت إلى وجود تنسيق وثيق مع وزارة المالية لتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لاستدامة هذا الإصلاح. والأهم من ذلك، هو إحداث آلية تتبع مركزي دقيق تشرف مباشرة على عمليات صرف الأجور والاشتراكات الاجتماعية، وتمنحها صلاحية التدخل الفوري لمعالجة أي تأخير أو اختلال قد يطرأ، مما يمثل ضمانة قوية لتنزيل هذه الإجراءات على أرض الواقع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *