94% من السائقين خارج القانون.. النقل الذكي بالمغرب يربك القطاع التقليدي

في ظل التحولات الحضرية المتسارعة وتغير أنماط التنقل، فرضت المنصات الرقمية للنقل نفسها كخيار حديث داخل المشهد المغربي، مستفيدة من التطور التكنولوجي والانتشار الواسع للهواتف الذكية.
ومن خلال تطبيقات سهلة الاستخدام، أصبح بإمكان المواطن طلب سيارة في دقائق معدودة، والتنقل بسرعة دون الحاجة إلى انتظار سيارة أجرة أو حافلة. غير أن هذا التحول الرقمي، ورغم ما يوفره من مرونة وسرعة، يطرح تساؤلات عميقة بشأن احترام القانون وعدالة المنافسة ومستقبل النقل العمومي كقطاع استراتيجي.
وفي هذا السياق، حذر الطاهر سعدون، الباحث في السلامة الطرقية، من تنامي مظاهر الفوضى في قطاع النقل العمومي ونقل البضائع، بسبب ما وصفه بـ”التمدد غير القانوني” لبعض المنصات الرقمية التي تشتغل خارج الإطار القانوني المنظم لهذا المجال.
“تجاوزات” سيارات الأجرة تستعجل تقنين نقل التطبيقات استعدادا لـ”الكان” والمونديال
وأكد سعدون، في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أن أي نشاط اقتصادي، بغض النظر عن طبيعته، يستوجب ترخيصًا إداريًا صريحًا، خاصة إذا تعلق الأمر بقطاع حساس كالنقل العمومي. وأوضح أن هذا المبدأ منصوص عليه في الفقرة الأولى من الظهير الشريف رقم 1.63.260 المتعلق بالنقل عبر الطرق، كما تم تعديله بظهير سنة 2000، بالإضافة إلى مدونة السير المغربية التي تلزم الفاعلين بالحصول على التراخيص القانونية من الجهات المختصة.
وأضاف أن الشركات الأجنبية، بما فيها متعددة الجنسيات، تخضع عند دخولها السوق المغربية للقوانين الوطنية، وتحتكم إلى مدونة التجارة وتعمل تحت مراقبة المحاكم التجارية. غير أن عددا من المنصات الرقمية، التي يفترض أنها تعمل كوسيط في خدمات النقل، تجاوزت هذا الإطار، مما تسبب في اضطرابات داخل السوق.
وأشار سعدون إلى أن هذه المنصات، بعد حصولها على الموافقة القضائية وتأسيس هياكلها القانونية، تتجه إلى استهداف قطاعات النقل السياحي وسيارات الأجرة وسيارات “الغراند ريميز” التابعة لوزارة النقل. ورغم أن النشاط يجب أن يكون محصورًا في المهنيين المرخصين، فإن هذه المنصات توسع نشاطها ليشمل سائقين غير مرخصين، ما يشكل خرقًا واضحًا للقانون ويفتح المجال أمام منافسة غير عادلة.
إقرأ أيضا: برلمانيون يستعجلون تقنين”النقل بالتطبيقات الذكية” استعدادا للمونديال
وأوضح أن بعض هؤلاء السائقين يعملون عبر وسطاء وصفهم بـ”شبه القانونيين”، حيث لا يتوفرون على أي ترخيص صادر عن وزارة الداخلية أو وزارة النقل، ويشتغلون خارج أي تأطير قانوني. وأضاف أن “منهم من يكتري سيارة بـ200 درهم يوميًا، ويحقق ربحًا قد يصل إلى 1000 درهم، ما يخلق فوضى غير منظمة داخل القطاع”.
وكشف سعدون أن 94% من الفاعلين في هذا المجال يشتغلون خارج الإطار القانوني، في مقابل 6% فقط يزاولون عملهم بشكل منظم وقانوني، ما يعمق الفجوة بين الممارسة المشروعة وغير المشروعة، ويهدد استقرار المنظومة برمتها.
وختم تصريحه بالدعوة إلى تدخل صارم من قبل السلطات لتقنين نشاط هذه المنصات، مطالبًا بفرض التراخيص القانونية على جميع الفاعلين، وتفعيل آليات الرقابة القانونية للحد من التجاوزات التي تضر بمهنة النقل وتهدد مصالح المهنيين الحقيقيين.
اترك تعليقاً