أخبار الساعة، مجتمع

مطرح “إحدافن” يحول دمنات إلى مدينة ملوثة.. وصمت المسؤولين يفاقم الأزمة

تعيش مدينة دمنات على وقع أزمة بيئية وصحية خانقة، محورها مطرح النفايات “احدافن” الذي تحول إلى “قنبلة بيئية موقوتة” تهدد حياة السكان ومستقبل بيئتهم، في ظل ما يصفه المتضررون بـ “صمت مريب وغياب تام” للحلول من قبل الجهات المسؤولة.

وتتصاعد يوميا شكاوى سكان حي تيزغت وإكنان والأحياء المجاورة للمطرح، الذين يختنقون بالروائح الكريهة المنبعثة منه، ويعانون من انتشار الأدخنة السامة الناتجة عن الاحتراق العشوائي للنفايات. وتتفاقم معاناتهم مع تسرب “عصارة النفايات” السامة إلى التربة، مما يهدد بتلويث الفرشة المائية والأراضي الزراعية المحيطة، وهو ما ينذر بكارثة حقيقية.

صفحات محلية ضجت بصور وفيديوهات توثق الوضع الكارثي، وتتساءل عن دور الجمعيات التنموية والبيئية في مواجهة هذا “التدهور البيئي المتسارع”. وتنتقد هذه المنشورات ما تعتبره تقاعسا في تدبير الشأن المحلي، مؤكدة أن “رائحة المطرح، ورائحة الأزبال، ورائحة الماء الشروب الملوث تطارد أنفاس ساكنة دمنات وتحول أبسط تفاصيل الحياة اليومية إلى معاناة متواصلة”.

في هذا السياق، دق محمد قابة، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بدمنات، ناقوس الخطر، واصفاً مطرح “احدافن” بأنه “قنبلة بيئية تهدد صحة الساكنة وحقها في بيئة سليمة”. وفي تصريح أدلى به لجريدة العمق، أوضح قابة أن المطرح لا يخضع لأبسط الشروط الصحية والبيئية، حيث تتراكم فيه أطنان من النفايات المنزلية والصناعية دون أي معالجة، مما أدى إلى انتشار الحشرات والكلاب الضالة، وزاد من المخاطر الصحية على المواطنين، خاصة الأطفال.

وانتقد قابة بشدة “التجاهل والتسويف” الذي تتعامل به السلطات المحلية والجهوية مع هذا الملف البيئي الحارق، مشيراً إلى غياب أي تصور حقيقي لإيجاد بديل بيئي مستدام أو خطة لإعادة تأهيل المطرح. وأضاف أن هذا الوضع “هو تعبير صارخ عن غياب العدالة المجالية والبيئية، ما يستدعي يقظة جماعية وضغطاً مجتمعياً متواصلاً لإرغام المسؤولين على التحرك”.

من جانبه، عبر العضو الجماعي عبد اللطيف بوغالم، الذي ينشط على مواقع التواصل الاجتماعي، عن حالة اليأس التي وصلت إليها الأمور. وفي منشور له، تساءل بوغالم: “مدينتنا تتجه نحو الأسوأ وتسير بسرعة الضوء نحو الهاوية. أتساءل إن كان الحل بين أيدينا كساكنة أم أن الحل بين أيدينا كممثلي الساكنة”. وأشار إلى أن “كل المراسلات والكتابات والطلبات” لم تجد أذنا صاغية.

وفي السياق ذاته، حذرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بدمنات من الأضرار البيئية والاجتماعية الخطيرة التي يخلفها مطرح النفايات بمنطقة “إحدافن”، مطالبة بالتدخل العاجل لوضع حد لما وصفته بالوضع البيئي المقلق الذي يهدد صحة وسلامة الساكنة المحلية.

وأوضحت الجمعية في رسالة مفتوحة موجهة إلى عدد من المسؤولين، أن المطرح المذكور يشهد منذ سنوات تراكمات عشوائية للنفايات المنزلية والصناعية، مما أدى إلى انتشار الروائح الكريهة التي تؤثر على جودة الهواء وصحة المواطنين، وتسرب العصارة السامة إلى التربة، مع ما يشكله ذلك من تهديد مباشر للفرشة المائية والمجال الفلاحي المجاور.

وأكدت الهيئة الحقوقية أن الوضع الحالي للمطرح يتسبب في انتشار الحشرات والكلاب الضالة، ويهدد التوازن البيئي المحلي، ويؤدي إلى تدهور المنظر الطبيعي للمنطقة، معتبرة أن هذا الوضع يشكل انتهاكا للحق في بيئة سليمة الذي تضمنه المواثيق الدولية والدستور المغربي.

ودعت الجمعية في ختام رسالتها إلى فتح تحقيق حول مدى احترام المعايير البيئية والصحية في تدبير هذا المطرح، وإشراك المجتمع المدني والساكنة في أي خطة لإعادة التأهيل البيئي، بالإضافة إلى تفعيل آليات للمراقبة المنتظمة والوقاية.

يذكر أنه في صيف 2018 أكد الرئيس الحالي نورالدين السبع، الذي يشغل آنذاك نائب رئيس المجلس الجماعي لدمنات، في تصريح لجريدة “العمق” وجود مشكل حقيقي يهدد الساكنة جراء هذا المطرح الذي يستقبل آنذاك ما يزيد عن 20 طنا من النفايات بشكل يومي، مشيرا إلى أنه لا يوجد حل على المدى القريب لهذا المشكل، وقال إن المطارح العشوائية التي لا تحترم المعايير نتيجتها واحدة في كل ربوع الوطن.

وأوضح أن المجلس الجماعي بدمنات، ينظر في كيفية التخفيف من آثار هذا المطرح من خلال حراسة المطرح وفرز نفاياته وحرقها في حينها، ووجه المتحدث نداء إلى ساكنة دمنات بضرورة التعاون من خلال فرز النفايات المنزلية قبل وضعها في الأماكن المخصصة لها، كما طالب بضرورة مساهمة الجمعيات المهتمة بالبيئة والتي لها من التجارب ما يكفي لاقتراح بدائل لحماية الساكنة من هذا الخطر البيئي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *