التنمر الرقمي يثير المخاوف.. وباء صامت يهدد المغاربة وسط غياب ردع قانوني

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب في السنوات الأخيرة انتشارا متزايدا لظاهرة التنمر الإلكتروني، التي تحولت من حالات معزولة إلى ظاهرة متنامية، حيث تستعمل الصور والتعليقات والفيديوهات كسلاح للإيذاء النفسي والاجتماعي.
ويثير هذا السلوك الإلكتروني الذي بات يقابل في كثير من الأحيان بالتطبيع أو الصمت، مخاوف حقيقية من انعكاساته على الضحايا، خصوصا النساء والفتيات اللواتي يشكلن الشريحة الأكبر المستهدفة، ويجعله أحد أبرز التحديات المرتبطة باستخدام الوسائط الاجتماعية في المغرب.
وفي هذا الصدد، حذرت رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، بشرى عبدو، من تنامي ظاهرة التنمر الرقمي في المغرب، واعتبرتها من أخطر أشكال الجرائم الإلكترونية التي باتت تشكل تهديدا مباشرا للصحة النفسية والجسدية لعدد من الضحايا، خصوصا النساء والفتيات.
وقالت بشرى عبدو، في تصريح لجريدة “العمق”، إن التنمر الرقمي أصبح في الأشهر الأخيرة أحد أكثر السلوكيات انتشارا على شبكات التواصل الاجتماعي، في ظل “تطبيع” مقلق مع هذه الممارسات التي لم تعد تُستنكر من قبل عدد من رواد الفضاءات الرقمية.
وأضافت عبدو، أن العديد من النساء والفتيات اللواتي تعرضن للتنمر الرقمي أصبن بأمراض نفسية وعضوية نتيجة مباشرة لهذه الاعتداءات، مبرزة أن بعض الحالات وصلت حد التفكير في وضع حد لحياتهن عبر الانتحار، كرد فعل يائس على الظلم والإيذاء الذي تعرضن له.
وأشارت المتحدثة، إلى أن غياب إطار قانوني واضح لتجريم التنمر الرقمي يفاقم من معاناة الضحايا، موضحة أن سلوكيات مثل نشر الصور أو الفيديوهات مرفقة بتعليقات مسيئة لا ترقى إلى مستوى جرائم السب أو القذف وفق القانون الجنائي الحالي، وهو ما يمنح المتورطين نوعا من “الشرعية” للاستمرار في أفعالهم دون محاسبة، ويكرس الإفلات من العقاب.
وكشفت عبدو، أن جمعيتها عملت السنة الماضية على الترافع من أجل تبني مقترح قانون خاص بالعنف الرقمي ضد النساء والفتيات بالفضاءات الإلكترونية، مشيدة ببعض المبادرات النيابية التي تبنت المقترح جزئيا عبر تعديل القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، لكنها اعتبرت أن تجاوب السلطة التشريعية لا يزال دون المستوى المطلوب، خاصة في ظل ممارسات قد تمس الحق في الحياة باعتباره أسمى الحقوق الإنسانية.
ودعت رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، السلطة التنفيذية إلى الإسراع بتحيين الترسانة القانونية وتجريم التنمر الرقمي بشكل صريح، موازاة مع اعتماد سياسات عمومية للتحسيس بمخاطر هذه الظاهرة.
وأكدت بشرى عبدو، التزام جمعيتها بمواصلة الترافع من أجل سد الفراغ التشريعي، إلى جانب مواكبة الضحايا وتقديم الدعم النفسي والقانوني لهن، داعية مختلف الفاعلين المؤسساتيين والمدنيين إلى تحمل مسؤولياتهم لضمان فضاء رقمي آمن وخال من العنف والتمييز.
اترك تعليقاً