جدل قانوني ومالي.. تجار سوق القريعة مطالبون بأداء 15 مليار سنتيم لجماعة الدار البيضاء

أصبح تجار سوق القريعة الشهير بمدينة الدار البيضاء أمام التزام مالي ضخم يقدر بحوالي 15 مليار سنتيم، يمثل مجموع واجبات الكراء العالقة منذ سنوات طويلة، وذلك عقب قرار تحويل ملكية السوق من الشركة الوطنية للتهيئة الجماعية بالمغرب، المعروفة اختصارا بـ”صوناداك”، إلى جماعة الدار البيضاء.
هذا التحول في ملكية السوق أثار نقاشا واسعا في الأوساط التجارية والقانونية على حد سواء، خاصة وأن سوق القريعة يعد واحدا من أكبر المراكز التجارية بالمغرب، ويستقطب يوميا آلاف الزوار من مختلف المدن، ويعتبر شريانا اقتصاديا حيويا للعاصمة الاقتصادية.
مصادر مطلعة أكدت لجريدة “العمق المغربي” أن جماعة الدار البيضاء شرعت بالفعل في دراسة شاملة لوضعية السوق، تشمل مختلف الجوانب التنظيمية والمالية، وفي مقدمتها مسألة الديون المتراكمة في ذمة التجار.
كما يحرص مجلس المدينة، حسب المصادر نفسها، على الحفاظ على الطابع التجاري المميز للمنطقة وعدم الإضرار بمصالح المهنيين الذين يشكلون قاعدة واسعة من المستفيدين.
وسجلت المصادر أنه رغم وضوح قرار نقل الملكية، إلا أن عملية استخلاص المبلغ المذكور لا تزال محاطة بجدل قانوني، يرتبط أساسا بأحقية الجماعة في استلام هذه المستحقات.
ففي حين يرى البعض أن من حق مجلس المدينة المطالبة بجميع الواجبات المرتبطة باستغلال المحلات التجارية داخل السوق، باعتباره المالك الجديد، يذهب آخرون إلى ضرورة التمييز بين المستحقات القديمة التي كانت في عهد “صوناداك” وبين الالتزامات التي تترتب بعد نقل الملكية.
وأكد الحسين نصر الله، نائب عمدة الدار البيضاء المكلف بقطاع الممتلكات، أن جماعة الدار البيضاء أولت اهتماما خاصا بموضوع سوق القريعة، باعتباره واحدا من أهم وأعرق المراكز التجارية على الصعيد الوطني.
وقال نصر الله، في تصريح لجريدة “العمق المغربي” إن المجلس الجماعي تفاعل بشكل واسع مع النقاش الدائر حول تصميم التهيئة المتعلق بهذه المنطقة، وحرص على أن يبقى الطابع التجاري هو الغالب، دون أي توجه نحو تحويل العقار إلى عمارات أو مشاريع سكنية، موضحا أنه “لا وجود لأي نية لترحيل التجار أو إخلاء السوق كما يروج في بعض الأوساط”.
وأوضح نصر الله أن الجماعة تدرك جيدا القيمة الاقتصادية والاجتماعية لسوق القريعة، حيث يشكل رافعة حقيقية للتجارة الداخلية ومصدرا لعيش آلاف الأسر، مشددا على أن مجلس المدينة يتعامل مع الملف بكثير من المسؤولية والحرص، وأن “كل ما يتم الترويج له من إشاعات بخصوص الترحيل أو المضاربة العقارية لا أساس له من الصحة”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن الجماعة تعكف على دراسة حلول عملية في الأيام المقبلة لمعالجة ملف الإتاوات العالقة في ذمة بعض التجار، مؤكدا أن الهدف هو إيجاد صيغة توافقية تضمن حقوق الجماعة وتحافظ في الوقت نفسه على استمرارية النشاط التجاري دون إلحاق أي ضرر بالتجار.
وأضاف نائب العمدة أن “قضية المبالغ المالية المترتبة على تجار سوق القريعة، والتي تقدر بنحو 15 مليار سنتيم، هي في جوهرها إشكالية قانونية أكثر منها مالية، وهو ما يفرض معالجة دقيقة في إطار القانون لتوضيح الرؤية وتجاوز اللبس القائم”، لافتا إلى أن المجلس سيعمل على إشراك جميع الأطراف المعنية في الحوار لضمان حلول عادلة ومنصفة.
وختم نصر الله بالتأكيد على أن مجلس مدينة الدار البيضاء سيواصل دعمه لسوق القريعة باعتباره فضاء تجاريا ذا تاريخ طويل ورصيد اقتصادي واجتماعي مهم، وأن الهدف الأساسي هو الحفاظ على ديناميته التجارية وضمان استقراره في مواجهة مختلف التحديات التي يطرحها الواقع الحالي.
اترك تعليقاً