مجتمع

انتحار ضحية للتشهير يعيد جرائم العنف الرقمي للواجهة

عبرت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة عن تضامنها مع عائلة الشابة “وفاء” التي أنهت حياتها بمدينة خنيفرة، بعد تعرضها لحملة تشهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدة استعدادها لتقديم الدعم النفسي والقانوني لأسرة الضحية.

وقالت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، إنها تابعت بأسف شديد تفاصيل حادثة إقدام شابة على الانتحار بعد تعرضها للعنف الرقمي جراء نشر صورها الخاصة إلكترونيا والتشهير بها، مشيرة إلى استعدادها لتقديم يد المساعدة النفسية والقانونية لأسرتها من أجل انصافها.

واعتبرت الجمعية في بلاغ تضامني، أن ما وقع يكشف عن “درجات خطيرة” من تهديد النساء عبر حملات التشهير والابتزاز على الفضاء الرقمي، وهو ما يساهم في تفاقم معاناتهن ودفع بعضهن نحو الانتحار.

ودعت الجمعية، إلى التعاطي بجدية مع هذه الجرائم والتفاعل مع مطالب الحركة النسائية الرامية إلى تعديل القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.

وانتقدت الهيئة الحقوقية عدم التجاوب الجاد مع مقترح قانون خاص لمحاربة النساء والفتيات من العنف الرقمي الذي قدمته جمعية التحدي للمساواة والمواطنة في ماي 2024، لمختلف الفرق والمجموعات النيابية بمجلس النواب، معتبرة أن ذلك يسمح باستمرار حالات انتحار النساء، جراء التشهير أو التنمر أو المطاردة وغيرها من الجرائم الرقمية.

وشددت الجمعية على أن “وفاء” لم تكن سوى ضحية جديدة في سلسلة من الانتهاكات الرقمية التي تستهدف النساء والفتيات، داعية إلى تحويل هذه الفاجعة إلى لحظة وعي جماعي للضغط من أجل منظومة قانونية ومؤسساتية أكثر صرامة في مواجهة العنف الرقمي.

وبات العنف الرقمي واحدا من أكثر أشكال العنف انتشارا في العصر الحديث، إذ لم تعد منصات التواصل الاجتماعي مجرد فضاءات للتعبير والتواصل، بل تحولت في حالات كثيرة إلى ساحات للتشهير والتنمر والمطاردة الرقمية.

ويطرح هذا الوضع في المغرب تحديات كبرى على المستويين القانوني والاجتماعي، خاصة في ظل غياب آليات ردع فعالة وضعف وعي المستخدمين بخطورة السلوكيات الرقمية المسيئة.

وتشير تقارير جمعيات حقوقية إلى أن التشهير الإلكتروني يتصدر قائمة أشكال العنف الرقمي، حيث يستهدف بالدرجة الأولى النساء والفتيات عبر نشر صور أو مقاطع خارج سياقها، أو تلفيق اتهامات باطلة، أو إطلاق حملات تنمر جماعية.

ويرى حقوقيون أن الترسانة التشريعية الحالية في المغرب، رغم إدراجها لبعض العقوبات في إطار القانون الجنائي والقانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، ما زالت قاصرة عن التصدي لمختلف أشكال العنف الرقمي، إذ يتيح الفضاء الافتراضي للمعتدين التخفي وراء حسابات وهمية أو خارج نطاق الاختصاص الترابي للسلطات، مما يجعل إثبات الجرائم ومتابعة مرتكبيها مهمة معقدة.

وفي مواجهة هذه التحديات، تتزايد الدعوات إلى إقرار قوانين أكثر صرامة وشمولية لمكافحة العنف الرقمي، مع تعزيز قدرات الأجهزة الأمنية والقضائية في التتبع الرقمي، وتكثيف حملات التوعية المجتمعية حول الاستخدام الآمن والمسؤول للإنترنت.

وتعتبر الهيئات الحقوقية، أن انخراط المجتمع المدني في رصد الظاهرة والترافع بشأنها يمثل رافعة أساسية لتغيير العقليات والضغط من أجل إصلاحات ملموسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *