المغرب يراهن على الموانئ لتسريع النمو..مركب جديد بالبيضاء لدعم التنافسية والاستثمار

في إطار دعم التوجهات الاستراتيجية للمغرب نحو مضاعفة الناتج الداخلي الخام وتعزيز جاذبيته الاستثمارية، يأتي تدشين المركب المينائي الجديد للدار البيضاء كأحد المشاريع المهيكلة الهادفة إلى تطوير البنية التحتية المينائية واللوجستية. باستثمار يتجاوز خمسة مليارات درهم، يشكل المشروع امتدادا للتجربة المغربية الناجحة في طنجة المتوسط، ويراهن على توسيع العرض المينائي وتحسين تنافسية المغرب في مجال الصادرات والخدمات السياحية
وفي هذا السياق،أكد المحلل الاقتصادي محمد جدري، أن تدشين المركب المينائي الجديد للدار البيضاء، الذي أشرف عليه الملك محمد السادس، يشكل خطوة استراتيجية في إطار تحديث البنية التحتية للمملكة وتعزيز تنافسيتها الاقتصادية، مشيرا إلى أن المشروع يندرج ضمن رؤية شاملة تروم مضاعفة الناتج الداخلي الخام وتحقيق تحول اقتصادي عميق.
وأوضح جدري في تصريح لجريدة “العمق”، أن المغرب يعتمد اليوم على رؤية اقتصادية واضحة، تهدف إلى مضاعفة الناتج الداخلي الخام من حوالي 130 مليار دولار سنة 2021 إلى أزيد من 260 مليار دولار بحلول عام 2035، وهو ما يتطلب، حسب قوله، بنية تحتية متطورة من الجيل الجديد تشمل الموانئ والمطارات وشبكة الطرق والسكك الحديدية.
وأضاف أن المشروع الجديد لا يقتصر فقط على تعزيز العرض المينائي، بل يواكب طموحات المغرب في جذب الاستثمارات وتحسين سلاسل التوريد والتصدير، لافتا إلى أن تقوية البنية التحتية المينائية عامل أساسي لضمان انسيابية التبادل التجاري وتنمية الاقتصاد الوطني.
وبخصوص تفاصيل المركب المينائي الجديد، أشار جدري إلى أنه يعالج ثلاث قضايا رئيسية. أولها إنشاء ميناء صيد من الجيل الجديد يضم جميع المرافق والخدمات المتعلقة بالتخزين والتعبئة والتوزيع في فضاء واحد، ما يسهل عمليات التسويق ويطور سلاسل القيمة. ثانيها ورشة متخصصة لصيانة وتحديث السفن، من شأنها تجاوز إكراهات قائمة منذ سنوات في هذا المجال. أما الثالث، فهو تجهيز البنية المينائية لاستقبال البواخر العملاقة والسفن السياحية الدولية.
وأوضح المتحدث أن هذا التوجه يتماشى مع أهداف المغرب السياحية، وعلى رأسها استقطاب 26 مليون سائح بحلول عام 2030، حيث سيسهم الميناء في إدراج الدار البيضاء ضمن الوجهات المفضلة للبواخر السياحية الكبرى، مما سينعكس إيجابا على النشاط التجاري والخدماتي بالمدينة.
كما أبرز أن هذا المشروع يعزز العرض المينائي الوطني، الذي يتصدره ميناء طنجة المتوسط، المصنف ضمن أكبر عشرين ميناء عالميا، إلى جانب المشاريع المهيكلة الجارية كميناء غرب الناظور وميناء الداخلة الأطلسي.
وختم جدري تصريحه بالتأكيد على أن الغلاف الاستثماري المخصص للمشروع، والذي يتجاوز خمسة مليارات درهم، سيحدث دينامية اقتصادية قوية، من خلال خلق آلاف مناصب الشغل، وتحقيق قيمة مضافة معتبرة، وتحديث أحد أبرز الموانئ المغربية ليضاهي نظيريه في طنجة والناظور.
يذكر أن الملك محمد السادس أشرف، خلال زيارته للعاصمة الاقتصادية، على تدشين سلسلة مشاريع كبرى في إطار إعادة هيكلة وتحديث المركب المينائي للدار البيضاء، باستثمارات إجمالية ناهزت 5 مليارات درهم. وتشرف على هذه المشاريع الوكالة الوطنية للموانئ، وتشمل تهيئة ميناء صيد جديد، وورش إصلاح السفن، ومحطة متخصصة في الرحلات البحرية، إضافة إلى مجمع إداري حديث يضم مختلف المتدخلين في المجال المينائي.
ويهدف ميناء الصيد الجديد، الذي رصد له غلاف مالي قدره 1.2 مليار درهم، إلى تحسين ظروف عمل البحارة وتثمين المنتوجات البحرية، فيما سيمكن ورش إصلاح السفن، الذي بلغت كلفته 2.5 مليار درهم، من إعادة هيكلة قطاع حيوي واستقطاب استثمارات جديدة. أما محطة الرحلات البحرية، فقد صممت بطاقة استيعابية تصل إلى 450 ألف مسافر سنويا، ما من شأنه تعزيز جاذبية المدينة السياحية ورفع قدرتها على استقبال البواخر الدولية.
وتسعى هذه المشاريع مجتمعة إلى ترسيخ مكانة الدار البيضاء كقطب اقتصادي وسياحي متكامل، وتعزيز تكاملها مع ميناء طنجة المتوسط، ورفع موقعها التنافسي ضمن شبكة الموانئ العالمية.
اترك تعليقاً