منتدى العمق

أنت بركم وأنا نفهم.. عن جماعة الكنزرة أحدثكم

جماعة الكنزرة أو كما يحلو للبعض تسميتها بالقنصرة هي جماعة قروية تابعة للنفوذ الترابي لإقليم الخميسات ضمن جهة الرباط سلا القنيطرة بالمغرب. تلك الجماعة القروية التي حباها الله بمؤهلات طبيعية زخرة، حيث تمتزج غابات الصنوبر والبطم والسرو والأوكاليبتوس وشتى أصناف النباتات الأخرى مع شعبان أخاديدية ووديانٍ ساحرةٍ تتلوّى بين التلال المنبسطة والهضاب المنحدرة والجبال الشاهقة لتعطي منظرا أخاذا يسر الناظرين. تتمتع المنطقة بأراضي زراعية خصبة شاسعة تزرع فيها مختلف أنواع الحبوب والحوامض والفوميات والقثائيات والعدسيات والبصليات. فضلا عن ذلك تتوفر الكنزرة على ثاني أقدم سد مائي في المغرب يروي ظمأ ساكنة الإقليم بماء عذب فرات، كما يقوم بتوليد الطاقة الكهربائية، مما يجعله ركيزة أساسية للتنمية والاستقرار في الاقليم.

أما من ناحية الموارد البشرية، فهي سواعد أشداء لا تعرف لا الملل ولا الكلل، ونفوسٌ تَشِبّ على العطاء. إنهم أبناءُ جماعة الكنزرة الأبطال، نموذجٌ فريد في الصبر والإصرار، نحتوا حياتهم من صخر التحديات وحجر الرهانات، فصنعوا من الجد تألقا، ومن العملِ تميزا. فأبناء الكنزرة في الحقول يحرثون الأرض ويمارسون الحراجة والبستنة بتفان وإتقان، ويسقون بذور الأمل حتى تثمر خيراً ورغداً. بينما يتخصص جزء آخر في التجارة وتربية المواشي. كما تُسهم شريحة كبيرة من مهاجري المنطقة في دعم الاقتصاد المحلي عبر تحويلاتهم المالية التي تُعد مصدرا مهما للعملة الصعبة في بلادنا.

لكن قصص التاريخ علمتنا أن لكل قرية مفسديها ومترفيها، وهذا ما أخبرنا به الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز في هذه الآية الكريمة من سورة الاسراء “وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا”. فإن جماعة الكنزرة وبتواطؤ مع بعض ممثلي ساكنتها وفساد بعض رموز سلطتها، قد تحالفت عليها كل قوى الشر والفساد القادمة من كل ربوع وطننا الحبيب فجعلوها مرتعا خصبا لاستنزاف مواردها الطبيعية وتلويث مواردها المائية وتدمير بيئتها والاخلال بتوازنها الطبيعي، فضلا تدهور تربتها وغطائها النباتي، كما جعلوا أعزة أهلها أذلة وشبابها عبيد وصحاحها مرضى وكذلك يفعلون.

ولعل أبرز مثال صارخ على التدمير الممنهج الذي تتعرض له جماعة الكنزرة، يتمثل في الانتشار الجنوني والعشوائي لوحدات تربية الدواجن، التي تشكل تهديداً مباشراً لصحة ساكنة المنطقة ومصادر عيشها. حيث يتجلى خطرها في انبعاث الروائح الكريهة وتكاثر الحشرات والقوارض التي تُشكل بؤرا للأمراض، خاصة للفئات الهشة كالأرجيين والأطفال وكبار السن. كما تُسرع هذه الوحدات من استنزاف الفرشة المائية المتدهورة أصلاً، وتُعرض المياه الجوفية للتلوث بسبب تسرب النفايات السائلة والمواد الكيماوية، مما يهدد المصدر الوحيد للشرب والسقي. بالإضافة إلى ذلك، تُقيم هذه الوحدات دون دراسات جدوى أو تقييم للأثر البيئي، مما يُخل بالتوازن الطبيعي الهش للمنطقة ذات الطابع السكني والفلاحي، ويصاحب ذلك تلوث سمعي بسبب الضجيج المستمر الذي ينتهك حق السكان في العيش في بيئة هادئة. وتتعمق المأساة عندما تُفرض هذه الوحدات دون إشراك المجتمع المحلي أو الأخذ برأيه، مما يقوض السلم الاجتماعي ويتجاهل رفض السكان القاطع لمثل هاته المشاريع المدمرة، في تجاهل صارخ لحقهم في المشاركة مما يهدد استقرار المنطقة اجتماعيا وبيئيا.

لقد آن الأوان لأن يتجرد عقلاء جماعة الكنزرة عن منطق الحسابات الضيقة، وأن يضع ممثلو السلطة أمن البلاد وسلامة ساكنته فوق كل اعتبار، حماية لهم من أي خطر داهم نحن في غنى عن تبعاته.

فلتحيا الكنزرة وتعيش ساكنتها في أمن وسلام، تحت راية: الله – الوطن -الملك

ولا عزاء للفاسدين أعداء البشرية والطبيعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *