مجتمع، منوعات

بنسليمان على حافة العطش.. فوضى الآبار العشوائية تستنزف الفرشة المائية

تشهد مناطق واسعة من إقليم بنسليمان انتشارا متزايدا لظاهرة حفر الآبار العشوائية داخل الضيعات والأراضي الفلاحية، حيث يسابق العديد من أصحاب الأراضي الزمن لاستخراج المياه الجوفية دون الحصول على التراخيص القانونية من السلطات المختصة.

وبات هذا وضع يثير مخاوف متزايدة لدى الساكنة والمهتمين بالشأن البيئي، بالنظر إلى تهديده المباشر للفرشة المائية وللمستقبل المائي بالإقليم.

وبحسب معطيات محلية، فإن عددا من الفلاحين يلجؤون إلى حفر آبار بشكل غير قانوني لتلبية حاجياتهم من مياه السقي، مستغلين ضعف المراقبة وغياب الصرامة في تطبيق القانون.

ويمارس هذا النشاط، وفق الشهادات المتداولة، في أوقات مختلفة، سواء خلال الليل بعيدا عن الأنظار أو في واضحة النهار، حيث تتحرك آليات الحفر بشكل اعتيادي دون تدخل يُذكر من الجهات المعنية.

ويحمّل حقوقيون وفعاليات مدنية المسؤولية في تفاقم هذه الظاهرة إلى عدة أطراف، في مقدمتها السلطات المحلية التي لم تفعل بعد الآليات القانونية الكفيلة بالردع، ووكالة الحوض المائي باعتبارها الجهاز التقني المكلف بحماية الموارد المائية، إضافة إلى المنتخبين الذين يفترض فيهم القيام بدورهم الرقابي والدفاع عن المصلحة العامة، فضلا عن أصحاب الضيعات الذين يسعون وراء مصالح خاصة ولو على حساب الأمن المائي للجماعة والإقليم.

وحذر حقوقيون على حد سواء من الاستمرار في هذا الاستنزاف العشوائي للموارد المائية سيؤدي إلى انعكاسات خطيرة على المدى المتوسط والبعيد.

وارتفعت أصوات تطالب بتدخل عاجل وحازم من طرف السلطات المختصة، من خلال وقف كل عمليات الحفر غير القانونية، وحجز آليات الحفر المستعملة، مع تفعيل المتابعات القضائية ضد المخالفين، حتى لا تتحول الظاهرة إلى أمر اعتيادي يرسخ ثقافة الإفلات من العقاب.

وأكد الفاعل الحقوقي بإقليم بنسليمان، محمد متلوف، أن ظاهرة حفر الآبار العشوائية باتت تتفاقم بشكل مثير للقلق، حيث تُمارس هذه الأنشطة في بعض المناطق ليلاً بعيدا عن الأنظار، وأحيانا في واضحة النهار أمام أعين الجميع، دون أي رادع حقيقي يوقف هذا النزيف المائي.

وأوضح متلوف، وهو عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تصريح لجريدة العمق المغربي، أن جميع المتدخلين معنيون بهذا الوضع الخطير، مشددا على أن المسؤولية مشتركة بين السلطات المحلية التي يفترض أن تسهر على احترام القانون، ووكالة الحوض المائي باعتبارها الجهة التقنية المكلفة بحماية الموارد المائية، والمنتخبين الذين عليهم تحمل دورهم الرقابي والتنموي، فضلا عن أصحاب آليات الحفر الذين يستغلون ضعف المراقبة لتحقيق أرباح سريعة على حساب المصلحة العامة.

وأشار الحقوقي ذاته إلى أن هذه الممارسات لا تهدد فقط الفرشة المائية الحالية، بل تضرب في العمق مستقبل الأمن المائي بالإقليم، في ظل سياق وطني يواجه فيه المغرب تحديات متصاعدة مرتبطة بندرة المياه والتغيرات المناخية.

وأضاف أن التهاون في التعاطي مع هذه الظاهرة يمثل تهديدا مباشرا لحق المواطنين في الحصول على الماء كأحد أهم الحقوق الأساسية.

وفي هذا السياق، دعا متلوف إلى تحرك عاجل وحازم من قبل الدولة، مطالبا السلطات بتفعيل آليات المراقبة والردع، واتخاذ إجراءات صارمة في حق كل من يخرق القانون، حتى لا تتحول الظاهرة إلى أمر عادي يرسخ ثقافة الإفلات من العقاب.

كما شدد على ضرورة إدماج المجتمع المدني في تتبع هذا الملف، من خلال حملات توعوية وتحسيسية تبرز خطورة الاستغلال المفرط والعشوائي للموارد المائية.

وختم المتحدث بالتأكيد على أن الاستمرار في التغاضي عن هذه التجاوزات سيؤدي لا محالة إلى تفاقم الوضع أكثر، حيث ستتعمق أزمة الماء في الإقليم خلال السنوات المقبلة، لتصل إلى مستويات قد تهدد الأنشطة الفلاحية والعيش اليومي للسكان على حد سواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *