مجتمع

دراسة تكشف انهيار مبيعات الصحف الورقية بأكثر من 50% وتوقعات بتفاقم الأزمة في 2025

دقت دراسة حديثة للجمعية الوطنية للإعلام والناشرين ناقوس الخطر بشان الوضعية الكارثية التي وصلت إليها الصحافة الورقية بالمغرب، كاشفة بالأرقام عن انهيار غير مسبوق في المبيعات وتراجع مهول في عدد النسخ المطبوعة، مقابل تآكل حصتها من سوق الإعلانات، مما يضع النموذج الاقتصادي لغالبية المنابر المكتوبة في حالة موت سريري.

وكشفت الأرقام الصادمة، التي تضمنها تشخيص لواقع قطاع الصحافة قدمه محمد الهيتمي، المدير العام لمجموعة “لوماتان”، أن معدل المبيعات اليومية لكل منبر ورقي هوى بشكل عمودي من 4300 نسخة في سنة 2019 إلى 1850 نسخة فقط في متم سنة 2024، أي بنسبة انخفاض بلغت حوالي 57%. وأظهرت الوثيقة ذاتها أن التوقعات لسنة 2025 تزيد المشهد قتامة، حيث من المرتقب أن يستمر النزيف لتصل المبيعات إلى 1665 نسخة فقط.

وبالتوازي مع انهيار المبيعات، أظهرت معطيات شركة التوزيع “سابريس”، التي استند إليها التقرير، أن نسبة المرجوعات سجلت مستويات قياسية، حيث استقرت في حدود 56% خلال سنة 2024، مع توقعات بارتفاعها إلى 57% في 2025. وسجل المصدر ذاته معطى أكثر خطورة، يتمثل في كون 24% من اليوميات الوطنية تتجاوز نسبة مرجوعاتها 90%، مما يعني أنها تطبع لتذهب مباشرة إلى الإتلاف.

وأكدت الدراسة أن هذا النزيف انعكس بشكل مباشر على أرقام السحب الإجمالي للصحف والمجلات، حيث أظهرت إحصائيات شركة “لومَاتَان” للطباعة انخفاضا مدويا في عدد النسخ المسحوبة من 39.6 مليون نسخة سنة 2019 إلى 18.3 مليون نسخة فقط في 2024، وهو ما يمثل تراجعا بأكثر من النصف خلال خمس سنوات فقط.

وعلى المستوى المالي، أبرزت الوثيقة أن الصحافة المكتوبة فقدت معركتها لجذب الاستثمارات الإشهارية، حيث لم تتجاوز حصتها من إجمالي سوق الإشهار بالمغرب 7% فقط خلال سنة 2024، بقيمة لا تتعدى 0.5 مليار درهم، في حين استحوذ التلفزيون والإعلانات الخارجية والراديو على الحصة الأكبر. وتوقع المصدر أن تواصل الصحافة الورقية فقدان جاذبيتها لتنخفض حصتها إلى 6% خلال سنة 2025.

وخلص التشخيص إلى أن النموذج الاقتصادي للمقاولة الصحفية الورقية يعيش أزمة وجودية حقيقية، تتمثل في تراجع حاد للمقروئية واندحار شبه كلي لمداخيل الإشهار والإعلانات، وهو ما يضع القطاع بأكمله، حسب التقرير، في “حالة تنفس اصطناعي” ويدفع المستثمرين للعزوف عنه باعتباره قطاعا “غير مربح ولا مستقبل له”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *