“أتومان”.. أول “بطل مغربي خارق” يشعل الجدل في مهرجان الفيلم بطنجة

أثارت مشاركة فيلم “أتومان أو رجل الريح” للمخرج أنور معتصم، ضمن المسابقة الرسمية للدورة الـ25 من مهرجان الفيلم الوطني بطنجة، نقاشا واسعا في الأوساط السينمائية المغربية، بين من اعتبرها خطوة جريئة في محاولة خوض مغامرة “فيلم الأبطال الخارقين”، وبين من رأى فيها مثالا واضحا على ضعف الرؤية الفنية والاختيارات الجمالية.
الناقد السينمائي فؤاد زويريق كان من أبرز الأصوات المنتقدة، إذ عبر في تصريح لجريدة “العمق” عن استغرابه من إدراج الفيلم ضمن المنافسة الرسمية، معتبرا أن العمل يفتقر إلى أبسط مقومات الفيلم السينمائي الجيد، سواء من حيث الفكرة أو البناء الفني.
ويرى زويريق أن “أتومان” قدم تجربة مرتبكة لا تحمل ملامح فنية متميزة، واصفا إياه بأنه “فيلم كاريكاتوري مستفز” يصعب إيجاد أي عنصر فني أو تقني يستحق الإشادة بداخله، وفق تعبيره.
واعتبر زويريق، أن المخرج حاول تقليد نماذج هوليوودية لأفلام الأبطال الخارقين مثل “سوبرمان” و”الماتريكس”، لكنه قدم نسخة هجينة وضعيفة، لا تنتمي بوضوح إلى أي هوية ثقافية أو لغوية، مضيفا أن فالفيلم صُور بالفرنسية، واستخدمت فيه فضاءات مغربية وكأنها مجرد ديكور غريب، مما جعله يفقد عمقه المحلي ولا يقدم رؤية مغربية حقيقية.
من أبرز النقاط التي انتقدها زويريق ركاكة السيناريو الذي وصفه بأنه “مبعثر ومليء بالفوضى السردية”، إضافة إلى ضعف الإخراج وعشوائية المونتاج والتقطيع، مشددا على أن الشخصيات جاءت مصطنعة ومبالغ فيها، ولم ينج أي ممثل من هذا الخلل، ما جعل المشاهدة، بحسبه، تجربة ثقيلة “تضيع من وقت المشاهد أكثر مما تقدم له”.
وأشار زويريق، إلى أن المخرج قدم الفيلم في أحد اللقاءات باعتباره “أول فيلم مغربي إفريقي عن بطل خارق”، وهو ما نفاه الناقد مؤكدا أن السينما المصرية سبقت إلى هذا النوع قبل عقود، ما يجعل هذا الادعاء غير دقيق، وفق تعبيره.
كما اعتبر الناقد السينمائي، أن حضور الفيلم في المهرجان الوطني لا يعني التشكيك في نزاهة لجنة الانتقاء، لكنه يرى أن هناك أعمالا أخرى عرضت عليه كانت أجدر بالاختيار من هذا الفيلم، الذي اعتبر أن الاحتفاء به “مبالغ فيه”.
ولم تقتصر الملاحظات على زويريق وحده، إذ اعتبر عدد من مشاهدي الفيلم عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أن العمل يعكس حالة من “التخبط السينمائي” من حيث القصة المشتتة التي تمزج بين الأساطير الإغريقية والأمازيغية دون انسجام، والمؤثرات البصرية التي بدت بدائية مقارنة بما تطمح إليه الفكرة.
يشار إلى أن الدورة الخامسة والعشرين من مهرجان الفيلم الوطني، التي ستقام بمدينة طنجة ما بين 17 و25 أكتوبر 2025، تعرف مشاركة 15 فيلما روائيا طويلا ضمن المسابقة الرسمية، إلى جانب مسابقات للأفلام القصيرة والوثائقية.
ومن بين أبرز الأفلام المتنافسة: “آفريكا بلانكا” لعز العرب العلوي، “الوصايا” لسناء عكرود، “في حب تودا” لنبيل عيوش، و”المرجا الزرقا” لداوود أولاد السيد، إضافة إلى فيلم “أتومان” الذي دخل المسابقة مثيراً لجدل نقدي غير مسبوق.
ويعد “أتومان” أول تجربة في تاريخ السينما المغربية يسرد قصة بطل خارق، وهو من إخراج أنور معتصم، سيناريو عمر مراني، وبطولة سارة برليس، لارتيست، راوية، سامي ناصري، كوثر بودراجة، عواطف لحماني، إضافة إلى ممثلين من تونس وفرنسا.
وتتمحور قصة الفيلم حول “حكيم”، شاب يكتشف في مسار تحوله امتلاكَه لقوة روحية كامنة، نابعة من جذوره الثقافية وارتباطه العميق بالبيئة. هذه القوة تمنحه القدرة على التصدي لاختلالات تهدد توازن العالم المعاصر.
ويطرح “أتومان” في سياق حكايته قضايا جوهرية، من بينها التغير المناخي، الجريمة السيبرانية، والتوتر القائم بين الموروث الثقافي وإيقاع الحداثة، في معالجة تجمع بين البعد الرمزي والطرح الواقعي.
وجرى تصوير مشاهد الفيلم في مجموعة من المواقع المغربية حيث كشف عن جماليات أماكن لم يتم تناولها سابقا في السينما الوطنية، من بينها: كهوف فريواطو بتازة، قصبة تيزركان في الأطلس الصغير، الإيكودار، ومحطة الطاقة الشمسية نور في ورزازات، التي تمثل رمزا للتحول البيئي في المغرب.
اترك تعليقاً