حزب “الأسد” يطلق نداء لتجنيب المغرب “السكتة القلبية” ويطالب بعفو ملكي عن معتقلي الحراكات

أطلق الحزب المغربي الحر في البيان الختامي لمؤتمره الوطني الخامس، نداء من أجل تجنيب المغرب ما وصفه بـ”السكتة القلبية” في المسار الديمقراطي، مطالبا في الوقت نفسه بمنح عفو ملكي على كافة المعتقلين على خلفية الحراكات الشبابية، ضمن دينامية حقوقية متجددة باستحضار روح الإنصاف والمصالحة.
وأوضح حزب “الأسد” أنه يطلق نداءً من أجل “المسارعة إلى الإنصات الجدي لكافة التعبيرات والمطالب، في أفق إطلاق إصلاحات عميقة وجذرية تكون قادرة على صيانة المكتسبات، وتحصين الأمة من مخاطر السكتة القلبية والتدخلات الخارجية وحماية الاستقرار واستمرارية المؤسسات” وفق تعبيره.
وقال الحزب إن دعوته هاته تأتي ضمن التمسك بمرجعيات المملكة ورصيدها ومكتسباتها في احترام حقوق الإنسان، كما هي متعارف عليه دوليا، بفضل سياسة الملك محمد السادس، مع تعزيزها بنفس جديد من الانفراج الحقوقي من خلال عفو ملكي عن كافة المعتقلين على خلفيات تعبيرية.
وعبر الحزب عن تضامنه المطلق مع “كافة التعبيرات الشعبية السلمية المطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية”، مؤكدا أن أعضاءه “جزء لا يتجزأ من كافة التعبيرات الحضارية ويحرصون على التأكيد على رفضهم القطعي للعنف أو المساس بالممتلكات الخاصة والعامة”.
ونبه البيان الختامي لمؤتمر الحزب -تتوفر “العمق” على نسخة منه-، إلى ما اعتبره “تراجع مصداقية المسار الديمقراطي المغربي خلال السنوات الأخيرة، وما نتج عن ذلك من تراجع ثقة المواطنين في جدوى المشاركة السياسية والعملية الانتخابية ومصداقية المؤسسات المنتخبة”.
واعتبر أن تراجع الثقة “نتيجة طبيعية للتساهل مع الاستعمال المفرط للمال والحياد السلبي أمام شبكات الريع والفساد ومافيا المخدرات التي ولجت إلى المشهد الحزبي والانتخابي”، منبها المواطنين إلى “مخاطر احتكار العمل السياسي من طرف هذه اللوبيات، وهو ما يجعل المؤسسات عرضة للاختراق ويزيد من منسوب اليأس والعزوف لدى المواطنين والشباب”.
إطلاق عملية لـ”الإنعاش”
وفي هذا الصدد، اقترح المؤتمر الوطني الخامس للحزب، “إطلاق عملية شاملة لإنعاش الدينامية السياسية، وذلك بإعادة النقاش الدستوري على طاولة الحوار من خلال قراءة نقدية لكافة النقائص والاختلالات التي برزت خلال 14 سنة من التطبيق”.
وشدد على ضرورة “تكريس الملكية الدستورية كضامن للاختيار الديمقراطي وحريات المواطنين، وتقوية اختصاصات السلطة التشريعية ومؤسسات الحكامة، وتعزيز استقلالية قضاء الحكم مع ضمان آليات للرقابة على التطبيق السليم للقانون”.
وفي نفس السياق، دعا الحزب إلى إعادة النظر في استقلالية جهاز النيابة العامة، “في أفق جعلها مؤسسة ضامنة لحقوق الأفراد والمؤسسات والمجتمع في إطار تنفيذ السياسة الجنائية تحت وصاية السلطة التنفيذية ورقابة السلطة التشريعية، مع تكريس حصانة المؤسسات الدستورية والوطنية الضامنة لاستقرار الوطن وحدوده وأمنه وسيادته في ظل تقلبات دولية وتهديدات أمنية متصاعدة”.
وشدد الحزب على “ضرورة تكريس حرية التعبير والإعلام والصحافة مع ضمان استقلالية أجهزتها النقابية والتأديبية، ومكافحة كافة الآلات والمنصات الإعلامية المتخصصة في العنف الرقمي والتشهير بالمواطنين والنبش في حياتهم الخاصة ضدا على القانون بما يخلق حالة من الرعب والترهيب لدى الأفراد والمؤسسات”.
كما دعا إلى تقوية الوسائط المجتمعية وتعزيز اختصاصاتها وحضورها وحماية المنتسبين إليها، خصوصا الأحزاب السياسية والنقابات وجمعيات المجتمع المدني وهيئات المحامين وكافة المدافعين عن حقوق الانسان.
وطالب حزب “الأسد” بـ”محاربة كافة أشكال الفساد وهدر المال العام والاغتناء غير المشروع، في إطار تنزيل سياسات صارمة ومستعجلة لاسترداد الأموال المنهوبة والمهربة، بما يغني الخزينة العامة في احترام تام لعمل السلطة القضائية وقرينة البراءة والحق في المحاكمة العادلة”.
وعلى مستوى الجيل الجديد من الإصلاحات والنخب السياسية، اعتبر الحزب أن المطالب والتعبيرات الشبابية “كشفت الحاجة الملحة لإصلاحات هيكلية وعميقة في السياسات العمومية، يقودها جيل جديد من النخب السياسية القادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وضمان العدالة والاستقرار للمواطنين”.
ويرى الحزب أن التجربة الحكومية الحالية “أبانت عن فشل السياسات الحالية في ضبط الأسعار وحماية القدرة الشرائية، في ظل تنامي مظاهر الاحتكار والخلط بين السلطة والتجارة وتضارب المصالح، والفساد وهدر المال العام، والإعفاءات والامتيازات الريعية”.
وأشار إلى أن هذه الاختلالات رفعت من منسوب البطالة واتساع رقعة الفقر والهشاشة والفوارق المجالية، وهو ما أضحى يهدد بقوة أمن المغاربة في مجالات الطاقة والتغذية والماء والتعليم والصحة وأصبح عاملا للاحتقان الشعبي والسلم الاجتماعي، وفق تعبير البلاغ ذاته.
وحمل الحزب الحكومة “مسؤولية تفاقم هذه المظاهر السلبية ونشر اليأس والإحباط في صفوف المواطنين والشباب مع تداعياته الخطيرة”، مطالبا بضرورة إعادة النظر والقراءة النقدية الصادقة للسياسات العمومية.
مراجعة شاملة للسياسات
البلاغ الختامي لمؤتمر “الأسد،” دعا إلى مراجعة كافة السياسات الموجهة للصحة والتعليم العموميين، بما يضمن لكافة المواطنين حقوقهم في العلاج والتكوين بجودة تحترم كرامة المواطن وحقه في تنمية مهاراته وقدراته ليكون محور المشاريع التنموية.
وطالب بـ”مراجعة شاملة لمخططات المغرب الأخضر والمغرب الأزرق والجيل الأخضر، بما يحمي ويحافظ على الثروة المائية والحيوانية ويحمي الأمن الغذائي للمغاربة وحقهم في تغذية سليمة ومتوازنة وصحية، ويضمن حق الفلاح الصغير والمتوسط في العيش الكريم، ويساهم في تنمية العالم القروي والبوادي وضمان حقها في التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية”.
كما دعا إلى مراجعة شاملة للسياسة الطاقية عبر الحد من نفوذ الشركات الاحتكارية وتواطئاتها ضد قوانين المنافسة، مع الحرص على ضمان الاحتياطي الطاقي والتحول نحو الطاقات النظيفة والمتجددة طبقا للتوجيهات الملكية، حسب تعبير المصدر ذاته.
وشدد على ضرورة “إعادة النظر في مدى نجاعة تنزيل الحكومة الحالية للأوراش الملكية في التغطية الصحية والدعم الاجتماعي للفئات المعوزة، والحرص على ضمان استقرار الأسعار والدراسة المعمقة لإجراءات تحرير الدرهم ورفع الدعم عن المواد الأساسية في إطار الحرص على استفادة الفئات الهشة بصفة متساوية وشفافة من المبادرات الاجتماعية”.
ويرى الحزب بضرورة “إعادة النظر في السياسات العمومية الموجهة لتنظيم السوق التجاري بالمغرب، بما يضمن المنافسة الحرة والشفافة بين كافة التجار والمقاولات ويعزز الثقة في السوق المغربي وجودة الخدمات، حماية لعموم المستهلكين المغاربة”.
كما أشار إلى ضرورة “إعادة النظر في السياسة الضريبية والجمركية الموجهة للمقاولات الصغرى والمتوسطة والمهن، بما يساهم في حمايتها ويشجع على تطورها، مع ضرورة خضوع كافة المقاولات والمجموعات الاقتصادية الكبرى لإطار ضريبي موحد يضمن الشفافية والمساواة أمام القانون”.
وطالب الحزب بمراجعة سياسات الدعم العمومي لتقوم على معايير واضحة ودفاتر تحملات دقيقة، تضمن المساواة في الاستفادة والرقابة الدقيقة بعيدا عن المحسوبية والزبونية والريع، وإشراك الشباب والمقاولات المغربية بكافة أشكالها بصفة عادلة ومتوازنة في الاستفادة من الأوراش والمشاريع التنموية الكبرى.
واقترح تنزيل سياسات عمومية ضامنة لاستقرار الطبقة المتوسطة، من خلال حماية حقوق المهنيين والموظفين والمتقاعدين والمستخدمين في العيش الكريم واستفادتهم من الخدمات الأساسية بالتوازن مع قدرتهم الشرائية، مع إعادة النظر في السياسات العمومية الموجهة للشباب.
اترك تعليقاً