دينامية جيل Z في ضوء رهانات العهد الجديد؛ تأمل في الفرص المهدورة

تتعدد الرؤى وتختلف وجهات النظر حيال كل فعل اجتماعي يولد من رحم نوازل المجتمع، أحيانا تحت ضغط الفضول الذي يميز الذهنية البشرية إزاء كل حدث طارئ، وحينا في سياق البحث عن الفهم والاستيعاب وتشكيل المعنى لرأب صدع التيه في تعقب الأحداث وتواثرها. لكن الملاحظ هو أن التأمل في أي فعل اجتماعي، مغربياً، غالباً – كما جرت العادة – ما لا يكون بمعزل عن الذاتية الموغلة في ممارسة الإسقاطات الميكانيكية؛ حتى إن كل فريق في معرض تحليل مجريات الفعل الاجتماعي يستبق غيره لعرض وجهة نظره بكثير من الجموح في تقديم الدفوع أو المبررات دون القدرة على أخذ المسافة الكافية في ممارسة عمليات التفكيك وفق منهج دقيق ينطلق من قواعد معرفية رصينة، ثم يوظف جهازاً مفاهيمياً مناسباً، وبعد ذلك يصنف الأسباب والعناصر وعوامل الفعل الباطنية والسطحية، وهو يتجه بهدوء نحو بناء استنتاجات سليمة غير مؤسسة على انطباعات ذاتية جارفة وعلى انفعالات ظرفية جامحة تَسقط تعسفاً على الفعل الاجتماعي وتكيفه كما تريد – أقصد الانطباعات – لا كما يتشكل في ذاته كنسق مضمر وكبناء موضوعي أفرزته حيثيات الوعي الفردي أو الجماعي في سياق معين وفق شروط محددة، ذلك أن السياق بموضوعيته هو الذي ينتج المعنى ويفرزه ويوجهه كما يفيد جمهور المناطقة منذ أرسطو المعلم الأول.
وهنا إذا حصل الفهم أن دينامية ” جيل Z ” بما هي فعل اجتماعي لكونه ناتج عن ممارسات واعية لأفراد ينتمون إلى بنيات هذا المجتمع، لهم طموح معين، ويوظفون الفضاء العمومي الافتراضي أولاً والمادي ثانياً لنقل أفكارهم إلى المجتمع والدولة؛ فإن ما يحصل من قراءات وتحاليل، من لدن فاعلين مختلفين من صحافة وإعلام، ومن باحثين وفق مرجعيات نظرية متنوعة، أو من فاعلين اجتماعيين؛ ينطلق غالباً من تفسيرات بسقف ذاتي منفعل مع الفعل الاجتماعي بتسرع ضمن آليات التفسير المستعجل خدمة لرهانات الاستهلاك أو للتموقع في خانة الضوء. وعليه فمن المفروض، بما أن النقاش يستهدف دينامية شبابية ” مفاجئة “، استحضار أفعال اجتماعية كثيرة سبقت ما حصل في الزمن الراهن. أليس توجه الشباب المغربي نحو سبتة السليبة للهجرة غير القانونية نحو إسبانيا، ذلك الفردوس المفقود، فعلاً اجتماعياً مُنذراً بوجود خلل كبير على هامش تركيز صناع القرار العمومي المركزي ( الحكومة ) والترابي ( الجماعات الترابية ) على قضايا المجتمع؟! أليس معظم المشاركين في دينامية ” الحريك ” هذا من فئة الشباب والأطفال والنساء وفق محددات الفئات الاجتماعية الهشة؟! دون أن يثير ذلك ما يكفي من النقاش العمومي لدواعي خاصة في مقدمتها وجود طرف أجنبي هو إسبانيا الجار شمالاً بما منع الكثير من المتحدثين عن القول فيها حرصاً على عدم المساس بعش الدبابير الذي يجعل ربما الشباب التواق إلى بلوغ ضفة النعيم الأوروبي مجرد أداة تكتيكية لترتيب التوازن مع الاتحاد الأوروبي الذي يتلكأ في احترام سيادة المغرب على صحرائه سيما منذ استصدار قرار استئنافي من القضاء الأوروبي ضد السيادة الاقتصادية للمغرب على صحرائه.
أليس ما وقع ب ” مستشفى الموت ” بأكادير – قلعة رئيس الحكومة انتخابياً – مؤشراً بارزاً على تردي الخدمة الصحية العمومية بما لم يحرك قلق الضمير الرسمي للحكومة التي يترأسها حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يسيّر في ذات الوقت جماعة أكادير الترابية!! أليس ترهل التعاطي الحكومي مع نازلة مستشفى الموت هذا مؤشراً على اللايقين في ممارسة الفاعل التنفيذي للسياسات العمومية، سيما أن أكادير تخضع لإدارة مباشرة من رجلين من رجال الدولة وهما رئيس الحكومة بصفته رئيساً لجماعة أكادير الترابية والوزير السابق السيد أمزازي الذي أصبح والياً على ولاية سوس – ماسة!! فلماذا يا ترى كان رد الفعل الرسمي ضعيفاً حيال دينامية ساكنة أكادير رغم هذه الخاصيات؟! أليس ذلك مناط تمهيد مباشر لانتفاضة شباب جيل Z الذي صنف قطاعي الصحة والتعليم في مقدمة أولويات ما شهدته مدن المغرب من أفعال احتجاجية صدحت ضد الفساد الذي خرب الصحة والتعليم، خاصة مع تصريح وزير الصحة: ” اطلع تحتج فـالرباط ” الذي كان يغذي الغضب العارم من طرف الشباب؟! وبما أفقد الثقة في الحكومة كما يظهر من خلال مناشدة جلالة الملك مباشرة دون غيره، وهذا دليل على وعي الشباب بسقف الفعل الاجتماعي الذي لا يجب أن يتجاوز حدود دحض تبريرات الحكومة التي تنهج التسويف في تنزيل الحقوق لصالح المغاربة.
أستنتج، بناء على ما سلف، أن الحكومة الحالية رغم ما تتوافر عليه من قواعد قوة سياسية أساسها التمكن الأغلبي في البرلمان بغرفتيه، وعددياً على الأقل، وبالجماعات الترابية أفقياً وعمودياً، وبالغرف الجهوية أيضاً؛ لم تنجح في تحقيق طفرة تنموية حقيقية لصالح المغاربة الذين أصيبوا بخيبة أمل من كل الحكومات التي أدارت الشأن العام المغربي منذ الدستور الجديد عام 2011، كما لم تتجه بشجاعة نحو تنزيل قانون الإثراء غير المشروع، ومنع امتداد ما يعرف عند السواد الأعظم من المغاربة بالفساد المستشري. وبالأحرى، على نقيض كل ذلك، أضحت الحكومة تسابق الزمان لفرملة كل مكتسبات المجتمع المغربي من خلال ما قد يصنف ضمن ردة حقوقية عنوانها العريض تمرير ما يسمى الإصلاحات التي مست مقتضيات قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية وقانون الإضراب. هذا دون أن يُسجَّل للحكومة أية جرأة سياسية في اتخاذ قرار فرض الضريبة على الثروة ومنع التملص الضريبي وتهريب الثروة الوطنية ومنع الإثراء غير المشروع ومحاصرة التوجه نحو خوصصة القطاعات الحيوية وبيع ممتلكات الدولة بما ينسف مقومات الدولة الاجتماعية ويفكك لبناتها.
والأنكى أن حكومة التحكم الأغلبي ذات النفس النيوليبرالي، رغم الادعاءات المتكررة بالسعي إلى توطيد لبنات الدولة الاجتماعية، نجدها نفسها تتجه نحو مزيد من تكريس دلالات التحكم الرأسمالي الذي استنزف مقدرات المغاربة ويدفع باستمرار نحو خوصصة القطاعات الحيوية لدرجة أن قطاع الصحة أصبح مثار قلق شعبي عارم على الرغم من أهمية الورش الدولتي في الحماية الاجتماعية من مدخل التغطية الصحية. أزعم إذن أن انتفاضة شباب جيل Z ليست إلا النقطة التي أفاضت الكأس المُرّة على مائدة الحكومة المؤثثة بالكثير من الشعارات البراقة دون أية ترتيبات واقعية اللهم تغير سحنات الكثير من وزراء التحالف الحكومي الذين ولدوا من مجال المال والأعمال، ثم نجحوا في الاستفادة من فرص الترقي في بنيات الباطرونا الاقتصادية دون تكريس مقولة الإنصاف والتحفيز عبر سياسات عمومية حكومية عادلة ومنصفة لصالح الشعب.
✓ مغرب الفرص المهدورة؛ الأطر المرجعية للعهد الجديد، خريطة طريق غير مستوعبة:
طالما اعتمدتُ لفظة الهدر للتأكيد على ما يَستهدف فرصاً متاحة أمام المغرب للإفلات من ربقة الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية بسبب العجز عن استثمار تلك الفرص لبناء مخططات وبرامج دقيقة من لدن الحكومة لصالح الدولة والمجتمع معاً تكريساً للشرعية والمشروعية ومصداقية المؤسسات. وعليه منذ الاستقلال النسبي أُتيحت أمام المغرب الرسمي فرص كثيرة للإقلاع الاقتصادي دون استثمارها كما ينبغي، وخلال الزمن الراهن أفيدُ فقط أن توصيات الإنصاف والمصالحة، وتقرير الخمسينية، علاوة على دستور عام 2011؛ من المرجعيات المهمة جداً لتوجيه بوصلة السياسات العمومية بمنأى عن ارتكاب الأخطاء نفسها في إدارة الشأن العام كما حصل منذ ما قبل بزوغ فجر العهد الجديد. والمثير للقلق حقيقة هو هدر ما ورد في مضامين دستور المغرب لعام 2011 من متون ذات صلة بسمو القانون الدولي لحقوق الإنسان، وبالهندسة الترابية التي نقلت إدارة الشأن العام من المركز نحو الأطراف.
فهل نجحت الأحزاب السياسية في إفراز طبقة سياسية تنتج قرارات عمومية قوامها القرب على لبنات النجاعة والجدية، وبالتالي الحكامة الترابية، لصالح أسئلة المجتمع المعروضة؟! يبدو أن العجز عن بلورة ممارسات حزبية فضلى على قاعدة دمقرطة تداول النخب على مناصب المسؤولية الحزبية، وكذا هشاشة استيعاب التمرين الديموقراطي؛ من أكبر أعطاب الطبقة السياسية التي لم تستطع إنصاف المجتمع ولا فهم ماهية العهد الجديد النبيلة. وعليه ففشل الحكومة وضعف الفاعل الحزبي فتح الباب أمام رجّات غير منضبطة للمؤسسات وهو ما يحصل حالياً مع دينامية جيل Z الذي لفت الانتباه إلى تردي الخدمات العمومية من على مرأى ومسمع من الحكومة والسلطات العمومية والجماعات الترابية العاجزة عن التحرك قبل إطلاق صفارة الإنذار من لدن المحتجين. وعليه فبدل أن تكون الحكومة رهن إشارة الدولة في تنزيل برامج القرب وتجويد الخدمات العمومية؛ أضحت هي أهم أسباب افتعال الأزمات لدرجة أن وزراء بعينهم إما غير مرئيين في شاشات التواصل السياسي، أو يرتكبون أخطاء قاسية ومكلفة بما يثير حفيظة الرأي العام ويدفع نحو ميلاد تعبيرات مجتمعية مناهضة للانحرافات الكبرى المرتكبة حكومياً.
إن الدستور الجديد للمغرب الذي ولد من رحم تفاعل نوعي مثمر بين الملكية المواطنة والشعب، وما يرتبط به عضوياً من قوانين تنظيمية مكمِّلة. إضافة إلى النموذج التنموي الجديد الذي اشتغلت عليه لجنة ملكية لزمن استراتيجي غير يسير. والإحصاء العام للسكان لعام 2024 بما هو عُرف دَولتي تشرف عليه الدولة على رأس كل عقد من الزمن سعياً إلى ضبط نفس الخريطة الديموغرافية وفهم حيثيات البنية السكانية من خلال ضبط التحولات الحاصلة واستشراف التوقعات. وكذا ورش الحماية الاجتماعية الذي ولد من رحم قناعة ملكية بضرورة حماية المغاربة وضمان الخدمة الصحية العمومية ضمن قناعة الملكية المواطنة بإرساء لبنات الدولة الاجتماعية التي انطلقت منذ ميلاد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (INDH) عام 2005؛ كلها ميكانزمات اشتعال العهد الجديد الذي انطلق بالتأصيل للمفهوم الجديد للسلطة كرهان أشرفت عليه مباشرة الملكية المواطِنة، نحو إنصاف المرأة والطفل عبر مدونة الأسرة التي احتكم نبضها أيضاً إلى الملكية الاجتماعية فولدت على أنقاض مدونة الأحوال الشخصية الملغاة.
نحو الوثيقة الدستورية لعام 2011، إلى الجهوية المتقدمة التي نقلت الوطن من مقولة جهات المغرب نحو براديغم مغرب الجهات، وما ولد من مراسيم اللامركزية واللاتركيز كمدخل منهجي لصالح سياسات القرب العمومية، نحو خطابات جلالة الملك الذي ما فتئ ينبه الحكومة ومعها السلطات العمومية بضرورة استيعاب مقومات التمرين الديموقراطي الذي حددت إطاره العام هذه الملكيةُ المواطنة الديموقراطية الاجتماعية الدستورية التي تنبض لصالح طموحات المجتمع دون قدرة الطبقة السياسية، للأسف، ومعها الفاعل الترابي، على استيعابها، كما ينبغي وفهم مضامينها الكبرى. وأمام عجز كبير لطبقة الأثرياء في بناء بورجوازية وطنية تساهم في حسن تنزيل مضامين العهد الجديد لصالح انتظارات الشعب المغربي مستفيدة من إيجابية مناخ الأعمال ومن الاستقرار السياسي ومن استقلال السلطة القضائية. وعليه أخلص إلى أن هذه كلها هي الفرص المهدورة في المغرب الراهن:
- أهمية الضمانات التي تعرضها الملكية المواطِنة باستمرار عبر قواعد الحكم الجديد منذ تربع جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه على لبنات طفرات نوعية قوية منذ خطاب أنفا حول المفهوم الجديد للسلطة عام 1999، نحو إعلان دمقرطة النسق المجتمعي بضمان نفس الحقوق والكرامة أمام النوع الاجتماعي بفضل مدونة الأسرة لعام 2004، إلى إعلان قناعة الملكية المواطنة ببناء الدولة الاجتماعية مع الورش الملكي الخاص بالتنمية البشرية عام 2005، نحو دستور الحقوق والحريات والهندسة الترابية لعام 2011، إلى مراسيم اللامركزية واللاتركيز ونقل ثقل الحكم من الرباط ( المركز ) إلى الجهات ( الهوامش والأطراف ) عبر تفويض الاختصاصات للمصالح الجهوية بعيداً عن مركزية الرباط، نحو النموذج التنموي الجديد الذي شكل مناط وعي الملكية المواطنة بضرورة بناء دولة جديدة على أساس توافق ديموقراطي قوامه مساهمة كل قوى الشعب المغربي في إنتاج هذا النموذج الذي أشرفت عليه لجنة ملكية برئاسة السيد شكيب بنموسى، إلى الإحصاء العام للسكنى الذي وفر بنك معلومات هائلة لصالح الحكومة والسلطات العمومية والجماعات الترابية قصد حسن وضع مخططات وبرامج حقيقية تستمد مضامينها من كل هذه الأطر المرجعية التي جاءت بها الملكية المواطنة دون أن تُستوعَبَ – للأسف – من لدن الحكومة والسلطات العمومية والجماعات الترابية لصالح بناء المغرب الجديد الذي وضع قواعده العهدُ الجديد بفضل حنكة الملك محمد السادس – من حيث هو فاعل قرب ديموقراطي – الذي جعل الملكية في خدمة مشروع مجتمعي حضاري متكامل يعيد ترتيب الهيراركية المجالية وتقييم الثروة، هذه المرة، على أساس سياسات القرب الترابي عوض مركزية إنتاج القرار العمومي. وعليه أستنتج أن الدولة تذهب ضحية نخبها غير القادرة على فهم نبض المشروع المجتمعي – الحضاري الذي ما فتئت تشتغل عليه الملكية منذ فجر الألفية الثالثة وفق رؤى كبرى تؤسس لمغرب جديد صاعد. وأتساءل: هل نجحت نخب الدولة ( الموظفين والمسؤولين المعينين والسلطات العمومية )؛ في حماية المشروع الملكي المجتمعي – الحضاري، وفي حسن تنزيل قواعده؟ أم تراها ساهمت في عرقلته وتفشيله – من حيث تدري أو لا تدري – وهو ما يخلف هذا الاحتقان الذي تعبر عنه دينامية جيل Z؟ وفي السياق ذاته، وبنفس المنطق في الاستفسار؛ هل نجحت نخب المجتمع ( المنتخبين في كل الجماعات الترابية من جماعات محلية ومجالس الأقاليم والعمالات ومجالس الجهات )، عبر منافذ صناديق الاقتراع، وفي مختلف الاستحقاقات الانتخابية؛ في فرز طبقة سياسية صادقة ونزيهة ونظيفة – مواطنة قادرة على التفاعل الإيجابي والفعال مع طموح الملكية المواطنة ومع انتظارات الشعب الوفي في بناء مغرب ديموقراطي منسجم ومتكامل؟ أليس فشل نخب الدولة (نخب التعيين) ونخب المجتمع (نخب الانتخاب) من الأسباب الموضوعية المفضية إلى ولادة تعبيرات مجتمعية مناهضة للانحرافات الكبرى التي سببها المضمر هو فشل الحكومة والجماعات الترابية والسلطات العمومية في حسن الامتثال لقواعد المشروع المجتمعي – الحضاري الملكي، وبالتالي نرصد مناشدة جلالة الملك فقط – دون غيره – من لدن مختلف الديناميات الاحتجاجية بالمغرب ولسان حالها يقول: جلالة الملك يخطط بمقاربات كبرى ودقيقة لصالح شعبه العزيز، ولكنكم أنتم تعجزون أيها المعينون والمنتخبون في حسن استيعاب ما تنشده الملكية المواطنة – المناضلة وتشرئب إليه في بناء مغرب صاعد جديد. ولهذا ها نحن نناشد جلالة الملك بكل اعتزاز وفخر ونعتبره ملاذا لنا، لأننا لا نثق إلا فيه ثقة كاملة؛ فهل من مُذكِّر؟ أيها الناس!!
أعتبر أن ما سلف مناط ما يزج بالوطن في تراجعات حُبلى بالدفع نحو ولادة ديناميات اجتماعية كما يحصل مع هذا الفعل الاجتماعي الذي يصنعه جيل الديسكورد أمام أنظار الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والترابيين ( التعيين والانتخاب ) الفاشلين في حسن استيعاب طموح الملكية المواطنة وفي فهم انتظارات الشعب المغربي.
ختاماً، لقد تبين أن المغرب يعاني من عجز النخب الدولتية والمجتمعية معاً في حسن فهم نبض وماهية المشروع الملكي المجتمعي – الحضاري الكبير الذي انطلق منذ 1999 من خلال المفهوم الجديد للحكم وما تلاه من أوراش ملكية كبرى. بمعنى أن مدخل تقوية الدولة والمجتمع تفاعلاً مع هذه الدينامية الشبابية التي يحملها جيل هو تجديد نخب الدولة والمجتمع معاً، وذلك عبر امتلاك الدولة للجرأة الكافية قصد فتح المنافذ أمام كفاءات جديدة تُضخ دماء جديدة نظيفة في شرايين الجسد الدولتي، وامتلاك المجتمع الشجاعة نفسها في فرز طبقة سياسية نظيفة وغير متسخة بأوزار الريع والزبونية وهشاشة الضمير والبحث عن موطئ قدم في خرائط الامتيازات ضداً على المصلحة الفضلى للمغرب؛ وهو ما سيشد عضد طموح الملكية المواطنة في بناء مغرب صاعد، مغرب موحد ومنسجم ومؤمَّن من كل ما قد يسيء إلى ما يجمع المغاربة ضمن التمغربيت كمشترك إنساني مقدس لا يقبل التجاوز أو التبخيس.
اترك تعليقاً