منظمة نسائية: وقف وفيات الأمهات مسؤولية وطنية تتطلب إرادة سياسية حقيقية

أعادت وفاة سيدة حامل بالمستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير، الثلاثاء الماضي، إلى الواجهة من جديد النقاش حول واقع المنظومة الصحية بالمغرب، خصوصا في ما يتعلق بالرعاية الصحية للنساء الحوامل، بعد أن تحولت حوادث الوفاة أثناء الولادة إلى مشاهد مأساوية تتكرر في مختلف المناطق، وسط وعود رسمية لا تترجم على أرض الواقع.
وعبرت فيدرالية رابطة حقوق النساء، في بيان شديد اللهجة عن غضبها وقلقها العميقين إزاء استمرار نزيف وفيات الأمهات أثناء الولادة، معتبرة أن ما حدث في أكادير ليس حادثا معزولا، بل هو “نتيجة طبيعية لهشاشة البنيات الصحية وتراكم الإهمال المؤسساتي”.
وقالت رئيسة الفيدرالية، سميرة موحيا، إن ما يقع اليوم في عدد من المستشفيات “يمس جوهر الحق في الحياة والكرامة”، مضيفة أن وفاة النساء أثناء الولادة “ليست قضاء وقدرا، بل انعكاس مباشر لسياسات عمومية فاشلة لا تضع صحة النساء ضمن أولوياتها”.
ورغم إعلان وزارة الصحة عن فتح تحقيق في الحادث، واتخاذ ما وصف بالإجراءات الاستعجالية، اعتبرت موحيا أن تلك الخطوات “تبقى محدودة وغير كافية”، لأنها لا تمس جوهر المشكل ولا تعالج الأسباب البنيوية التي تضع حياة النساء والفتيات في خطر.
وأشارت موحيا، إلى أن ضعف البنيات التحتية الصحية، وغياب وسائل النقل الآمنة، ونقص الأطر الطبية، واستمرار التفاوتات المجالية والاجتماعية في الولوج إلى العلاج، كلها عوامل تتقاطع في إنتاج نفس المأساة كل مرة، خصوصا في المناطق القروية والجبلية التي تفتقر لأبسط شروط الرعاية.
وذكرت الفيدرالية، بأنها سبق أن وجهت هذه المطالب نفسها إلى سبعة أحزاب سياسية، من بينها أحزاب تشارك اليوم في الحكومة، إضافة إلى ثلاث مركزيات نقابية، وذلك ضمن ما سمته “أرضية وبرنامج المواطنة المسؤولة”، الذي تضمن التزامات واضحة لتحسين وضع النساء في المجال الصحي والاجتماعي.
وأضافت الفيدرالية، أن “الواقع المؤلم يثبت غياب المتابعة والتنفيذ، ويكشف بوضوح ضعف الإرادة السياسية في وضع صحة النساء والفتيات ضمن صميم السياسات العمومية”.
ودعت الفيدرالية، الحكومة ووزارة الصحة إلى إطلاق خطة وطنية عاجلة للرعاية الصحية الآمنة للنساء الحوامل، وتفعيل الاستراتيجية الوطنية للصحة الجنسية والإنجابية، إلى جانب إرساء آليات واضحة للمراقبة والمساءلة بشراكة مع المجتمع المدني.
كما طالبت بتفعيل الالتزامات السابقة التي تعهدت بها الجهات الحكومية والنقابية، واعتبار صحة النساء والفتيات أولوية وطنية لا تحتمل التأجيل، مع إشراك الجمعيات الوطنية والمحلية في مراحل التفعيل والتقييم، ضمانا لفعالية التدخلات واستدامتها.
وشددت الفيدرالية، على أن حماية حياة النساء الحوامل ليست مطلبا فئويا أو نسويا صرفا، بل مسؤولية وطنية وأخلاقية تمس جوهر العدالة الاجتماعية وكرامة المواطنات.
وتابعت: “إن كل وفاة لامرأة حامل هي فشل جماعي في حماية الحق في الحياة والكرامة، ولن يتحقق التغيير إلا بإرادة سياسية حقيقية ونظام صحي منصف وآمن وعادل يضمن لجميع المواطنات والمواطنين حقهم في الرعاية والحياة الكريمة”.
يشار إلى أن المديرية الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية بجهة سوس ماسة، كشفت عن تفاصيل وفاة سيدة حامل بمستشفى الحسن الثاني الجهوي بأكادير.
وأكدت المديرية في بلاغها، أن الحادث وقع صباح الثلاثاء(7 أكتوبر)، بعد تحويل السيدة المعنية من مستشفى المختار السوسي بمدينة بيوكرى إلى المستشفى الجهوي المذكور.
وأوضحت أن الهالكة استقبلت في قسم الولادة بمستشفى بيوكرى في وضعية استعجالية، حيث تم التكفل بها فورا من قبل طبيب مختص في أمراض النساء والتوليد وبقية الطاقم التمريضي، وبعد الفحص والتقييم، تقرر إخضاعها لعملية قيصرية حفاظا على سلامتها وسلامة جنينها، وقد أجريت العملية في ظروف مناسبة وتحت إشراف الفريق الطبي.
وبعد الولادة، تدهورت الحالة الصحية للسيدة، ما استدعى إجراء تدخل جراحي ثان بنفس المستشفى، قبل نقلها على وجه السرعة إلى مصلحة الإنعاش بمستشفى الحسن الثاني بأكادير، وعلى الرغم من كل المحاولات الطبية لإنقاذ حياتها، استمرت حالتها في التدهور، وفارقت الحياة في نهاية المطاف، وفق تعبير البلاغ.
اترك تعليقاً