نائب برلماني: المصحات تحقق أرباحا خيالية والمواطن رهينة نظام صحي مختل (فيديو)

استنكر النائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، إسماعيل بن بيي، الأرباح الضخمة “غير المشروعة” التي تجنيها بعض المصحات الخاصة، مطالبًا بفتح تحقيقات من طرف الجهات المختصة حول ما وصفه بـ”الاحتكار” في ظل معاناة المرضى وغلاء العلاج والأدوية، ومشددا على ضرورة إعادة الاعتبار للخدمة العمومية في الصحة والتعليم.
وأوضح بن بيي، في حوار مع جريدة ” المغربي، أن المواطن المغربي يضطر أحيانا إلى التوجه إلى المصحات الخاصة بسبب ضعف الخدمات بالمستشفيات العمومية، قائلاً: “المواطن يجد نفسه مضطرًا للذهاب إلى المصحات الخاصة بسبب ضعف الخدمات في المستشفيات العمومية، هذا واقع مفروض”.
وأقر النائب البرلماني بغلاء الأدوية بالمغرب مقارنة ببعض الدول الأوروبية والآسيوية، موضحًا: “في ما يتعلق بالأدوية، نحن جميعًا حين نواجه أمراضًا مزمنة أو خطيرة نلجأ إلى جلب الأدوية من فرنسا أو ألمانيا، لأنها تُباع هناك بثلاثة أو أربعة أضعاف أقل مما هي عليه عندنا، أما في آسيا أو الهند، فقد نجد الدواء بعشرين مرة أقل، خاصة أدوية السرطان. هذه حقائق لا يمكن إنكارها.”
ودعا النائب ذاته الهيئات المختصة مثل مجلس المنافسة أو النيابة العامة للتدخل وفتح تحقيق في الموضوع، حيث قال بهذا الخصوص: “أنا أدعو الهيئات المختصة، مثل مجلس المنافسة أو النيابة العامة عند الاقتضاء، إلى التدخل. هناك جهات لها الصلاحية، ويجب أن تتحمل مسؤولياتها.”
وتطرق بن بيي لتحول القطاع الصحي الخاص إلى مجال واسع ومربح، قائلاً: “عندما نعود بالذاكرة، نتذكر كيف انتقل كثير من الأطباء من المستشفيات العمومية إلى المصحات الخاصة. لم يعد الأمر مقتصرًا على بعض العيادات، بل أصبح قطاعًا واسعًا. لم تكن لدينا ‘مدارس كلينيكية’، ثم أصبح لدينا ما يشبه صناعة صحية خاصة قائمة بذاتها. أصبح بين كل مقهى ومقهى، مصحة خاصة، وبين كل مؤسستين، استثمار صحي ضخم.”
وأشار إلى حجم الأرباح المحققة، مشدداً على ضرورة الرقابة والمحاسبة: “سمعنا عن مؤسسات حققت ما يقارب 200 مليون درهم من الأرباح في أول ستة أشهر فقط، وهذا يعني أنه بحلول سنة 2025، قد تتجاوز أرباحها 400 مليون درهم. هذا واقع يجب أن يُناقَش، لا أن يُترك دون حسيب أو رقيب.”
وفي توضيح موقفه من الربح المشروع، قال بن بيي: “دعونا نكون واضحين؛ نحن لا نعترض على القطاع الخاص، ولا على من يربح بطرق مشروعة. نحن أنفسنا نشتغل في القطاع الخاص بوسائل قانونية لنكسب قوت يومنا ونعيل أبناءنا وعائلاتنا. مشكلتنا ليست مع الربح، بل مع الاحتكار، ومع الاستغلال الاقتصادي غير العادل”.
وأضاف: “المطلوب بسيط، من حق من يعمل في القطاع الخاص أن يربح، لكن من واجب القطاع العام أن يؤدي دوره كاملاً. عندما أمرض أنا أو أي مواطن، يجب أن يكون خياري الأول هو المستشفى العمومي.”
كما قارن البرلماني الوضع بالممارسات الدولية، موضحًا: “انظروا إلى الدول الإفريقية والعربية؛ عندما يمرض المواطن هناك، يقصد المستشفى العمومي أولاً، وفي ألمانيا، لا يلجأ إلى المصحات الخاصة سوى 5% أو 10% من الألمان، بينما نجد 90% أو 95% من الوافدين والأجانب. لماذا؟ لأن لديهم نظاماً عمومياً قوياً.”
وربط بن بيي بين ضعف القطاع العام في الصحة والتعليم وتأثيره على المواطنين، مؤكداً: “يجب أن نعيد الاعتبار للخدمة العمومية، في الصحة كما في التعليم. نحن جيل سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، درسنا في المدارس العمومية، وتخرجنا منها، وكانت لنا فرص حقيقية. اليوم نرى القطاع الخاص في التعليم يكلف آلاف الدراهم، في بلد لا يتجاوز فيه الحد الأدنى للأجر 3000 درهم، فكيف لأسرة متوسطة أن تتحمل هذا العبء؟”.
وشدد على أن المشكلة ليست مالية فقط، بل ترتبط بالصرامة في التسيير والعقليات موضحا: “المسألة ليست فقط ميزانيات؛ نعم، نحن نزيد في الميزانيات، لكننا بحاجة إلى تغيير العقليات، وإلى الصرامة في التسيير. هذه القطاعات الاجتماعية الحساسة تحتاج إلى حزم، الراحل محمد الوفا، الذي كان وزيراً للتعليم؛ كان يزور المدارس فجأة، يدخل الأقسام دون سابق إنذار، يتفقد بكل حزم. تلك هي المسؤولية الحقيقية، وليست زيارات مبرمجة بالحليب والتمر ويُقال إنها مفاجئة”.
كما سلط الضوء على أهمية إصلاح المستشفيات العمومية بخطوات بسيطة، قائلاً: “قبل يومين زرت مستشفى 20 غشت في الدار البيضاء، وجدت نظام استقبال جديد، سيدتان في الاستقبال، وكان التنظيم جيداً. هذه أمور بسيطة، لكنها تُحدث فرقاً. إذا كانت هناك مئات أو آلاف من هذه الإجراءات، سيتغير وجه القطاع العام”.
من جهة ثانية، أكد النائب على ضرورة الإصغاء لمطالب الشباب والمواطنين: “علينا أن نُدرك أن المطالب المتعلقة بالصحة وبقطاعات أخرى ليست وليدة اليوم، بل جاءت من أجل إصلاح وتنظيم هذا القطاع الحيوي. لقد أمضينا أربع سنوات ونحن نطرحها، سواء في الجلسات العامة أو داخل اللجان البرلمانية.”
وأضاف: “نتمنى اليوم أن تكون هذه الاحتجاجات الشبابية ومطالب هذا الجيل دافعًا للحكومة كي تُصغي لما لم تسمعه من قبل من المنتخبين والفاعلين.”
وشدد على دور هيئات الحكامة، قائلا: “هيئات الحكامة التي تأسست بعد دستور 2011، دعت في تقاريرها إلى ضرورة الإصغاء والعمل الجاد. ما نطالب به الآن هو أن على هذه الحكومة، وهي حكومة بلدنا، أن تغيّر من عقليتها، وأن تُصغي للشباب وللبرلمانيين عندما يتحدثون بناء على معطيات ووثائق رسمية”.
ووجه بن بيي رسائله للشباب والحكومة على سواء بالقول: “اليوم الشباب لا يريد خطابات طويلة ولا لجان حوار بلا نتائج، يريدون أفعالاً ورؤية شيء ملموس وحلولاً لا وعوداً، رسالتي للشباب واضحة، حافظوا على السلمي فهذا الوطن وطننا جميعاً وأنتم من سيتسلمه غدا. أما رسالتي للحكومة، فهي الاستماع الحقيقي”.
اترك تعليقاً