لماذا لا يعتمد المغرب خطة تضامن وطنية مستلهمة من مغربي مقيم بالخارج؟

في خطوة توصف بالتاريخية، يمكن لدولتنا المغرب ان تعلن عن إطلاق خطة وطنية للتضامن تهدف إلى إعادة توزيع الثروة بشكل عادل من خلال مساهمة رمزية من الفئات الأكثر ثراءً لفائدة الأسر الأكثر هشاشة.
بموجب الخطة، سيُساهم أغنى 20% من المواطنين — أي حوالي 7.4 ملايين شخص — بمبلغ 203 دراهم شهرياً لكل فرد، ما سيوفر 1.5 مليار درهم شهرياً تُوزّع على الأسر الفقيرة في شكل دعم شهري قدره 4,500 درهم لكل أسرة.
فكرة وُلدت خارج الوطن
جاءت المبادرة استلهاماً من مقترح قدّمه السيد الحسين، وهو مغربي مقيم بالخارج، دعا فيه إلى مقاربة تضامنية بسيطة وعملية:
« إذا ساهم الميسورون بجزء بسيط من رفاهيتهم، يمكننا القضاء على الفقر دون أن يتضرر أحد. هذا ليس عملاً خيرياً، بل واجب وطني نابع من حب الوطن، »
قال الحسين في تصريح لجريدة العمق المغربي.
فبحسب الأرقام، يمتلك أغنى 20% من المغاربة أكثر من 6360 مليار درهم، أي أكثر من نصف ثروة البلاد، ما يجعل هذه المساهمة الرمزية قادرة على إحداث تغيير جذري في حياة الآلاف من الأسر.
من التضامن إلى التنمية
يرى خبراء الاقتصاد أن هذه الخطة تمثل رافعة حقيقية للاقتصاد المحلي، إذ إن كل درهم يُمنح للأسر الفقيرة يعود مباشرة إلى الدورة الاقتصادية عبر الاستهلاك اليومي وعلى الخصوص في المناطق الأكثر هشاشة وتضررا في الناطق الحبلية والواحات التي هي معرضة لكوارث طبيعية وتداعيات الانحباس الحراري والتغيرات المناخية.
وحسب بعض التقديرات الاقتصادية فأن ضخ 1.5 مليار درهم شهرياً في السوق يمكن أن يخلق أكثر من 40 مليار درهم من الطلب المحلي سنوياً، مع آلاف فرص العمل الجديدة، خاصة في المناطق القروية الأكثر عرض للهشاشة والبطالة الشبابية.
« هذه الخطة تُحوِّل التعاطف إلى استهلاك، والاستهلاك إلى نمو، »
تؤكد الخبيرة اقتصادية من مغاربة العالم في لقاء نظم على اثر تداعيات الاحتجاجات الأخيرة.
رؤية حكومية جديدة
يجب ان تأتي هذه الخطة في إطار رؤية المغرب في أفق 2035، والتي يجب ان تهدف إلى تحقيق التوازنات بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والمجالية والتي دعا اليها عاهل البلاد في خطابه امام البرلمان.
وفي اتصال ببعض أعضاء الحكومات السابقين، والحاليين اعتبر جلهم ان المبادرة تمثل « شكلاً حديثاً من التضامن المنظَّم والمسؤول »، ويضيف السيد الحسين؛
« إن هذه المساهمة ليست ضريبة، بل عقد مواطنة. من واجب أغنياء المساهمة في استقرار وطنهم، وهذا استثمار في الأمن الاجتماعي الذي هو أساس استقرار الأمم والاقتصادات العالمية. »
ورغم ان بعض التحفظات قد تأتي من رجال الأعمال، فإن الرأي العام يرى فيها مبادرة وطنية جامعة تُجسّد روح التلاحم المغربي، وليس فقط حول الفريق الوطني أوكرة القدم، لان هم تلاحم الوطن والمواطنين أولى من كل شيء.
مغاربة العالم في قلب التنمية
أثارت قصة هذه الفكرة التي جاءت من مغربي بالخارج إعجاباً واسعاً في الشارع المغربي.
« اعتدنا الحديث عن تحويلات مغاربة العالم المالية، لكن هذه المرة نتحدث عن تحويل فكري وإنساني، »
يقول احد المشاركينمت مغاربة العالم الذين نوقشت معهم الفكرة، وهو مختص في علم الاجتماع.
ويؤكد السيد الحسين أن مغاربة الخارج مستعدون لتقديم المزيد من الأفكار والمبادرات، وليس فقط الدعم المالي، إيماناً منهم بقدرة وطنهم على تحقيق نموذج فريد للتنمية المشتركة.
عقد اجتماعي جديد للمغرب
تُعدّ خطة التضامن الوطنية نقطة تحوّل في السياسات الاجتماعية للمملكة، إذ تجمع بين العدالة والفعالية الاقتصادية.
وإذا تم تنفيذها بنجاح، فستُمكّن من انتشال آلاف الأسر من الفقر وتنشيط الاقتصاد المحلي في آن واحد.
« إذا كانت 203 دراهم في الشهر، وهواقل من ثمن وحبة فطورلشخص واحد في بعض المقاهي التي يعتادها بعض الأغنياء كل يوم، قادرة على إعادة الأمل لأسرة مغربية، فنحن لا نوزع المال فقط، بل نوزع الحياة والأمل في مستقبل هولاء الذين هرموا في الانتظار، »
يختم السيد الحسين حديثه بابتسامة واثقة، مؤمناً بأن فكرة وُلدت في الغربة قد تكون شرارة نهضة وطنية جديدة.
اترك تعليقاً