خارج الحدود

السلطات الجزائرية تطلق صحفها لشن هجوم لاذع على وزير الداخلية الفرنسي السابق

أطلقت السلطات الجزائرية العنان لوسائل الإعلام المقربة منها لشن انتقادات حادة ضد وزير الداخلية الفرنسي السابق، برونو روتايو، في أعقاب خروجه من الحكومة، في خطوة فسرها تقرير لمجلة “جون أفريك” بأن الرئاسة تركت للإعلام مهمة التعليق بدلا منها. وأوضح المصدر أنه في حين التزمت الرئاسة الجزائرية ووزارة خارجيتها الصمت الرسمي، لم تتوان صحف معروفة بقربها من دوائر صنع القرار في مهاجمة الوزير السابق الذي كان يعد فاعلا رئيسيا وعاملا مفاقما للأزمة الدبلوماسية غير المسبوقة بين البلدين منذ عام 1962.

وصفت صحيفة “ليكسبريسيون” الجزائرية، التي أشار التقرير إلى أن لها صلات بالرئاسة، روتايو بـ”المحترق الأكبر”، متهمة إياه بأنه كان “المنفذ المثالي لمهمة قذرة تهدف إلى تدمير صورة الجزائر بأي ثمن”. من جانبها، نعتت صحيفة “الشروق” الناطقة بالعربية الوزير السابق بـ”مضرم الحرائق” الذي أجج الخلافات بين باريس والجزائر، معتبرة أن حصيلته كانت كارثية ومهينة، وأن خروجه من الحكومة قد يكون قاتلا لمستقبله السياسي بعد فشله الذريع في إدارة الأزمة مع الجزائر.

وكشف التقرير أن خروج روتايو من المشهد الحكومي جاء بعد قراره عدم المشاركة في حكومة سيباستيان لوكورنو الجديدة، وليس عبر استقالة رسمية، وهو ما اعتبر عدم وفاء بوعد غير مباشر كان قد قطعه للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بالبقاء في منصبه. وأشار المصدر إلى أن هذا الرحيل، الذي تم التعليق عليه بشكل واسع في فرنسا، تم رصده عن كثب من الجزائر نظرا للدور المحوري الذي لعبه روتايو في تفجير العلاقات الثنائية.

أكد المصدر ذاته أن وجود روتايو في منصبه كان يقوض أي محاولة لتطبيع العلاقات، حيث فاقمت قراراته من حدة التوتر بشكل كبير. وتابع التقرير أن الوزير السابق لم يدخر جهدا لإخضاع المسؤولين الجزائريين عبر إجراءات متشددة شملت التنديد باتفاقيات 1968 و2007، وعمليات ترحيل الجزائريين التي حظيت بتغطية إعلامية مكثفة، وإغلاق القنصليات، وتجميد الأصول، وتقليص منح التأشيرات بشكل حاد، وهي سياسات لم تحقق أي نجاح يذكر.

أوضح المصدر أن روتايو كان يجهل عقلية القادة في الجزائر، حيث قوبل ضغطه المتزايد بمزيد من التصلب، وهو ما تجلى في موقف الرئيس تبون الذي أبلغ محاوريه الفرنسيين صراحة أنه لا يرغب حتى في سماع اسم روتايو، وأن بقاءه في الوزارة يحبط مسبقا أي مسعى للتطبيع، مؤكدا أن التعاون الأمني سيبقى معلقا ما دام في منصبه. وأضاف التقرير أن هذا الوضع عكس انقساما داخليا في باريس، حيث كان نهج روتايو المتشدد يتعارض مع خط وزارة الخارجية والإليزيه، مما ولد لدى الجزائر انطباعا بأن باريس تتحدث بصوتين.

وتساءل التقرير عما إذا كان رحيل روتايو قد يفتح الباب أمام خفض التصعيد، لكنه نقل عن مصدر جزائري مطلع تشككه، قائلا إن “الثقة تآكلت قبل وصوله، وقد استغل روتايو الملف الجزائري لخدمة أجندته السياسية والانتخابية”. في المقابل، نقلت المجلة عن مصدر فرنسي أن الكرة باتت في ملعب الجزائر، معربا عن أمله في أن تستغل الفرصة الجديدة للرد على إشارات التهدئة التي أرسلتها باريس وظلت دون جواب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *