اقتصاد، سياسة

العملة الموحدة لـ”سيدياو” .. هل سيعوض المغرب الدرهم بالـ”إيكو” ؟

مع مصادقة رؤساء دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا المعروفة اختصارا باسم “سيدياو”، على اسم العملة الموحدة التي يأملون إنشاءها بدءا من عام 2020، وهي “إيكو”، بدأ متتبعون اقتصاديون في طرح أسئلة حول انعكاس هذا القرار على المغرب في حالة قبول طلب انضمامه إلى المجموعة، وما إن كان سيقبل بتغيير عملته واعتماد سياسة نقدية جديدة.

وتمت المصادقة على اسم العملة الموحدة المستقبلية خلال القمة الـ55 لرؤساء دول وحكومات المجموعة، يوم السبت المنصرم بالعاصمة النيجيرية أبوجا، وانتقلت خلالها رئاسة “سيدياو” من الرئيس النيجيري محمدو بخاري، إلى نظيره النيجري محمدو إسوفو، وذلك بعدما كان اسم العملة الموحدة لـ”سيدياو” قد تم تداوله منتصف يونيو، خلال اجتماع لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، بالعاصمة الإيفوارية أبيدجان.

البيان الختامي للمجموعة، أوضح أن هذه العملة الموحدة ستعتمد تدريجيا بدءا من البلدان التي تفي بمعايير التقارب، لا سيما فيما يتعلق بالتضخم وعجز الميزانية، كما تم اعتماد مبدأ نظام سعر صرف مرن وسياسة نقدية تركز على السيطرة على التضخم بشكل رسمي، إذ من المقرر أن يتم بدء العمل بعملة “الإيكو” انطلاقا من 2020، وذلك محل العملات الوطنية المستخدمة بالدول الأعضاء.

رئيس مجموعة “سيدياو” مارسيل آلان دي سوزا، كان قد رحب بفكرة تخلي المغرب عن الدرهم لصالح عملة واحدة لدول غرب إفريقيا، في سياق طلب انضمام الرباط للمجموعة، بعد أن حصلت المملكة على موافقة مبدئية بشأن عضويتها بالمجموعة يوم 4 يونيو 2017 بمونروفيا، غير أن قرار اعتماد العملة الموحدة لـ15 دولة و350 مليون نسمة، سيأخذ عدة سنوات من المفاوضات والتشاور.

قرار “اختياري”

الخبير الاقتصادي المغربي والباحث بالمركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية بالرباط، رشيد أوراز، أوضح لجريدة “العمق” أن العملة الجديدة التي اعتمدتها دول مجموعة “سيدياو”، لن تكون ملزمة للمغرب في حالة قبول طلبه بالانضمام للمنظمة المذكورة، مشددا على أن الرباط ستتفاوض مع المجموعة من أجل عدم التدخل بسياستها النقدية، على غرار بعض دول الاتحاد الأوروبي التي رفضت اعتماد عملة “اليورو” وحافظت على عملتها الوطنية.

وأشار أوراز إلى أن القضية لا تتعلق فقط بتغيير عملة بأخرى، بل بالسياسة النقدية للدول الأعضاء، إذ سيكون المغرب، إذا وافق على هذه العملة، ملزما بالانضباط إلى قواعد السياسة النقدية للمجموعة والتي سيحددها البنك المركزي لـ”سيدياو” بعد إنشائه، وبالتالي سيكون هامش تصرف المغرب في سياسته النقدية وعملته ضئيلا بل سينعدم، كما هو الشأن بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي.

وتابع قوله: “سيكون المغرب مضطرا إلى الانضباط لجميع قواعد البنك المركزي لـ”سيدياو”، وسنكون حينها جزءا من الاتفاقيات الاقتصادية ومعدلات الفائدة وكل ما يتعلق بالعملة الموحدة الجديدة”، غير أن اعتماد هذه العملة لن يكون إلزاميا على دول المجموعة، يضيف أوراز، لافتا إلى أن “سيدياو” ستترك الاختيار للدول الأعضاء، وبالتالي ستكون هنا استثناءات على غرار الاتحاد الأوروبي.

وكان المغرب قد قدم طلبا للانضمام إلى “سيدياو”، حيث أعطت قمة مونروفيا يوم 4 يونيو 2017، موافقتها المبدئية على طلب الرباط للانضمام لهذا التكتل الإقليمي، فيما أعطت القمة تعليمات لمفوضية المجموعة الاقتصادية من أجل بحث الآثار التي قد تترتب عن هذا الانضمام وفقا لمقتضيات المعاهدة المنقحة للمجموعة وتسليم النتائج خلال الدورة المقبلة، غير أن البث في مصير طلب المملكة لم يُحسم بعد إلى حدود الآن.

التفاوض 

الخبير الاقتصادي أوراز اعتبر أن المغرب يمكنه أن يحافظ على عملته الوطنية “الدرهم” كما هو الشأن بالنسبة لبريطانيا التي حافظت على عملتها المحلية “الجنيه الإسترليني” رغم اعتماد الاتحاد الأوروبي على العملة الموحدة “اليورو”، ونفس الأمر مع السويد التي حافظت على عملتها “الكورونا”، إضافة إلى دول أخرى بالاتحاد.

وبخصوص توقعه بشأن القرار الذي سيتخذه المغرب بخصوص هذا الأمر، قال أوراز إن دخول المغرب إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا سيأخذ وقتا طويلا جدا، ولن يقع الأمر خلال الأشهر المقبلة ولا خلال السنوات المقبلة، مشيرا إلى أنه يتوقع عدم انضمام المملكة إلى العملة الموحدة “إيكو” وسيحافظ على سياسته النقدية وعملته الدرهم.

ويرى المتحدث أنه على المستوى الرسمي، فإن المسؤولين المغارية لا يتحدثون حاليا عن العملة الموحدة لمجموعة “سيدياو”، وهو ما يعني، بحسب رأيه، أن الرباط لن تكشف موقفها بخصوص هذه العملة إلا بعد قبول طلبها رسميا بالانضمام إلى المنظمة، قبل أن تشرع في التفاوض من أجل استثنائها من هذه العملة، كما وقع مع بريطانيا وسويسرا، على حد قوله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *