مجتمع، مغاربة العالم

بين صمت الرباط وتوضيحات الإسبان .. مصير “غامض” للمغاربة العالقين بسبتة

لا يزال المغاربة العالقون بمدينة سبتة المحتلة، يترقبون بشوق قرار “الإفراج” عن ملفهم من أجل عودتهم إلى وطنهم المغرب، إسوة بنظرائهم الذين تم إجلاؤهم من مدينة مليلية يوم الجمعة الماضي ووضعهم تحت الحجر الصحي بفندق في مدينة السعيدية لمدة 14 يوما.

ويعتبر العالقون بسبتة أن مصيرهم يبقى “غامضا” في ظل استمرار الصمت الرسمي من طرف السلطات المغربية، والتوضيحات المقتضبة التي تقدمها الحكومة المحلية بسبتة، مشيرين إلى أن ما تم تداوله عن قرب عودتهم إلى المغرب وتجهيز مركز سياحي ضواحي الفنيدق لإخضاعهم فيه للحجر الصحي “لم يكن سوى كلاما في الهواء”.

وخلال اليومين الماضيين، تم تداول لائحة تضم زهاء 780 اسما للمغاربة العالقين بسبتة، حيث أفادت مصادر متطابقة أن السلطات المغربية رفضت تلك اللائحة واعتبرت أن سلطات سبتة تحاول إقحام قاصرين مغاربة وجزائريين ومهاجرين سريين لا علاقة بهم بالعالقين الذين يناهز عددهم الـ300.

ووفق ما كشفته صحيفة “منارة سبتة”، فإن الحكومة المحلية لم تتلق بعد أي تأكيد رسمي مغربي عن ترحيل المغاربة العالقين فيها، مشيرة إلى أن “كل شيء توقف من الرباط عندما تم اكتشاف إصابة أحد العائدين من مليلية بالفيروس”، فيما لم يصدر عن المغرب أي توضيح.

“لا نصدق الإشاعات”

منصف السعيد، المحامي بهيئة الرباط وأحد المغاربة العالقين بسبتة، أوضح لجريدة “العمق” أن السلطات المحلية بسبتة تعتبر أن المغرب لم يخبر مدريد ولا سبتة رسميا برغبته في ترحيل العالقين، مشيرا إلى أن إسبانيا هي من تتحكم واقعا وقانونيا في الحدود الوهمية وليس الحكومة المستقلة بسبتة التي ما عليها إلا التنفيذ في حال توافقت مدريد والرباط على ذلك.

وأضاف السعيد أنه لا يمكن لحكومة سبتة أن تفرض على مدريد ومن ثم على الرباط أية شروط أو لوائح محددة بأسماء العالقين، لافتا إلى إن حكومة سبتة تنفي تدخلها في أية لائحة بل وعدم توصلها من الجانب المغربي بأي لائحة معدة سلفا، وفق تعبيره.

وأشار إلى أن “تصوير موكب الحافلات بالمغرب وما تلاه من تداول معلومات عن الترحيل وأسباب تعثره، كله عمل سينمائي لا أساس له من الواقع، وهناك احتمال عدم الجاهزية اللوجستيكية للمغرب لترحيلنا، إن هناك أصلا قرار بالترحيل”، معتبرا أن “السلطات المغربية ليس لها ما تقول ومصلحتها في ربح أكبر قدر من الوقت”، حسب قوله.

وتابع المحامي قوله: “المغاربة العالقون بسبتة لا يصدقون الإشاعات التي تروج حول فرض شروط معينة لقبول فتح الحدود الوهمية، خاصة مع عدم وجود تصريح رسمي من الجهة المغربية ونفي سلطات سبتة المحتلة توصلها بأية لائحة أو التدخل في إعدادها”.

مغاربة مليلية

وكان المغرب قد قرر السماح لمواطنيه العالقين بمدينة مليلية المحتلة بدخول البلاد على مرحلتين، حيث قام بإخضاع المجموعة الأولى التي ضمت زهاء 200 شخص للحجر الصحي في فندق بمدينة السعيدية، فيها ينتظر خلال الأيام المقبلة دخول 300 آخرين من باقي العالقين.

ومباشرة بعد إجلاء 200 مغربي من العالقين بمليلية، اتجهت الأنظار إلى نظرائهم بسبتة، حيث أفاد مصدر من المغاربة العالقين هناك لجريدة “العمق”، أنهم توصلوا بمعطيات تفيد بقرب إجلائهم خلال ساعات، مشيرا إلى أنهم كانوا ينتظرون فقط الاتصال الرسمي بهم للالتحاق بالمعبر، غير أن ذلك لم يتم إلى حد اللحظة.

وأوضحت مصادر “العمق” من المغاربة العالقين بسبتة، أن جمعية محلية بسبتة شرعت في إعداد لائحة بأسماء الحالات ذات الأولية التي سيتم إخراجها ضمن الدفعة الأولى، وستضم كبار السن والنساء الحوامل وذوي الإعلاقة وأصحاب الأمراض المزمنة، على أن تنظم عملية عودة ثانية لاحقا للعالقين المتبقين.

وفي نفس السياق، أورد موقع “منارة سبتة” الإسباني، أنه سيتعين على العالقين هناك الانتظار حتى يتم ربط “اتصال رسمي” من طرف السلطات المغربية، وإبلاغ الحكومة الإسبانية بموافقة الرباط على نقل المواطنين المغاربة إلى بلادهم.

“احتجاج مغاربة العالم”

يأتي ذلك في وقت أعلن فيه المغاربة العالقون بالخارج في بلاغ لهم، عن تنظيم وقفات احتجاجية جديدة بشكل موحدة يوم غد الأربعاء، أمام قنصليات المغرب بدول العالم، وذلك احتجاجا على “تخلي الحكومة عن المواطنين المغاربة العالقين في بلدان العالم”، وفق تعبيرهم.

وشهدت قنصليات المملكة بإسبانيا وفرنسا والجزائر وتركيا ودول أخرى، يوم الإثنين المنصرم، وقفات احتجاجية موحدة للمغاربة العالقين لمطالبة الحكومة بإيجاد حل سريع يضع حدا لمعاناتهم، مشيرين إلى أنهم يعيشون وضعية نفسية صعبة بعد مرور نحو شهرين على إغلاق المغرب حدوده الجوية.

ويوم الخميس المنصرم، عثرت سلطات مدينة مليلية المحتلة على جثة شابة مغربية من بين المغاربة العالقين، تبلغ 34 سنة، داخل مرحاض مركز مؤقت لإيواء المتشردين وعابري السبيل بالمدينة، حيث مازالت أسباب الوفاة مجهولة، فيما تم فتح تحقيق بشأنها.

وكان رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، قد كشف أن عدد المغاربة العالقين بالخارج بلغ 27 ألف و850 شخصا ممن تم تجسيلهم لدى القنصليات من الراغبين في العودة إلى وطنهم، مشيرا إلى أنهم سيعودون لوطنهم بمجرد أن يُتخذ قرار فتح الحدود، دون أن يكشف مزيدا من التفاصيل.

وتصاعدت خلال الأيام الأخيرة، مناشدات السياسيين والحقوقيين إلى السلطات المغربية من أجل التدخل لإجلاء المغاربة العالقين بالخارج، ومن ضمنهم العالقين بمدينتي سبتة ومليلية، مشيرين إلى أنه بالإمكان اتخاذ تداببير وإجراءات صحية صارمة من أجل عدم تفشي فيروس “كورونا” في حال فتح الحدود استثنائيا في وجه العالقين.

وفي سياق آخر، طالبت حكومة سبتة بأن يتمكن الإسبان المقيمين بالمدينة والعالقون في المغرب منذ أزيد من شهرين بسبب إغلاق الحدود، من العودة إلى المدينة المحتلة عبر معبر باب سبتة وليس من خلال الرحلات البحرية من ميناء طنجة المتوسط إلى مالقا.

ووفق ما أوردته وسائل إعلام إسبانية، فإن المتحدث باسم حكومة سبتة المحلية، ألبيرتو كايتان، كشف في مؤتمر صحفي، أن السلطات المحلية ستخضع العالقين الإسبان للحجر الصحي لمدة 14 يوما بعد عودتهم إلى سبتة.

* الصورة من الأرشيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *