وجهة نظر

مجلس المنافسة ورسائل بلاغ الديوان الملكي

بلاغ الديوان الملكي بخصوص ملف المحروقات يؤكد أن مؤسسات الرقابة والتقنين أيضا في حاجة إلى إصلاحات عميقة، سواء من حيث حكامتها واستقلاليتها، أو من حيث طريقة اختيار أعضائها، فالتجاذبات السياسية تبدو واضحة على مستوى مخرجاتها، وهي نفسها التجاذبات التي عرفتها مؤسسات سياسية أخرى في ذات الملف، خاصة مؤسسة البرلمان التي لم تتمكن من وضع حد للخروقات التي رصدتها اللجنة المحدثة لهذه الغاية.

فقواعد التدبير المرتبطة بحماية المنافسة على الصعيد الدولي تحرص على حيادية مؤسسة الحماية سواء تجاه المتنافسين أو تجاه السلطات الحكومية، على اعتبار أن تحرير الاقتصاد كضرورة ملحة لا يعني الفوضى.

فخروج مجموعة من الأعضاء للاحتجاج على التقرير يعري على واقع التداول ومسلسل اتخاذ القرار في هذه المؤسسة كما في مؤسسات أخرى، لكنه في المقابل ينسف الحلول المؤسساتية التي وجدت داخل القانون المتعلق بحرية الاسعار والمنافسة خاصة المرتبطة بإمكانية الطعن القضائي في قرارات المجلس.

عموما فإن الرسالة التي يحملها بلاغ الديوان الملكي مباشرة لرئيس المجلس تنذر بقرب استقالته أو استبعاده، لكنها أيضا قد تفهم من قبل أعصاء مؤسسات أخرى أن اللجوء إلى المؤسسة الملكية عوض الاحتكام لقواعد التداول والنقاش والتصويت.. ، من شأنه ربح بعض الرهانات التي افتقدت داخل المؤسسات، وهي الرسالة التي حرص بلاغ الديوان الملكي على نفيها من خلال التأكيد على الحرص على استقلالية المؤسسة.

فاللجنة المحدثة التي استندت ضمنيا على مقتضيات الفصل 42 من الدستور دون الاحالة عليه بشكل مباشر، لايمكنها أن تحل محل مجلس المنافسة في موضوع المحروقات ولكن دورها يقف عند استجلاء حقيقة الخلاف الموجود بين رئيس وبعض أعضاء المجلس، حيث يبقى الرهان هو تفعيل قانون حرية الاسعار والمنافسة الذي لا خلاف على وجود انتهاكات بشأنه ولكن الخلاف يبدو في حجم العقوبات المتخذة وتناسبها، حير يراهن الرأي الجميع في هذا الظرف الحساس على اعادة الاعتبار لسيادة القانون ومحاربة الممارسات الاحتكارية التي لا يتحملها الاقتصاد الوطني والوضع الاجتماعي الحرج والذي زادت من تفاقمه تداعيات الجائحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *