وجهة نظر

رسالة مفتوحة إلى عميد كلية العلوم بجامعة ابن زهر بأكادير

كلية العلوم ابن زهر بأكادير

سلام تام بوجود مولانا الخالق الديان الآمر بالقسط والناهي عن خسران الميزان…

أما بعد،

أتابع كسائر المغاربة ببالغ الحسرة والأسى اعتصام ثلاث طلبة أمام باب الكلية التي تشرفون على عمادتها بعد طردهم وحرمانهم من اجتياز الامتحان بحجة ممارستهم العنف والإرهاب، وهذه لعمري تهمة قد لا تبث فيها حتى بعض المحاكم لعدم الاختصاص رغم ما تتمتع به من صلاحية قانونية في هذا الشأن. فكيف يتسنى لمجلس الكلية ذو الصلاحيات البيداغوجية والتنظيمية أن يبث في مثل هذه القضية فرضا انها وقعت؟ ثم هب سيدي العميد أنه فعلا ثبت في حق هؤلاء الطلبة الثلاث ما وصفته بالعنف والإرىهاب وقُدِّموا إلى المحكمة وأُدِينُوا وتم حبسهم، وتقدموا بالتسجيل في الكلية شأنهم شأن سائر السجناء هل من حقك أو حق مجلس الكلية أن يمنعهم من حقهم في متابعة تعليمهم بالكلية أو اجتباز الامتحان بها؟ طبعا الجواب لا!

ثم ألا تحمل سيارات إدارة السجون إبان كل امتحان عشرات المساجين المحكومين في جرائم خطيرة إلى حرم الكليات والمعاهد لتمكينهم من حقهم في التعليم والامتحان؟ فكيف تنصب نفسك سيدي خصما وحكما في نفس الوقت؟ وكيف يسمح مجلس الكلية أن يتخذ ”حكما“ وليس ”قرارا“ في حق طلبة بتهمة ممارسة العنف والإرهاب؟

تذكر سيدي رعاك الله بهدايته أن اتهامك لو كان صوابا لتحركت المساطر القانونية في حق الطلبة الثلاث دون أدنى تأخر، لأن الإرهاب جريمة لا تهدد فقط حياة المواطنين، بل تهدد أمن واستقرار الدولة.

ثم تذكر رعاك الله بهدايته أن اختيار هؤلاء الطلبة الاعتصام كشكل نضالي سلمي يفند كل الاتهامات الموجهة إليهم، ويُبعِد عنهم نزوعهم للعنف والإرهاب.

الآن وقد وقع ما وقع، أناشدك أن تُحَكِّمَ فيك العقل والضمير والمسؤولية وتصغي إلى كل مناشدات المجتمع المدني والمساعي الحميدة والوساطات النبيلة لتقتنص اللحظة والفرصة بكل روح تربوية عالية لترجع المياه إلى مجراها الطبيعي، وتعيد الأمور إلى نصابها تلبية وتقديرا لكل هذه المناشدات التي لو لم يتقين اصحابها من عدالة قضية الطلبة لما تحركوا للقيام بها.

أملنا فيكم سيدي أن تكبروا في هذه اللحظة وتظهروا رفعة أخلاقكم وسمو قيمكم ونبل مساعيكم، وتعلنوا إسقاط قرار الطرد والمنع من الامتحان ليسجل لكم التاريخ أنك كنت رجل تواصل وحوار ينتصر الحق ولو على نفسه.

واعلم سيدي أن ظلم العباد جريمة في الدنيا، وخزي وندامة يوم القيامة، وتذكر قول الله سبحانه: ”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ“.

ولكم مني سيدي العميد خالص التقدير والاحترام، راجيا المولى عز وجل أن يلهمك السداد والصواب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فؤاد هراجة / كاتب وباحث في الفلسفة وعلم الأخلاق

الرباط: 24 شتنبر 2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *