زحف كورونا.. هل تحققت نبوءة مالتوس التشاؤمية!؟

منذ عقود طويلة أرٌقت الظاهرة السكانية علماء الديمغرافيا، خاصة الاتجاه المناصر للفكر الليبرالي، الذي لا يهمّه أن تكون البدائل الاقتصادية على حساب الكائن البشري.

كورونا فيروس زكّت أطروحات اقتصادية، وفلسفية، ظهرت خلال العصر الحديث، وتبنتها أصوات مدعّمة ل” براديغم” الهدم، الذي يخدم توجّهات اقتصادية ترى في النمو الديمغرافي مشكلة أمام النمو الاقتصادي، وأمام البدائل المطروحة على مستوى تراجع الموارد، وضعف الإنتاج، مما يستوجب مراجعة فلسفة التطور السكاني في علاقته بالوضعية الاقتصادية.

وقد تمخّض عن هذا القلق ظهور نظريات اقتصادية ” متطرّفة” منها نظرية روبرت مالتوس الانجليزي، وهي النظرية المعروفة بـ”المالتوسية” نسبة إليه، وهناك من يطلق عليها النظرية التشاؤمية بالنظر إلى إجراءاتها التي يعتبرها مالتوس مدخلال لحل المشكلة الاقتصادية.

لقد حاول مالتوس تفسير ظاهرة تنامي الفقر ومشكلاته في العالم بتزايد أعداد السكان ونموها بمعدلات تفوق معدلات نمو المحاصيل الزراعية وموارد العيش، مما سيؤدي الى اختلال التوازن، ما يفرض التفكير في حلول لضبط الاختلال القائم بين النمو الديمغرافي الذي يسير وفق متتالية هندسية اثنان/ أربعة/ ثمانية.. على حساب النمو الإنتاجي الذي يسير وفق متتالية واحد/ اثنان/ ثلاثة.. ما يعني حصول خلل في المعادلة بين الإنتاج/ الاستهلاك والتوالد.

نظرية مالتوس يعتبرها الكثيرون تشاؤمية لأنها تطرح فرضية تدخل الطبيعة لإعادة التوازن، وذلك عبر انتشار المجاعة، الأوبئة، الحروب، المرض.. كما أنه يقترح تدخل الدولة والأسرة لضبط وثيرة النمو الديمغرافي باقتراحه حلولا تصب في خانة وقف الزحف السكاني.

هكذا، فوباء كورونا، وبصرف النظر عن أسرار ظهوره، فتك بالملايين عبر العالم، وما زالت تداعياته ترخي بظلالها على مستقبل الكرة الأرضية؛ اقتصاديا وبشريا.