الحلقة المفقودة في الخطاب السياسي بين الوعود والمبررات

وصف مصطفى بايتاس خلال ندوة صحافية أمس الأربعاء، ظروف تنصيب الحكومة الحالية بالسياق المختلف عن الحكومات السابقة، مبرزا أن حكومة أخنوش تزامنت مع ندرة الماء، وشح الأمطار، وأزمة “كورونا”، وحرب أوكرانيا، وارتفاع الأسعار. كما تأسف الناطق الرسمي باسم الحكومة عن تضرر القدرة الشرائية للمواطنين، خصوصا الطبقتين المتوسطة والهشة مخاطبا إياهم بقوله :” الله يحسن لعوان”. وأردف بايتاس، بأن الحكومة تعمل في ظل هذه الظروف على دعم الاقتصاد الوطني وتدبير مقدرات المغاربة بشكل يحفض السيادة المغربية.
لكن، بالأمس القريب تضمن البرنامج الانتخابي لحزب التجمع الوطني للأحرار ( الذي ينتمي له بايتاس) وعودا بالخط العريض، مفادها أنه ابتداء من سنة 2022، سيتم تعميم الإعانات على كل الأسر التي لها أطفال بهدف دعم التمدرس،
وتخصيص منحة ترتبط بتتبع الحمل والتلقيح من أجل مساعدة الأسر على مواجهة نفقات الولادة،وصرف 300 درهم من التعويضات الشهرية عن كل طفل، في حدود 3 أطفال لكل أسرة، شريطة مواصلة التمدرس. ومنحة عن الولادة قدرها 2000 درهم عن أول مولود، و1000 درهم عن المولود الثاني،وتحويل مبلغ 400 درهم شهريا لفائدة من تفوق أعمارهم 65 سنة، وسيصل هذا المبلغ إلى 1000 درهم سنة 2026.
إذا كان الناطق الرسمي باسم الحكومة اليوم، يأخذ وقته في شرح المعيقات، فإن ما تقدم به حزبه من وعود تزامن مع نفس الظروف الصعبة، المتمثلة في أزمة كوفيد 19، وارتفاع الأسعار، وتأخر التساقطات المطرية. فهل كان البرنامج الانتخابي مجرد وعود وأحلام وردية، انتهت صلاحيتها مع إغلاق مكاتب التصويت مساء الثامن من شتنبر ؟
ما يزكي ذلك تغير خطاب الطالبي العلمي بين الأمس واليوم من قوله :”غنعطيو 2500 للمواطن المغربي ولي مشدهاش يجري علينا بالحجر” إلى نعت رافعي “الهاشتاك” بالمرضى داعيا لهم بالشفاء !
تغير المواقف والتحول من الوعود إلى التبرير ليس بالأمر الجديد. وهو تبادل أدوار بين من كانوا في الأغلبية بالأمس، وأصبحوا في معارضة اليوم. وإذا تبدل خطاب قادة التجمع الوطني للأحرار فقد سبقهم في ذلك حزب العدالة والتنمية، الذي تخلى عن كثير مما وعد به قبل تسلمه رئاسة الحكومة لولايتين متتاليتين.
وهو ما قد يفهم منه بأن السياسة مطية لتحقيق المصالح، وتصفية الحسابات مع الخصوم، و استغلال النفوذ، وتجنب المتابعات. وما خفي أعظم !
ولعل هذا بالضبط ما يؤخر التنمية بعدد من القطاعات خصوصا الخدماتية، حيث تظل إنجازات الحكومات لا تتناسب مع الطموحات الكبيرة لملك البلاد. والدليل أن كل المشاريع التي تشرف عليها المؤسسة الملكية بشكل مباشر تؤتي ثمارها بشكل ملموس على المدى القريب والمتوسط، من بينها على سبيل المثال لا الحصر : النجاح الدبلوماسي الكبير والمكانة المميزة التي أضحت تحظى بها المملكة على الصعيدين الإفريقي والدولي، وتحسن البنية التحتية بمدن المملكة التي أصبحت جماليتها تضاهي مدن الدول المتقدمة، إلى جانب النجاحات المبهرة في مجال الرياضة، حيث يحرص جلالة الملك شخصيا على تشجيع ودعم كل الفئات، والاتصال بالذين يحققون نتائج جيدة.
وبعيدا عن الخطاب الشعبوي وتبادل الاتهامات، ما ينقصنا هو تركيز الجهود وتوحيد الأهداف بين المواطنين والمسؤولين عن التدبير. وأن يقوم كل واحد بواجبه على أكمل وجه حبا في الوطن ودفاعا عنه ضد التحديات والأعداء. فإذا أخلص كل فرد في عمله سيكون بإمكاننا الاستفادة من أغلى ثروة نتوفر عليها وهي الرأسمال البشري، خصوصا أن الهيكل العمري بالمغرب يصنف بصغير السن. أي أننا مجتمع شاب مفعم بالحيوية والنشاط، ونتوفر على طاقات بإمكانها الابتكار وبناء مستقبل زاهر.
اترك تعليقاً