منتدى العمق

تانميرت أيها الملك المفدى

يقال في الأثر الفلسفي” كثيرون يؤمنون بالحقيقة… وقليلون ينطقون بها”، وهنا اخترت أن أكون من تلك القلة التي تؤمن وتنطق بالحقيقة. والإيمان الصادق هنا يجعلنا نقول “تانميرت أيها الملك”. لكن لماذا يجب أن نصدح بها هنا والآن؟ ببساطة لأن هذا الانسان الحامل لمسؤولية الدولة الأمة، صعد أعلى المنصة بأجدير يوم 17 أكتوبر 2001، ليسحب البساط من تحت ألسنة وأصوات الغلاة هنا وهناك وهم يتلاعبون بقضايا “القضية الأمازيغية”.

احتفل المغرب يوم 14يناير برأس السنة الأمازيغية، لتتوج هذه اللحظة التاريخية مسارا طويلا تراكمت فيه مجموعة من القرارات التي رسخت للحقوق الثقافية الأمازيغية. فهذا التراكم تسارعت خطواته مع الظهير الشريف المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، حيث كان ذلك بمثابة تأميم للقضية الأمازيغية باعتبارها قضية في ملكية المغاربة بكل اختلافاتهم الإثنية والثقافية واللغوية وحتى الدينية. فأعلى سلطة في البلد وبصوت حازم يقول في قلب أجدير: ” إننا نريد، في المقام الأول، التعبير عن إقرارنا جميعاً بكل مقومات تاريخنا الجماعي، وهويتنا الثقافية الوطنية، التي تشكلت من روافد متعددة، صهرت تاريخنا ونسجت هويتنا، في ارتباط وثيق بوحدة أمتنا، الملتحمة بثوابتها المقدسة.

يحسم إذن عاهل البلاد الأمر، ويعتبر الهوية الأمازيغية هوية ثقافية وطنية، وجزء من الهويات المتعددة الروافد التي شكلت مابات يعرف في أدبيات الانتروبولوجيين بتمغربيت. فهي إذن كما أكد جلالته في نفس الخطاب “ملك لكل المغاربة بدون استثناء{…} لا يمكن اتخاذها مطية لخدمة أغراض سياسية، كيفما كانت طبيعتها”. وبدون شك، فالسياسة والايدولوجيا في تقديرنا هي السبب الرئيسي من وراء حرمان المغرب والمغاربة من استكمال بناء صرح الحقوق الثقافية الأمازيغية، باعتبار الحقوق تبنى وتترسخ بل تترعرع في رحم العلاقات الاجتماعية بين مختلف المكونات الثقافية والإثنية. وبالتالي تفويت لفرص التنمية والرقي.

إن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، هو جواب على الظمأ الهوياتي الثقافي الذي أججته في الستينات من القرن العشرين جمعيات أمازيغية، ونذكر منها الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي وجمعية تامينوت…في إطار ما يسمى بالحركة الأمازيغية، ولعل صراعها هو الذي سيس هذا الظمأ الهوياتي. وبغض النظر في حكمنا اليوم على من هو على الحق، فالإنصاف يجعلنا نعترف بحسنات هذا الاتجاه السياسي، إذ ساهم تدافعه مع السلطة إلى الوصول إلى 41 يناير.

نعم تانميرت أيها الملك، لأن وضعك الديني كأمير للمؤمنين جعل المغاربة يقبلون منك الاعتراف بالحقوق الثقافية للأمازيغية، التي تضررت من التيار الحامل للوائها الذي وجد نفسه في مأزق وجودي، بحيث توقه لتكريس هذه الحقوق جعله في صراع مع الدين الإسلامي الذي كان يرى فيه عائقا لتملكها. فهؤلاء كما أكد ذلك الاب الروحي للحركة التقافية الامازيغية محمد شفيق في كتابه الدارجة المغربية مجال توارد بين الأمازيغية والعربية كانوا يعتبرون “الدين هو العامل الأساسي الذي رجح كفة العربية على كفة البربرية “، لذلك فشل هذا التيار في انتزاع الحقوق الثقافية، لأنه ظل بدون ظهير شعبي مادام روح الشعب يهيم بالدين ويمجده.

خطاب أجدير ساهم في التداعي الحر للتمثلات الاجتماعية التي رسخها الاستعمار الفرنسي عبر “الظهير البربري” الذي ترك ندوبا في وعي المغاربة العميق على أن الأمازيغية ارتبطت كما يحيل محمد بودهان في كتابه “الظهير البربري حقيقة أم أسطورة” إلى الغدر والخيانة والتفرقة والعنصرية والـتآمر على الإسلام والوطن.

هذا الخطاب الملكي إذن وما استتبعه من ترسيم للغة الأمازيغية في الدستور المغربي وادماجها في التعليم من خلال التنصيص عليها في الميثاق الوطني للتربية والتكوين أو عبر الاعلام السمعي والبصري العمومي والخاص وفي مختلف مناحي الحياة العامة، قضى قضاء مبرما ونهائيا على ثقافة الأمازيغوفوبيا، لذلك كله نقول في يوم السنة الأمازيغية تانميرت أيها الملك. واملنا ان يتم التسريع بتنزيل القوانين التنظيمية لجعل القرار الرسمي في مستوى الطلعات. وعدم تفويت مزيد من فرص التنمية التي ينشدها الجميع في مغرب القرن الواحد والعشرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ سنتين

    صدقت القول، وهذه هي الحقيقة التي لن ينكرها سوى جاحد، فمنذ توليه عرش المملكة المغربية وهو يولي اهتمام كبير بالثقافة واللغة الامازيغية، ان ما وصلت اليه الامازيغية اليوم يعود فيها الفضل كله الى صاحب الجلالة بداية من تاسيس معهد خاص بها مرورا الى ادماجها في التعليم والاعلام وصولا الى اقرار راس السنة الامزيغية يوم عطلة