أزيد من 31 ألف مقاولة جديدة خلال 2024.. وخبير: لا تلبي حاجيات سوق الشغل

يشهد المغرب دينامية ايجابية ملحوظة على مستوى إحداث المقاولات خلال سنة 2024، حيث كشف المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية عن تسجيل 31 ألفا و481 مقاولة جديدة خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية.
وتتوزع هذه المقاولات الجديدة بين الأشخاص الاعتباريين (22.856 مقاولة) والأشخاص الذاتيين (8.625 مقاولة)، مما يُؤكد على تنوع الفاعلين الاقتصاديين في مختلف المجالات.
كما تُشير البيانات إلى هيمنة القطاع التجاري على قائمة القطاعات الأكثر استقطابا للمقاولات الجديدة بحصة 34,73 في المائة، يليه قطاع الخدمات المتنوعة (19,23 في المائة)، والبناء والأشغال العمومية والأنشطة العقارية (18,85 في المائة).
وتأتي هذه النتائج مُتناسقة مع التوجهات الاستراتيجية للمملكة الرامية إلى تنويع الاقتصاد الوطني وتعزيز المهن الحرفية والصغيرة والمتوسطة، وهي معطيات تساءل مدى قدرة المقاولات المتحدثة على خلق فرص العمل وتوفير المزيد من العروض للسلع والخدمات، مع المساهمة بشكل مباشر في تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الاندماج الاجتماعي.
سعيد أهادي، محلل اقتصادي، أكد أن الرقم المسجل عادي نظرا للإحصاءات والأرقام المسجلة خلال السنوات الأخيرة، حيث تجاوز عدد المقاولات المنشأة منذ 2018، ما يعادل 93000 في السنة. وبالمقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية فإن الرقم المعلن أقل مما تم تسجيله سنة 2023، (31600)، وسنة 2022 (33000) وسنة 2021 (40000)، فيما تم تسجيل سنة 2020 (24000).
واعتبر المتحدث ضمن تصريحه لجريدة “العمق”، أن العدد المحدث غير كافي بالنظر إلى التحديات المستقبلية، خاصة وأن عدد المقاولات الصغرى والمتوسطة يبقى هو السائد، كون أن الصيغة القانونية الغالبة تتمثل أساسا في الشركات ذات المسؤولية المحدودة (أكثر من 99%) فيما تبلغ نسبة الشركات ذات الشريك الوحيد (أكثر من 65%).
وأوضح الخبير الاقتصادي، أنه انطلاقا من معدل ثلاثة مناصب شغل لكل مقاولة جديدة فإن عدد مناصب الشغل المحدثة لن يتجاوز 280 ألف في السنة، وهو أقل بكثير من عدد الشباب الجدد المقبلين على سوق الشغل والذي يقدر عددهم بقرابة 300 ألف، هذا دون الأخذ بعين الاعتبار عدد المقاولات المالية كل سنة والذي يتراوح خلال السنوات الأخيرة في حدود 13 ألف سنويا.
وأضاف: “ما يؤكد أن العدد الصافي لإنشاء المقاولات بالمملكة المغربية لا يتجاوز في أحسن الأحوال 80 ألف وهو غير كافي للاستجابة إلى الطلب المتزايد على سوق الشغل”، مشيرا إلى أن المقاولات المغربية المنشأة يغلب عليها الطابع التجاري، بنسبة 35% والخدمات المتنوعة 19%، والبناء والأشغال العمومية والأنشطة العقارية 19%، أي أن هذه الأنشطة الثلاثة تمثل قرابة ثلاثة أرباع العدد الإجمالي للمقاولات التي تم إنشاؤها بالمغرب في الشهور الأربعة الأولى لسنة 2024.
وحسب أهادي، فإن النشاط المقاولاتي بالمغرب لم يرق بعد إلى الطموحات والتحديات المستقبلية للمملكة مما يسأل في المقام الأول جودة مناخ الأعمال ثم جاذبية المملكة للمقاولين الشباب المغاربة، وثالثا التوفر على عدد كافي من المقاولين الشباب المقتنعين بجودة مناخ الأعمال وإمكانية تحسين وضعهم الاقتصادي والاجتماعي عن طريق إنشاء وتدبير المقاولات.
وتابع: “هذا الوضع يساءل أيضا دور المؤسسات التعليمية بمستوياتها للتحسيس والتكوين الجيد في مجال روح المقاولات وإنشاء المقاولات الناجحة، وأخيرا ما مدى جودة هذه الأرقام الرسمية في الإلمام بظاهرة إنشاء وتطوير المقاولات، خاصة وأن العديد من الشباب المغاربة يفضلون القطاع غير المهيكل رغم الإغراءات وتشجيعات المقاول الذاتي”.
وشدد المختص على أن “هاجس الإفلاس المرتبط بالمقاولة يظل من بين الأمور المعقدة بالنظر إلى الإمكانات المرصودة، من خلال برامج متنوعة لمواكبة الفعل المقاولاتي بالمغرب وما يحدث من أثر سلبي في نفوس حاملي المشاريع”.
وقال المتحدث إن “إفلاس الشركات ظاهرة طبيعية داخل أي مجتمع، إلا أن المغاربة يواجهون صعوبة في تقبل الفشل بسهولة، بل ويخافون منه بشكل كبير، وهو ما يعزى بشكل خاص إلى الضغوطات الاجتماعية والأسرية والأصدقاء، بالإضافة إلى الضغط الهائل في النظام التعليمي الذي يُصوّر الفشل كارثة عظمى”.
وخلص الخبير الاقتصادي إلى أن “عدد المقاولات التي تم إنشاؤها وعدد المقاولات المفلسة لن يمنع المغرب من التركيز على جاذبية المملكة وتجويد مناخ الأعمال وتشجيع مستمر للشباب لإنشاء مقاولاتهم، مع العمل أيضا على إقناع مغاربة العالم للاستثمار أكثر بالمملكة المغربية وضرب بيد من حديد كل من يعرقل حاملي المشاريع بالتراب المغربي”.
اترك تعليقاً