أدب وفنون

“وجهة الفرنكوفونية بالمغرب”.. عرض سينمائي بالعيون يجمع بين الذاكرة والانفتاح

احتضنت قاعة العروض التابعة للمديرية الجهوية للثقافة بمدينة العيون، العرض ما قبل الأول للفيلم الوثائقي “وجهة الفرنكوفونية في المغرب”، الذي نظمته جمعية الصداقة المغربية الفرنسية للثقافة والتربية بشراكة مع القناة العالمية TV5MONDE. شكل هذا الحدث، الذي أقيم مساء أمس الأحد، مناسبة ثقافية سلطت الضوء على رحلة استكشافية عبر مختلف ربوع المملكة، مقدمة للجمهور صورة حية وغير متوقعة عن الثقافة الفرنكوفونية المغربية.

وكشف الفيلم، الذي قدمه الصحفي إيفان كاباكوف، عن مسار غني ومتنوع يمتد من شمال المملكة إلى جنوبها، عابرا مدنا ذات رمزية تاريخية وثقافية عميقة. وتوقف العمل الوثائقي عند محطات رئيسية مثل مدينة مكناس، إحدى العواصم التاريخية للمملكة، حيث استعرض تاريخها العريق وكيفية تشكل الفرنكوفونية في نسيجها الاجتماعي. وتابع الفيلم رحلته إلى مدينة بن جرير، التي تمثل نموذجا للتطور الحديث والابتكار من خلال جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، والتي أصبحت قطبا للمعرفة يستقطب طلابا من مختلف أنحاء إفريقيا والعالم.

وأعرب الصحفي إيفان كاباكوف، في رسالة مصورة وجهها للحضور، عن أسفه لعدم تمكنه من الحضور شخصيا بسبب انشغاله بتصوير حلقة جديدة في ألبانيا. وأضاف أنه عاش تجربة ممتعة رفقة فريقه خلال الأيام العشرة التي قضاها في تصوير الفيلم بالمغرب، مؤكدا أن الهدف كان لقاء المغاربة الشغوفين باللغة الفرنسية وتسليط الضوء على قصصهم. ووجه كاباكوف شكرا خاصا لمختلف الجهات التي دعمت إنتاج هذا العمل، بما في ذلك سفارة المغرب في باريس، ووزارة الثقافة والاتصال، ووزارة الداخلية، بالإضافة إلى سفارة فرنسا في المغرب والمعاهد الفرنسية التي رافقت المشروع.

وفي سياق متصل، أكدت الأستاذة العالية بوكزاج، رئيسة جمعية الصداقة المغربية الفرنسية للثقافة والتربية، في كلمتها الافتتاحية، أن هذا الحدث يتجاوز كونه مجرد عرض سينمائي، ليمثل احتفاء حقيقيا بحوار الثقافات وقيم الانفتاح والتبادل. وأشارت إلى أن الفرنكوفونية ليست مجرد لغة، بل هي فضاء واسع للقاء وتبادل الأفكار يربط بين ملايين الأشخاص حول العالم. وأضافت أن الفيلم يبرز غنى التراث المحلي، وطاقة الشباب المبدع، وجهود الفاعلين المحليين في تعزيز الثقافة والتعليم، خصوصا في مدينتي العيون وطرفاية، التي وصفها العمل بأنها ملتقى للتاريخ والذاكرة.

وأشار المنظمون إلى أن اختيار هذه المدن لم يكن عشوائيا، بل جاء ليعكس التنوع الذي تزخر به المملكة، وليقدم للمشاهد العالمي صورة شاملة عن المغرب الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة. وجسد الفيلم هذا التناغم من خلال استعراض فن الجرافيتي في الأحياء الجديدة بمكناس، والتقدم العلمي في بن جرير، وصولا إلى الإرث التاريخي المرتبط بأنطوان دو سانت إكزوبيري في طرفاية، والذي وجد في صحرائها الإلهام لكتابة رائعته “الأمير الصغير”.

وشكل الحدث فرصة لتجديد الدعوة إلى تعزيز التعاون الثقافي وجعل الفضاءات العامة والجمعوية منارات للحوار والاحترام المتبادل. واختتمت الأمسية على أمل أن تكون هذه الفعالية نقطة انطلاق لمبادرات وشراكات جديدة تخدم إشعاع المنطقة ثقافيا وتساهم في بناء جسور متينة من الصداقة بين المغرب والعالم الفرنكوفوني.