إصدار أكاديمي جديد يرصد أبعاد التعايش ومناعة النموذج الديني المغربي

صدر حديثاً عن المنتدى الأوروبي للوسطية ببلجيكا مؤلف جماعي جديد، شارك في إعداده ثلاثة عشر كاتبا من تخصصات وخلفيات علمية متعددة، وهو عمل أكاديمي يهدف إلى مقاربة مسألة التعايش السلمي من خلال تعزيز مفهوم الأمن الروحي.
الكتاب الذي يحمل عنوان “الأمن الروحي للمغاربة وتطبيقاته المعاصرة: قضايا وأبحاث”، شارك في إعداده نزيهة امعاريج، وخالد التوزاني، وادريس الكنبوري، وعلال الزهواني، وخالد صقلي، والتيجاني بولعوالي، ويوسف عطية، وابراهيم ليتوس، ومريم الكاهية، خالد اوعبو.
ويتطرق الكتاب عبر محاور عدة و مواضيع من قبيل موضوع الأمن الروحي في المغرب، من خلال تحليل دوره في تعزيز الاستقرار الديني والاجتماعي، والوقوف على أسسه ومبادئه، فضلاً عن التحديات التي تواجهه وسبل ترسيخه في الواقع المغربي المعاصر.
وفي تقديم هذا العمل، كتب منسقه كمال القصير أن تعريف التدين المغربي عالمي نظرا لحضور المغاربة في جميع بقاع العالم، مؤكداً على ضرورة تطوير المفاهيم والقيم الدينية الأصيلة للمذهب الأشعري والتصوف المغربي بما يجعلها قادرة على مواجهة التحديات الفكرية المعاصرة.
وأشار القصير إلى أن المنتدى الأوروبي للوسطية يرى أن الإشكال لا يكمن في الانتماء العقدي أو المذهبي، بل في مستوى الوعي الثقافي بالقيم الإنسانية ومدى القدرة على تجاوز إشكالات الفكر المادي ومنظومة الحريات الغربية.
يرصد الكتاب مفهوم الأمن الروحي باعتباره حماية للعقيدة الإسلامية الصحيحة من التهديدات الداخلية والخارجية، وصونا للثوابت الدينية وقيم العدل والوسطية مؤكدا أن مسألة تعزيز الأمن الروحي هي أمر بالغ الأهمية لتحقيق التعايش السلمي.
في سياق متصل يربط المؤلف الاطمئنان القلبي و الأمن السلمي وهذا النمط من الأمن يرتبط بالعقيدة، ويؤثّر في السلوك، ، والأمن أعزّ ما يُطلب، ومفتاح كل إبداع ونجاح، والبيئة التي تفتقد الأمن، فهي تفتقد كل شيء، وهذا يوازي جميع انواع الأمن الأخرى في الحياة اليومية.
فمسألة الأمن السلمي مرتبطة ظلت ركيزة أساسية في التواصل و التنمية والتحديث، وبعيدا عن التيارات المتشدّدة واختيار المغرب للعقيدة الأشعرية والمذهب المالكي وتصوف الإمام الجنيد و إمارة المؤمنين بوصفها المؤسسة العليا حرص المغرب على حفظ أصول هذا الأمن وعلى رأسها الإسلام الوسطي الذي ينهل من الكتاب والسنة روحه ومحتواه.
وأكد أن المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة تتمثل في الدين الإسلامي السمح, والتشريعات المغربية أولته عناية بارزة و دستور المملكة المغربية نص في فصله 41 على أن: الملك أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية، فقد جاء في عدة خطب ورسائل ملكية.
وفي إطار القيم الحقيقية للإسلام، طبقا لمبادئ المذهب المالكي، الذي يدعو للاعتدال والتسامح، والابتعاد عن الظلامية والتطرف.
ويرى الباحثون أن حصر مفهوم الأمن الروحي في المجال الديني فقط يعد اختزالاً، لأن هذا الأمن يمتد أيضًا إلى الجوانب النفسية والاجتماعية والثقافية التي تساهم في طمأنينة الفرد واستقرار المجتمع.
كما يشير الكتاب إلى أن استقرار مفهوم الأمن الروحي يقوم على الاحترام المتبادل والمشترك الاجتماعي، الذي يتأسس عبر الزمن من خلال القيم الدينية واللغوية والعرفية المشتركة، مؤكدًا أن بناء هذا المشترك عملية تراكمية ناتجة عن تجارب وتحولات تاريخية.
اترك تعليقاً