سياسة، مجتمع

انتقد تقاعس رئيسي البرلمان.. بنعبد الله: خطأ القاضي الدستوري يصبح صوابا والرقابة موجودة في الشريعة

انتقد رئيس المحكمة الدستورية، محمد أمين بنعبد الله، ما اعتبره غيابا واضحا للمبادرة من رئيسي مجلس النواب ومجلس المستشارين في إحالة القوانين المثيرة للجدل إلى المحكمة الدستورية، على الرغم من تمتعهم بهذه الصلاحية الدستورية، مؤكدا أن دورهم لا يقتصر على تمرير القوانين، بل يشمل أيضًا ضمان تطابقها مع الدستور عبر تفعيل الرقابة الدستورية.

وأشار بنعبد الله، ضمن محاضرة علمية له بعنوان “المراقبة الدستورية بالمغرب: تأصيل، تطور وآفاق”، التي احتضنتها كلية الحقوق أكدال بالرباط، أمس الأربعاء، (أشار) إلى أن كثرة اللجوء إلى القضاء الدستوري ليست مؤشرًا على الصراع، بل تهدف إلى تطهير القوانين دستوريًا وضمان تطابقها مع المبادئ الدستورية.

وأوضح المتحدث أن المحكمة الدستورية، منذ إنشائها عام 2017 وحتى الآن، أصدرت 246 قرارًا، منها 5 قرارات فقط تتعلق بالقوانين العادية، و20 بالقوانين التنظيمية، و128 بالانتخابات، وأن المجلس الدستوري أصدر خلال 23 سنة 1043 قرارًا، 73% منها مرتبطة بالانتخابات، بينما اقتصرت القرارات المتعلقة بالقوانين العادية على 14 فقط.

ووصف بنعبد الله مهنة القاضي الدستوري بأنها من أخطر المهن القانونية، مشددًا على أن قراراته نهائية وغير قابلة للإلغاء بموجب الدستور المغربي. وأكد أن أي خطأ يصدر عن القاضي الدستوري يتحول إلى صواب إذا لم يبادر القاضي نفسه إلى تصحيحه، وهو ما يبرز أهمية دقة وكفاءة هذه المؤسسة في أداء مهامها.

وفي معرض حديثه، أشار بنعبد الله إلى أن واجب التحفظ الذي يلتزم به القضاة الدستوريون لا يعني الصمت أو العزوف عن التواصل مع الأوساط الأكاديمية. بل شدد على أهمية الحوار بين القضاء والجامعة لتعزيز الفهم القانوني المتبادل، مؤكدًا أن التواصل مع المؤسسات الأكاديمية لا يمس بقدسية القضاء، موضحا أن المحاضرة، تُعد الأولى من نوعها التي يخصصها مسؤول في المحكمة الدستورية، أو المجلس الدستوري لموضوع يخص اختصاص المحكمة.

في جانب آخر من محاضرته، أكد بنعبد الله أن المراقبة الدستورية ليست مفهوما حديثًا مقتصرًا جاءت به الأفكار المستقاة من قرار المحكمة العليا الأمريكية في قضية ماربوري ضد ماديسون أو أعمال الفقيه هانز كلسن، بل لها جذور في الشريعة الإسلامية. واستشهد بقدرة القضاة القدماء في الإسلام على الفصل في القضايا وفق مبادئ الشريعة، مما يعكس تقاربًا بين القيم الإسلامية والأسس القانونية الحديثة.

واستشهد بحديث معاذ بن جبل”أن رسول الله صلى الله وسلم لما أراد أن يبعث معاذا إلى اليمن قال: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضى بكتاب الله، قال فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال فبسنة رسول الله صلى عليه وسلم، قال فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى عليه وسلم ولا في كتاب الله؟ قال أجتهد رأيي ولا آلو؟ فضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صدره وقال: الحمد لله الذي وفّق رسول رسول الله لما يُرضي رسول الله”.

واستعرض رئيس المحكمة الدستورية تطور المراقبة الدستورية في المغرب، مبينًا أن بداياتها كانت متواضعة مع الغرفة الدستورية بالمجلس الأعلى، التي مارست رقابة محدودة جدًا منذ الستينيات وحتى دستور 1992، الذي أنشأ المجلس الدستوري. الذي أُعطي صلاحيات أوسع لمراقبة دستورية القوانين، لكن نتائجه لم تكن دائمًا بالمستوى المطلوب.

ورجح المتحدث أن يكون تسمية المحكمة الدستورية التي جاء بها دستور 2011 بدل المجلس الدستوري، راجعة لكون المحكمة اصبحت لها مهمة أخرى هي الدفع بعدم الدستورية، والدفع بعدم الدستورية يقتضي أن تكون هناك محاكمة بحضور المحاميين والحضور والمتقاضين، “فقد اصبحت محكمة أكثر مما هي مجلس”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *