مجتمع

حلول الاستيراد تفشل في لجم غلاء اللحوم.. الغنبوري: يجب تصحيح مسار الأزمة

بات ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء في الأسواق المغربية خلال الأسابيع الأخيرة، يمثل أزمة حقيقية تمس القدرة الشرائية للمواطنين، في ظل الأعباء الاقتصادية المتزايدة التي تعيشها الأسر المغربية. وتكشف هذه الأزمة رغم المحاولات الحكومية للسيطرة عليها عن وجود اختلالات هيكلية في آليات الاستيراد وغياب الشفافية والحس الوطني لدى بعض الفاعلين في القطاع.

وبحسب أحدث إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، فإن  أسعار المواد الغذائية، وهي المحرك الرئيسي للتضخم في المغرب، ارتفعت بنسبة 0.8 بالمئة والمواد غير الغذائية 1.2 بالمئة، بينما تصدر أثمنة اللحوم حجم الارتفاعات بـ 1 في المائة، و”الزيوت والذهنيات” بـ 0,8 في المائة، و”الحليب والجبن والبيض” بـ 0,6 في المائة، و”القهوة والشاي والكاكاو” بـ 0,3 في المائة. وفيما يخص المواد غير الغذائية، فإن الارتفاع هم على الخصوص أثمان “المحروقات” بـ 0,3 في المائة.

وبالنظر إلى المعطيات الراهنة، يرى خبراء ومحللون اقتصاديون، أن الإجراءات المتخذة لاستيراد اللحوم لم تحقق النتائج المرجوة، بل إن اللحوم المستوردة التي كان يفترض أن تكون حلا للأزمة وصلت إلى الأسواق بأسعار تقارب اللحوم المحلية مما يثير تساؤلات حول كفاءة عملية الاستيراد ومدى وجود احتكار في هذا المجال.

استغلال الاستيراد

وأوضح رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي علي الغنبروي، أنه رغم إرجاع وزير الفلاحة استمرار غلاء اللحوم إلى تحديات مرتبطة بالنقل وضعف الإنتاجية، إلا أنه لم يتطرق بشكل كافٍ إلى مسألة الاحتكار أو المضاربة، التي تعتبر جزءا أساسيا من المشكلة، لاسيما أن هناك تصريحات لبعض قادة الأغلبية الحكومية تتحدث عن استغلال عملية الاستيراد لتحقيق مكاسب مالية على حساب المصالح الوطنية.

أكد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، أن الوزارة ستعقد اجتماعًا مشتركًا مع وزارة الداخلية ووزارة الصناعة لاتخاذ إجراءات لمعالجة إشكالية الفارق في الأسعار بين المجازر والضيعات من جهة، وبين أسواق الجملة والتقسيط من جهة أخرى.

وأوضح البواري أن الحكومة ركزت على ضمان تزويد السوق المحلي بالكميات اللازمة من اللحوم والماشية، حيث تم استيراد حوالي 167 ألف رأس من الأبقار، و906 آلاف رأس من الأغنام، و1724 طنًا من اللحوم، بالإضافة إلى زيادة الكميات المستوردة من كتاكيت الدجاج اللاحم والديك الرومي بنسبة تفوق 17 في المئة مقارنة مع السنة الماضية.

وأشار إلى مواصلة الجهود المتخذة بشأن استيراد الماشية واللحوم، مع التركيز على الصرامة الصحية في دفتر التحملات، مشيرًا إلى أن الاستيراد مبسط ومفتوح لكل الفاعلين والمستثمرين، وأنه تم فتح المجال للاستيراد من أكثر من 45 دولة تم إبرام اتفاقية السلامة الصحية معها، لا سيما الدول التي تنتج كميات كبيرة.

وسجل المحلل الاقتصادي، ضمن حديثه لـ”العمق المغربي”، أن هذه التصريحات تزيد من وضوح الصورة وتؤكد الحاجة إلى إعادة النظر في التدابير المتخذة لضمان أن تصب هذه الجهود في صالح المواطن المغربي، معتبرا أن  استمرار هذا الوضع يكشف عن غياب الحس الوطني لدى بعض المستوردين الذين فضلوا تحقيق أرباح على حساب توفير سلعة أساسية بأسعار مناسبة، وهو أمر يتطلب تدخلا حازما لمواجهة الاحتكار وضمان النزاهة في آليات السوق.

تصحيح المسار 

وأكد الغنبوري أن أزمة أسعار اللحوم التي تثقل كاهل المغاربة تتطلب تدخلًا حكوميًا فوريًا عبر ثلاث خطوات رئيسية لتصحيح المسار وضمان استقرار السوق، وتتمثل الخطوة الأولى، حسب الغنبوري، في تنويع الأسواق التي تستورد منها الحكومة اللحوم بدل الاقتصار على البرازيل ، مشيرًا إلى أن “الاعتماد على مصدر واحد خلق إشكالات مرتبطة بجودة اللحوم المستوردة وأسعارها، مما يستوجب الانفتاح على أسواق جديدة لضمان تنويع المنتجات”.

وأشار الغنبوري إلى أن الحكومة مطالبة بالانفتاح على أسواق جديدة لضمان وفرة العرض، مع ضرورة إلغاء القيود التي تحول دون دخول مستوردين جد: ، موضحا أنه “لا يمكن أن تظل عملية الاستيراد محتكرة من قبل ثلاثة أو أربعة مستوردين فقط، بسبب دفتر شروط يعرقل تنويع العرض ويُكرس الاحتكار”.

وحث الغنبوري الحكومة ، كإجراء ثاني، على ضبط عملية الاستيراد من خلال تشديد الرقابة على الفاعلين الاقتصاديين، ومنع أي ممارسات احتكارية. ،مؤكدا أن هناك شبهات استغلال بعض المستوردين للوضع لتحقيق أرباح غير مشروعة، مضيفًا بالقول: “حتى أحزاب الأغلبية باتت تتحدث عن اتجار واغتناء غير مشروع في هذه العملية”.

واعتبر الغنبوري أن الحل الجوهري، والإجراء الثالث والمهم، يكمن في تعزيز الإنتاج الوطني من اللحوم، مضيفا أنه “لا يمكن الاستمرار في الاعتماد على الاستيراد ، بينما كان المغرب يحقق اكتفاءً ذاتيًا إلى وقت قريب”، مؤكدا أن “الحكومة مطالبة بدعم المنتجين المحليين، والعمل على إعادة الإنتاج إلى مستوياته السابقة”، لأن استمرار الاعتماد على الاستيراد سيُدخلنا في حلقة مفرغة ، تتحول فيها العملية إلى وسيلة لتحقيق أرباح لفئات محددة على حساب الآخرين، مما سيؤدي إلى تطبيع الوضع مع هذه الأزمة”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ 6 أشهر

    على السلطات ان تكون واقعيه وموضوعية ومنطقية في ما يخص العيد الاستراد او المنع من اجل تخفيف الصدمه على القطيع المحلي خاصتا المتضرر من اثار الجفاف والاسراف المنع افضل الحلول للفقراء الحقيقيون

  • عبد المجيد
    منذ 6 أشهر

    نقطة واحدة و ستنهار الأثمنة السماح الاستيراد للجميع و لو خروف واحد.

  • Abdomoula
    منذ 6 أشهر

    Mchlah

  • Abdellah
    منذ 6 أشهر

    كفى استحمارا للمواطن. المستفيدين من الدعم تلقوا ما يعادل ما سيتم استثماره في ملاعب المونديال. فمن هم المستفيدون. ألا يجب محاسبتهم؟

  • مواطن
    منذ 6 أشهر

    بنية اللوائح الحالية للمستوردين والمصدرين والمنتجين المعدين للعملية لا تتفاعل ومنطق القواعد القانونية للطلب والعرض بالسوق المحلي . هذا الأخير لا يعمل بمنطق المنافسة بل بآليات الاحتكار المألوفة . وجود نظام جبائي لا يريد أن يعمل وفق دوره التوجيهي والمحفز والشفاف طيلة مسار العملية ...ادن ماذا سنحصد ؟؟؟؟...

  • مجرد ملاحظ
    منذ 6 أشهر

    بدل التباكي و التشكي من انعدام الحس الوطني عند بعض المتدخلين و الوسطاء و الاكتفاء بموقف المتفرج،يجب على الدولة ان تنزل بكل ثقلها (و هي عارفة كيفاش) لتفعيل المراقبة و الضرب بلا رحمة على أيدي كل المتلاعبين (ابتداء بالمسنوردين و الوسطاء و الشناقة ) لتحقيق الهدف الاول من دعم الاستراد الا وهو استقرار الأسعار في انتظار انعاش و تقوية القطيع الوطني. بدون هكذا تدخل سنبقى في نفس الدوامة: الحكومة تدعم و تتفرج ؛ المستوردون يحققون الأرباح؛ الشناقة يتربحون من الوضعية؛ المواطنون يكتوون بنار الأسعار و يكتمون في أنفسهم إلى حين و القطيع الوطني ينقرض. و شي حاجة ما قضيناها في انتضار الاوء لا قدر الله