منوعات

القباج يكتب: خادم الحرمين والإخوانية والأخطبوط ..!

لما اتخذنا موقفا شرعيا في نصرة جماعة الإخوان المسلمين في وجه ما حل بهم من بطش وظلم ..؛ اتهمنا ب(الإخوانية!) والحزبية ..!

ولما أيدت قصيدة الدكتور عادل رفوش في نصح الملك عبد الله، وقلت بأن موقف معاداة ما يسمى الإسلام السياسي موقف خاطئ لا ينبغي أن تتورط فيه السعودية؛ رماني الجميع عن قوس واحدة؛ واتخذت ضدي القرارات المادية والمواقف المعنوية التي تجردني من كل حقوقي ..

وها هو اليوم الملك سلمان يرجع إلى ما طالبنا به سلفه الملك عبد الله رحمه الله وغفر له ..
وقد لخصت ذلك الكاتبة البارعة الأستاذة إحسان الفقيه في مقالتها الأخيرة بما أنقله هنا مع تعديلات وإضافات:

1 موقف خادم الحرمين من حركة حماس:

لم يصل يوما ما موقف السعودية من حركة حماس للعداء، فلم تصنف السعودية الحركة على أنها إرهابية، وظلت تتعامل مع مُمثلها في الرياض، وكان هناك تفاهم مشترك لوجود قنوات اتصال بينهما، وقدّمت لها دعما ماليا غير معلن في أغلب الأحيان، إلى جانب جهود بذلتها المملكة لإعادة إعمار غزة.
وعلى الرغم من أن السعودية كانت تتجه لحل القضية الفلسطينية عبر المنظمات الدولية، إلا أنها لم تقف في وجه حماس وتبنيها خيار المقاومة.

وأما حركة حماس، فتشهد علاقتها بالمملكة في الوقت الحالي انتعاشة ملموسة، نرى ملامحها من خلال زيارة خالد مشعل العام الماضي للمملكة بعد انقطاع دام ثلاث سنوات.

كما بدا أن الحركة اختارت الانحياز لمعسكر المملكة على حساب الجانب الإيراني، وعلى الرغم من تلقيها دعما سابقا من إيران تحت ضغط الواقع، إلا أنها رفضت التماهي مع الموقف الإيراني في اليمن، وأيّدت الشرعية، إضافة إلى رفض الحركة تأييد نظام بشار الأسد حليف إيران، ما أثار سخط الإيرانيين الذين اتهموا حماس بإرسال المئات من عناصرها للقتال إلى جانب التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن.

ظهرت آثار هذا التقارب السعودي مع الحركة في لقاء القاهرة الذي جمع وفد حماس والمخابرات المصرية، وظهرت بصمات الملك سلمان بوضوح على رعاية هذه المقابلة.

تفجيرات الحرم الأخيرة تبعتها بيانات إدانة من قبل جماعة الإخوان في مصر، وكذلك حركة حماس، والتنديد باستهداف المملكة، وهي تصريحات وإن كانت مدفوعة بعاطفة دينية طبيعية تجاه الحرم، إلا أنها حملت لونا من التقارب مع القيادة السعودية والشعب السعودي.

2 دعم خادم الحرمين لحزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوان:

في اليمن، دعمت السعودية حزب الإصلاح اليمني،
ونسّقت معه في مواجهة جماعة الحوثي التي تمثل الذراع الإيراني في اليمن.
بل إنها لم تعترض على كون نائب الرئيس هو محسن الأحمر ..
كما أن السعودية استضافت الشيخ عبد المجيد الزنداني القيادي في جماعة الإخوان وفسحت له المجال للتعبير عن مواقفه السياسية ..

3 وفي سوريا يدعم خادم الحرمين الفصائل الإسلامية المعتدلة:

التي تقاتل على جبهتين في سوريا ضد نظام بشار الأسد من ناحية، وضد تنظيم داعش من ناحية أخرى.

4 احتفاء خادم الحرمين بالعلامة يوسف القرضاوي:

إلى درجة استضافته في القصر الملكي المطل على الحرم ..

ومعلوم أن الشيخ القرضاوي لا تتعامل معه الجهات الرسمية السعودية باعتباره رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فحسب، بل بالدرجة الأولى باعتباره المرجعية العلمية لجماعة الإخوان المسلمين والأب الروحي لها.

وهو ما يعبر عن دخول المملكة في حالة جديدة من التعامل الإيجابي مع الإسلام السياسي أو قوى الاعتدال الإسلامية بصفة عامة.
إذن هناك تحولات سعودية واضحة باتجاه التعامل مع الإسلام المعتدل، تلك التحولات لا يمكن النظر إليها بمعزل عن المشروع الإيراني الذي يتمدد في المنطقة.

خادم الحرمين أيقن في مواجهته للتمدد الإيراني أن التحالفات الإقليمية مع الأنظمة العربية لا تكفي لحماية ظهره في مواجهة إيران، فلكلٍ أجندته وطموحاته الإقليمية.

لذا، كان التقارب مع قوى الإسلام المعتدل ورقة رابحة بيد السعودية قِبلة العالم الإسلامي، حيث تعلم يقينا أنه مع أي خطر يداهم الأرض التي تحوي الحرمين ستقوم هذه القوى الإسلامية بتحريك الشعوب للدفاع عنها.

ومن ناحية أخرى، تدرك السعودية أن الأذرع الإيرانية المتمثلة في الحشد الشعبي بالعراق، وحزب الله في لبنان وغيرهما، هي أحد أبرز أدوات القوة الإيرانية، وأنه لزاما على السعودية أن تحسن علاقتها مع التيار الإسلامي المعتدل، ليقف في مواجهة هذه الأذرع على الصعيد العسكري (كما هو الحال في سوريا) أو على الصعيد الفكري في مواجهة الجيوب الموالية لإيران في الوطن العربي.
وحتى على صعيد مواجهة الإرهاب، سيكون التقارب السعودي مع القوى الإسلامية المعتدلة، أكبر ضامن لمحاربة هذا التطرف الفكري.

هنا يحق لنا أن نتساءل:
هل يجرؤ السلفيون الذين يواجهون المواقف الشرعية بتهمة (الأخونة والإخوانية) أن يوجهوا التهمة نفسها إلى خادم الحرمين؟
ألا تشهد مواقف الملك سلمان بصحة وأرجحية ما نصحنا به سلفه؟؟

قد يقول قائل:
الملك سلمان لا يزال يدعم النظام المصري؟!
والجواب أنه مضطر لذلك؛ لأنه لا يمكن أن يتخذ موقفا من السيسي كموقف تركيا وهو بحاجة إلى الجيش المصري في التحالفات التي يقودها ضد التمدد الإيراني ..

ولا أظن عاقلا يسوي بين موقف الملك عبد الله الذي أيد الانقلاب الغاشم وموقف الملك سلمان الذي وجد وضعا قائما فهو يتعامل معه في حدود طاقته، كما أن الواقع يشهد بتفاوت كبير في حجم الدعم ونوعيته؛ ومع ذلك تروج أخبار بأن دعمه مشروط بأمور منها عدم تنفيذ الإعدام في حق مرسي وقيادات الإخوان؛ وهذا من الحكمة في التعامل مع السفهاء الظالمين ..

وأيا كان حجم الصواب أو الخطأ في تلك المواقف السياسية؛ فإن الحق الذي ينبغي أن نعلنه وندافع عنه أن الأمة بحاجة إلى سياسات ومواقف تجمع الكلمة وتوحد الجهود في مقاومة الأخطبوط الذي يحاول خنقها بأذرع مجوسية سامة وأخرى إمبريالية منافقة تسعى لتمزيق الممزق وتفتيت المفرق ..

وإن من المكائد التي تعين الأخطبوط على إحكام قبضته: إذكاء الصراع بين الأنظمة العربية وحركات الإسلام السياسي كما تفعل الإمارات مع الأسف الشديد، والتي حاولت التمكين لهذا التوجه العدواني في المغرب بأساليب عديدة جعلت ضاحي خلفان يغرد في صفحته بأن حكومة بن كيران ستسقط في ظرف عام من ولايتها .. فلم يفلح خلفان ولا أفلح ربيبه الذي أشاد بتجربة السفّاح السيسي ..
أما خادم السيسي المسمى الرضواني؛ فضم إلى الحقد بلادة، وتسور من السفاهة قلادة؛ حين زعم على فضائيته بأن بن كيران هو ممثل جماعة الإخوان في المغرب، محذرا الملك محمد السادس من مخططه الانقلابي!!!
ياليت لي من جلد وجهك رقعة … فأقد منها حافرًا للأشهب

وما أصدق قول الشاعر:
صلابة الوجه لم تغلب على أحد … إلا تكمل فيه الشر واجتمعا

وقد كانت مواقف النظام المغربي من هذه الدعوات التحريضية؛ محط تنويه من عقلاء المحللين وزعماء ما يسمى حركات (الإسلام السياسي) ؛ ومنهم الأستاذ المجاهد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي أشاد بحكمة الملك محمد السادس ونأيه بالدولة عن معترك الصراع المفتعل بين الأنظمة والحركات الإسلامية ..

كما أن العالم الحر المحب للعدل نوه بالموقف المشرف لدولتي قطر وتركيا في نصرة المظلومين وإيواء المضطهدين الذين وجدوا في الدولتين ما يذكر بشهامة النجاشي ..

وفي الختام أرجو مخلصا أن تؤدي المواقف التصحيحية للمملكة العربية السعودية وحلفاءها العقلاء إلى تدارك الوضع العربي والإسلامي بما ينقذه من قبضة الأخطبوط ..

يا خادمَ الحرمينِ يا أَرْضَ الحِمَى …. يا سَيِّداً تَسْعى له الأَسْيادُ
كن ملجأً للأمن مثلَ البيتِ،.. لاَ تَدْخُلْ عراكاً كُلُّهُ أضدادُ
فكَلاَمُكم و كِلامُكم يُذْكي الوَغَى … و تَحَارُ فيه النَّفْسُ وَ الأَجْنَادُ
فجميعُنا يَهْواكِ مِصْرُ و يرتجي …. صُلْحَ البِلادِ و ينتهي الإفسادُ
لكن بأيِّ وَسيلةٍ نُطفي اللظى …. هل يُستباح الظلمُ و الأَحْقادُ
ما كنتُ إخواناً !! و لكن مسلماً …. العَدْلُ وَ الإِحْسَانُ فِيهِ سَدَادُ
يا خادمَ الحرمينِ !! أنتَ مُبَجَّلٌ …. بالعدلِ ، فاحذرْ !! مَنْ يَكيدُ يُكادُ