منتدى العمق

غزة تحت النار: حين تعجز الكلمات و تغيب الإنسانية

 

في مشهد يتكرر أمام أعين العالم، دون أن يتحرك ضميرٌ دوليٌّ جاد، عادت آلة الحرب الإسرائيلية لتنهش أجساد المدنيين العزّل في قطاع غزة، و تحوّل الأحياء إلى ركام، و البيوت إلى قبور جماعية، في واحدة من أعنف موجات العدوان التي يشهدها الشعب الفلسطيني.

منذ ساعات الفجر الأولى، و دويّ القذائف و الصواريخ لا يتوقف الطائرات الإسرائيلية تستهدف المنازل السكنية المكتظة، المدارس، المستشفيات، و حتى مراكز الإيواء التي لجأ إليها من فقدوا بيوتهم في أيام العدوان الأولى، لحظات مرعبة يعيشها الغزيون، لحظات فقدت فيها المشاعر، و ارتفعت فيها الأرواح إلى السماء تحت أنقاض البيوت، بينما تتناثر صرخات الأطفال و الثكالى في شوارع تملؤها الدماء.

و في لحظةٍ يعلو فيها صوت الأذان، و ينبعث نداء “الله أكبر” في الأفق، بدأت الانفجارات تهز المكان، كأن القذائف كانت تترصّد نداء الإيمان، لتُسكت صوت الطمأنينة ، و تزرع الرعب في القلوب و كأنها رسالة مقصودة، أن لا شيء بمأمن حتى لحظة التعبّد لكن كلمة الله لا تُقصف، و ذكره لا يُقهر، بل يعلو فوق الدخان، و يتردد في السماء مهما اشتد القصف و تكاثف الدمار،

في أحد أحياء غزة، كانت الطفلة “ليان” تحتضن دميتها حين سقط صاروخ على منزلهم. لم يتبقَ من الدمية سوى بقايا محترقة، أما ليان، فقد ارتفعت روحها البريئة إلى السماء، في مشهد يلخص مأساة شعب بأكمله يُعاقَب على صموده .

حقوق الإنسان تُنتهك على مرأى و مسمع العالم، من تدمير متعمد للبنية التحتية، إلى حصار خانق يمنع وصول المساعدات الطبية و الغذائية، إلى استخدام مفرط للقوة ضد مدنيين، معظمهم من النساء و الأطفال تقارير المنظمات الدولية لم تعد قادرة على مواكبة حجم الجرائم اليومية، في ظل صمت مريب و عجز مؤسساتي أممي.

إن ما يحدث في فلسطين اليوم ليس فقط صراعًا عسكريًا، بل هو مأساة إنسانية حقيقية، تستدعي وقفة ضمير من المجتمع الدولي. فالحرب ليست فقط أرقام قتلى و جرحى، بل هي حكايات ناس، و عائلات فقدت أبناءها، و مدن تُمحى من الوجود.

فإلى متى سيظل العالم يكتفي بالتنديد ؟ و إلى متى سيُترك الشعب الفلسطيني وحيدًا يواجه آلة الموت الإسرائيلية؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *