سياسة، مجتمع

هل ينجح البرلمان في تشكيل لجنة تقصي حقائق “دعم الفراقشية”

تتجه الأنظار حاليا نحو مجلس النواب المغربي مع إطلاق مبادرة نيابية تهدف إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بشأن الدعم الحكومي لاستيراد المواشي، خاصة في سياق الجدل الواسع الذي أثارته هذه القضية مؤخرا، في ظل انتقادات متبادلة وتضارب في الأرقام والتصريحات بين مكونات الأغلبية الحكومية.

وتأتي هذه المبادرة النيابية في أعقاب القرار الملكي الأخير الذي دعا المواطنين لعدم ذبح الأضاحي، نظرا لارتفاع الأسعار والتحديات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن توالي سنوات الجفاف وتأثيرها المباشر على قطاع المواشي، وهو ما دفع قوى سياسية عديدة، سواء في الأغلبية أو المعارضة، إلى إعادة طرح النقاش حول جدوى الدعم الحكومي وآليات توزيعه، وسط اتهامات لبعض الوسطاء، الذين وُصفوا بـ”الفراولة”، باستغلال الظروف الحالية لتحقيق أرباح غير مشروعة.

في هذا السياق يرى الباحث في العلوم السياسية، محمد شقير، أن قرار الملك بمناشدة المواطنين بعدم ذبح الأضاحي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، حرّك المشهد السياسي برمّته، مما دفع أغلب القوى الحزبية إلى استثمار ملف الدعم الحكومي للمواشي كأداة لتسجيل النقاط السياسية.

ويضيف شقير أن “الجدل بين مكونات الأغلبية، لاسيما بين حزب الاستقلال والتجمع الوطني للأحرار، يعكس دخولا فعليا في حملة انتخابية سابقة لأوانها، حيث تحوّل هذا الملف إلى ورقة للمزايدة السياسية ومحاولة التموقع في الأفق الانتخابي المقبل، وهو ما يجعل النقاش حول الدعم غير معزول عن الصراع السياسي بين هذه الأطراف”.

واعتبر شقير أن المبادرة البرلمانية التي أطلقتها المعارضة تحمل في طياتها رهانات متعددة، أبرزها اختبار التماسك الداخلي للمعارضة ذاتها، وكذا مدى قدرتها على كسب الدعم من داخل الأغلبية لتوفير النصاب القانوني لتشكيل لجنة تقصي الحقائق، وهو الثلث المحدد دستوريا من أعضاء مجلس النواب، أي ما لا يقل عن 132 نائبا.

وأضاف “لقد سعت بعض مكونات هذه المعارضة إلى إطلاق مبادرة برلمانية لتشكيل لجنة تقصي الحقاءق تزعمتها المجموعة النيابة لحزب العدالة والتنمية وفريقي الحركة والتقدم والاشتراكية في انتظار أن يلتحق بها الفريق الاشتراكي. لكن يبدو أن هذا الفريق ما زال لم يعلن بعد انضمام للمبادرة حيث برر ذلك بضرورة أن يتم تدارس كل الإجراءات المسطرية والقانونية لتشكيل هذه اللجنة وما اذا ستتوفر على النصاب القانوني وهو موافقةثلث النواب”.

وتابع المتحدث “غير أن هذا التبرير العلني قد يخفي رغبة الاتحاد الاشتراكي بتأكيد وزنه في هذا التشكيل خاصة وان قيادة حزب العدالة والتنمية هي من دعت إليها إلى جانب الحركة والتقدم والتي سبق أن تخلت عن دعم ملتمس الرقابة الذي كان قد دعت اليه قيادة الاتحاد”.

كما يعكس أيضا وفق الباحث “الحذر الاتحادي من عدم حصول هذه المبادرة على النصاب القانوني في حالة عدم مساندتها من طرف بعض نواب الاغلبية وعدم انضمام الفريق الدستوري لهذه المبادرة مما قد يشكل هزيمة سياسية للمعارض بمختلف مكوناتها وهي بعد فترة قصيرة من إجراء الانتخابات القادمة التي ستشكل حكومة المونديال”.

وبموجب مقتضيات الفصل 67 من الدستور المغربي، أعلنت كل من المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، وفريقي التقدم والاشتراكية، والحركة الشعبية، عن إطلاق مبادرة لتشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق في موضوع الدعم الموجه لاستيراد الأغنام والمواشي، وتحديداً حول الإعفاءات والامتيازات التي استفاد منها المستوردون منذ أواخر سنة 2022.

من جانبه أعلن عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، عن انخراط فريقه النيابي في مبادرة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بشأن ملف دعم المواشي واستيرادها، وذلك في ظل ما وصفه بتضارب المعطيات والتصريحات الصادرة عن مكونات التحالف الحكومي خلال الفترة الأخيرة.

وأوضح شهيد، في تصريح صحفي لجريدة، توصلت به العمق أن الفريق الاشتراكي يدعم كل المبادرات التي تروم تقوية العمل المؤسساتي، وتكريس التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، مبرزا أن الرقابة البرلمانية وتقييم أداء الحكومة في تنفيذ الميزانية العمومية يشكلان أولويات ثابتة في أجندة الفريق.

وتُطرح تساؤلات عدة حول مصير هذه المبادرة ومدى نجاحها في تشكيل اللجنة المطلوبة، خاصة أن المعارضة تمتلك 98 مقعداً فقط من أصل 395 مقعدا في مجلس النواب، ما يجعلها بحاجة ماسة لدعم نواب من الأغلبية لتحقيق النصاب القانوني، وهو تحدٍ قد يُشكّل نقطة اختبار حقيقية لمدى جدية البرلمان المغربي في الرقابة على العمل الحكومي وشفافية تدبير المال العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • عزيز الفن
    منذ 4 أشهر

    حتى لو اكتمل النصاب القانوني بخصوص المطلوب ،لقد تشكلت أكثر من خمس لجان تقصي الحقائق وضعت التقارير دون عرضها على البرلمان و كثيرا ما تكون هذه التقارير خارج الولاية الحكومية.