منتدى العمق

“صينية” العدالة والتنمية.. وصفة بنكيران لقيادة حكومة المونديال!

في سابقة سياسية، أطلق حزب العدالة والتنمية حملة لجمع التبرعات من أعضائه ومنخرطيه والمتعاطفين معه، بهدف تغطية نفقات مؤتمره الوطني التاسع المزمع تنظيمه يومي 26 و27 أبريل الجاري. المبادرة، التي اشتهرت إعلاميا بـ”صينية” العدالة والتنمية، أثارت جدلًا واسعًا بالنظر إلى كون حزب المصباح سبق أن ترأس الحكومة طيلة عقد من الزمن، ولا يخفي طموحه لقيادة حكومة المونديال.

اللافت أن حزب العدالة والتنمية، الذي قاد الحكومة المغربية لعشر سنوات متتالية (2011-2021)، يجد نفسه اليوم مضطرًا إلى فتح باب التبرعات لتغطية مصاريف مؤتمره الوطني.
هذا التحول الدراماتيكي يعكس حجم التراجع السياسي والمالي الذي يعيشه الحزب بعد هزيمته المدوية في انتخابات 8 شتنبر 2021، حين خسر معظم مقاعده البرلمانية والجماعية، وانهارت قاعدته الانتخابية بشكل غير مسبوق.

عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، حاول تقديم المبادرة في قالب أخلاقي وهوياتي، داعيًا الجميع إلى المساهمة بما يستطيعون، ولو بمبالغ رمزية تبدأ من خمسين درهمًا.

ربط بنكيران “الصينية” بدعم قضايا كبرى مثل الوطن والهوية وفلسطين، في محاولة لشد العاطفة الدينية والوطنية للمناصرين. غير أن هذا الخطاب، رغم قوته الرمزية، يخفي واقعًا ماديًا أكثر تعقيدًا، يتمثل في الأزمة المالية التي يعاني منها الحزب، وانكشاف محدودية موارده الذاتية في غياب الدعم العمومي أو ضعف مدخولاته الأخرى.

الجدل لا يقف عند حدود المبادرة ذاتها، بل يتجاوزها إلى المعطيات التي كشفها المجلس الأعلى للحسابات، والتي تفيد بتأخر حزب العدالة والتنمية بشكل غير مبرر في تقديم حساباته السنوية، ووجود اختلالات في تدبير الدعم العمومي، بل ومطالبته بإرجاع مبالغ مالية حصل عليها دون وجه حق خلال استحقاقات 2021. هذه المؤشرات تثير تساؤلات خطيرة حول مدى التزام الحزب بمبادئ الحكامة والشفافية التي طالما نادى بها عندما كان في موقع المسؤولية الحكومية.

في محاولة لتبرير هذه الخطوة غير المألوفة، لم يتردد قادة الحزب في اتهام وزارة الداخلية، بشكل ضمني، بـ”تعطيل” صرف الشطر الثاني من الدعم العمومي البالغ 130 مليون سنتيم. غير أن متابعين يرون أن تعليق الأزمة المالية على شماعة الدعم العمومي يُخفي فشلًا داخليًا في بناء منظومة مالية مستقلة وقادرة على الصمود، كما يكشف عن هشاشة البنية التنظيمية والمالية للحزب في مرحلة ما بعد الحكومة.

مع احتدام السباق نحو انتخابات 2026، التي تتزامن مع تنظيم المغرب لمونديال 2030، يروج العدالة والتنمية لطموح استعادة مكانته في المشهد السياسي وقيادة حكومة “المونديال”.

إلا أن هذا الطموح يصطدم بمعضلة أساسية: إذا كان الحزب عاجزًا عن تدبير نفقاته الخاصة وتنظيم مؤتمره بدون طلب التبرعات، فكيف يمكنه أن يقنع الرأي العام بقدرته على تسيير مؤسسات الدولة، التي تحتاج إلى إدارة مالية صلبة وحكامة رشيدة؟ سؤال يبقى مفتوحًا، ويعكس حجم التحديات التي تواجه العدالة والتنمية في محاولة إعادة بناء ذاته قبل التفكير في العودة إلى السلطة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *