وجهة نظر

الثقل الانتخابي لحزب العدالة والتنمية

تحتل الارقام والمؤشرات الاحصائية حيزا مهما من مساحات اشتغال سوسيولوجيا الانتخابات، لما لها من سحر لا يقاوم ييسر مسعى المحلل السياسي والمهتم بالظاهرة الانتخابية في تنزيل مقروئية فعالة لحركية هذه الظاهرة وموازين القوى المحركة لها، واتجاهات الرأي العام الانتخابي على بعد أشهر معلومة من اجراء ثاني انتخابات تشريعية في ظل دستور 2011. 

بين نتاج الانتخابات التشريعية لـ 25 نونبر 2011 ومخرجات الانتخابات الجهوية والمحلية لـ 04 شتنبر 2015، يقدم منطوق قاعدة البيانات الخاصة بهذه الاخيرة مؤشرات وأرقام يمكن أن تفيد في تكوين نظرة أولية حول هوية أبرز المؤهلين للتنافس على صدارة المشهد الانتخابي إبان اقتراع 07 أكتوبر 2016، ما لم تكن هنالك مستجدات سياسية أو حزبية تعمل كمجفف لمفعول سحر الارقام التي تم الافراج عنها مؤخرا.

منطلق التحليل، سيركز في هذه المقالة على الثقل الانتخابي لحزب العدالة والتنمية، على أن تعقبه محطات تحليلية تقف عند ثقل باقي المتنافسين، في مشهد سياسي متحرك ما زال لم يفصح بعد عن كامل تفاصيله، فكما هو معلوم، فقد أفرزت الانتخابات التشريعية لـ 25 نونبر 2011 فوز حزب رئيس الحكومة بـ 107 مقعدا، متقدما على عدد من الاحزاب السياسية المتمرسة والمجربة سياسيا وانتخابيا، هذه النتائج مكنت الحزب من تشكيل حكومة بتحالف مع ثلاث أحزاب سواء في صيغتها الأولى أو الثانية، وبدخول هذه التجربة لمرحلة العد العكسي، وفي ضوء نتائج الانتخابات الجهوية لـ 04 شتنبر 2015، يثار التساؤل حول مدى قدرة حزب العدالة والتنمية على تكرار انجاز سنة 2011، في ظل النتائج القوية التي يبصم عليها ضدده السياسي والأيديولوجي حزب الأصالة والمعاصرة؟

استنطاق لغة الأرقام الخاصة بتطور كتلة المصوتين على حزب العدالة والتنمية بين اقتراع 25 نونبر 2011 واقتراع 04 شتنبر 2015 على مستوى كل عمالة وإقليم والمتغيرات الانتخابية التي تحويها، يفيد بأن الحزب كافتراض أولي مازال ممسكا بأوراقه الانتخابية والسياسية لتأكيد نصر 25 نونبر 2011 أو على الأقل منافسة حزب الأصالة والمعاصرة على نصر سيكون بطعم الإثارة لكلا الطرفين.

ومن خلال هذه المتغيرات، يلاحظ بأن حزب العدالة والتنمية تمكن من إثراء ثقله الانتخابي بعدد من المواقع الانتخابية، بنسبة تغطية مجالية تصل إلى 84.14%، في مقابل تقلص أو تراجع نسبي لهذا الثقل بمواقع محدودة، تهم 15.85% من جغرافية المغرب.

تفاصيل هذا التمدد تفيد بأن منحنى مؤشر ثقة الناخبين في حزب العدالة والتنمية عرف نقلات متباينة في اتجاه الارتفاع على مستوى 69 عمالة أو عمالة مقاطعة أو إقليم بين زمنية اقتراع 25 نونبر 2011 واقتراع 04 شتنبر 2015، حيث تمددت معدلات الأصوات الممنوحة للحزب بجهة الرباط سلا القنيطرة من 8372 صوت إلى 12437 صوت بإقليم الخميسات، ومن 26928 صوت إلى 34232 صوت بإقليم الصخيرات تمارة، ومن 48981 صوت إلى 80254 صوت بإقليم القنيطرة، ومن 43382 صوت إلى 47486 صوت بعمالة سلا، ومن 3046 صوت إلى 10925 صوت بإقليم سيدي سليمان، ومن 12500 صوت إلى 17037 صوت بإقليم سيدي قاسم.

وسيرا على نفس منحنى التطور المسجل بجهة العاصمة الرباط، حقق حزب العدالة التنمية نفس المكاسب الانتخابية على مستوى جهة فاس مكناس، حيث قفزت معدلاته الانتخابية من 54802 صوت إلى 96540 صوت بعمالة فاس، ومن 31075 صوت إلى 41117 صوت بإقليم مكناس، ومن 4085 صوت إلى 12131 صوت بإقليم مولاي يعقوب، ومن 6091 صوت إلى 17858 صوت بإقليم الحاجب، ومن 4801 صوت إلى 7846 صوت بإقليم افران، ومن 3182 صوت إلى 9591 صوت بإقليم بولمان، ومن 11230 صوت إلى 23343 صوت بإقليم تازة، ومن 7593 صوت إلى 18079 صوت بإقليم تاونات، ومن 5748 صوت إلى 14088 صوت بإقليم صفرو.

نفس البيانات الرقمية تفيد بأن كتلة الأصوات التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية بين محطة 25 نونبر 2011 ومحطة 04 شتنبر 2015 عرفت تمددا بنفس الوتيرة بجهة بني ملال خنيفرة، وانتقلت من 4656 صوت إلى 11953 صوت بإقليم خنيفرة، ومن 18292 صوت إلى 34166 صوت بإقليم بني ملال، ومن 18420 صوت إلى 24816 صوت بإقليم خريبكة، ومن 3270 صوت إلى 19033 صوت بإقليم ازيلال، ومن 9845 صوت إلى 15264 صوت بإقليم الفقيه بنصالح.

أما بالجهة التي يترأس مجلسها الخصم السياسي والإيديولوجي لحزب العدالة والتنمية الامين العام لحزب الاصالة والمعاصرة، فقد ارتفعت مؤشرات الثقة في مرشحي حزب العدالة والتنمية بإقليم تطوان من عتبة 16253 صوت خلال انتخابات 25 نونبر 2011 إلى عتبة 21549 صوت خلال الانتخابات الجهوية لـ 04 شتنبر 2015، ومن عتبة 42529 صوت إلى عتبة 58345 صوت بعمالة طنجة اصيلة، ومن عتبة 8918 صوت إلى عتبة 14143 صوت بإقليم وزان، ومن عتبة 10474 صوت إلى عتبة 18716 صوت بإقليم العرائش، ومن عتبة 4408 صوت إلى عتبة 5241 صوت بعمالة المضيق الفنيدق، ومن عتبة 6280 صوت إلى عتبة 16053 صوت بإقليم شفشاون، ومن عتبة 3121 صوت إلى عتبة 7437 صوت بإقليم الفحص انجرة.
وبعمالات وأقاليم جهة مراكش اسفي، ضاعفت الهيئة الناخبة عدد الأصوات الممنوحة لحزب العدالة والتنمية، التي انتقلت من

64917 صوت إلى 71800 صوت بعمالة مراكش، ومن 2286 صوت إلى 10741 صوت بإقليم الرحامنة، ومن 4340 صوت إلى 16780 صوت بإقليم الصويرة، ومن 12160 صوت إلى 31613 صوت بإقليم الحوز، ومن 10635 صوت إلى 30920 صوت بإقليم اسفي، ومن 6730 صوت إلى 22160 صوت باقليم قلعة السراغنة، ومن 4682 صوت إلى 7810 صوت بإقليم اليوسفية، ومن 8110 صوت إلى 16396 صوت بإقليم شيشاوة. 

وبالجهة التي يترأس مجلسها الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة ارتفعت أصوات حزب رئيس الحكومة من 18269 صوت إلى 19342 صوت بعمالة مقاطعة مولاي رشيد، ومن 18958 صوت إلى 22150 صوت بعمالة مقاطعة عين السبع الحي المحمدي، ومن 23588 صوت إلى 26063 صوت بعمالة مقاطعة سيدي البرنوصي، ومن 9995 صوت إلى 31228 صوت بإقليم سطات، ومن 3569 صوت إلى 9987 صوت بإقليم بنسليمان، ومن 5815 صوت إلى 8191 صوت بإقليم النواصر، ومن 11780 صوت إلى 21278 صوت بإقليم الجديدة، ومن 5979 صوت إلى 17065 صوت بإقليم سيدي بنور، ومن 4540 صوت إلى 6065 صوت بإقليم مديونة، ومن 9806 صوت إلى 14368 صوت بإقليم برشيد.

وبالجهة الشرقية للمملكة حافظ الحزب على نفس وتيرة تمدد قاعدته الانتخابية، حيث انتقلت قاعدته الانتخابية من 24734 صوت إلى 25732 صوت بإقليم وجدة انكاد، ومن 5348 صوت إلى 12579 صوت بإقليم بركان، ومن 1766 صوت 3772 صوت بإقليم فكيك، ومن 2358 صوت إلى 13539 صوت بإقليم جرسيف، ومن 4024 صوت إلى 6095 صوت بإقليم تاوريرت، ومن 1313 صوت إلى 3244 صوت بإقليم الدريوش، ومن 1488 صوت إلى 5396 صوت بإقليم جراد، ومن 10652 صوت 15788 صوت بإقليم الناضور.

وبجهتي درعة تافيلالت وسوس ماسة مكنت الأصوات الممنوحة للحزب من تحصين نفوذه السياسي والانتخابي بغالبية المواقع الانتخابية، حيث تطورت كتلته الانتخابية من 21054 صوت إلى 39536 صوت بإقليم الراشدية، ومن 7896 صوت إلى 18596 صوت بإقليم تنغير، ومن 2452 صوت إلى 10911 صوت بإقليم ميدلت، ومن 8830 صوت إلى 16478 صوت بإقليم زاكورة، ومن 9478 صوت إلى 18367 صوت بإقليم ورزازات، ومن 25301 صوت إلى 37414 صوت بعمالة أكادير ادا وتنان، ومن 19490 صوت إلى 76876 صوت بإقليم تارودانت، ومن 4216 صوت إلى 13124 صوت بإقليم طاطا، ومن 8232 صوت إلى 15496 صوت بإقليم تزنيت، ومن 28021 صوت إلى 50314 صوت بإقليم انزكان ايت ملول، ومن 10612 صوت إلى 23635 صوت بإقليم شتوكة أيت باها.

وبجغرافية الجنوب تمكن الحزب من تحسين ترتيبه السياسي وتدعيم موقعه التمثيلي بعدد من الأقاليم، حيث انتقل عدد المصوتين على الحزب من 5424 صوت إلى 6782 صوت بإقليم العيون، ومن 312 صوت إلى 701 صوت بإقليم طرفاية، ومن 5498 صوت إلى 7979 صوت بإقليم كلميم، ومن صفر صوت إلى 681 صوت بإقليم اسا الزاك، ومن 1334 صوت إلى 4825 صوت بإقليم طانطان.

وفي مقابل نجاحات حزب العدالة والتنمية على مستوى إثراء قاعدة الانتخابية بالمواقع المذكورة، سجلت تحليلات سوسيولوجيا الانتخابيات تراجع الرصيد الانتخابي للحزب خلال الانتخابات الجهوية لـ 04 شتنبر 2015 على مستوى 13 عمالة أو عمالة مقاطعة أو إقليم، حيث تراجع هذا الرصيد من 45519 صوت إلى 43016 صوت بعمالة الرباط، ومن 3344 صوت إلى 3122 صوت بإقليم الحسيمة، ومن 20677 صوت إلى 20365 صوت بعمالة مقاطعة عين الشق، ومن 17737 صوت إلى 16158 صوت بعمالة مقاطعة الفدا مرس السلطان، ومن 27659 صوت إلى 25731 صوت بعمالة مقاطعة انفا، ومن 19233 صوت إلى 18788 صوت بعمالة مقاطعة الحي الحسني، ومن 14561 صوت إلى 12069 صوت بعمالة مقاطعة بن امسيك، ومن 22836 صوت إلى 20074 صوت بعمالة المحمدية، ومن 1852 صوت إلى 873 صوت بإقليم السمارة، ومن 1499 صوت إلى 1067 صوت بإقليم بوجدور، ومن 8072 صوت إلى 5624 صوت بإقليم سيدي افني، ومن 656 صوت إلى 253 صوت بإقليم اوسرد، ومن 5223 صوت إلى 1636 صوت بإقليم واد الذهب.

من خلال هذه المؤشرات، يلاحظ بأن الرصيد الانتخابي لحزب العدالة والتنمية لم يتأثر بإكراهات أو إخفاقات تجربة الحكم، بل بالعكس تماما عرفت شرعيته الانتخابية انفجارا غير متوقعا بعدد من المواقع الانتخابية، حيث تشير خريطة توزيع الثقل الانتخابي للحزب إقليميا وجهويا، إلى تسيده لعدد من مراكز النفوذ ومنافسته على ريادة مواقع أخرى، وتموقعه كقاعدة عامة بين القوى الكبرى المؤهلة لحصد المقاعد المتنافس حولها على مستوى كل دائرة انتخابية، حيث احتل الحزب اعتمادا على متغير عدد أصوات اللائحة الاقليمية للجهة المراتب التالية:

– الرتبة الأولى: على مستوى 30 عمالة أو عمالة مقاطعة أو إقليم، ويتعلق الأمر، بـ: “عمالة الرباط، إقليم الصخيرات تمارة، إقليم القنيطرة، عمالة سلا، إقليم الحاجب، عمالة فاس، إقليم مكناس، إقليم بني ملال، إقليم العرائش، عمالة طنجة أصيلة، إقليم اسفي، عمالة مراكش، عمالات المقاطعات الثمانية لمدينة الدار البيضاء، عمالة المحمدية، إقليم جرسيف، إقليم الراشدية، إقليم زاكورة، إقليم اكادير اداوتنان، إقليم تارودانت، إقليم طاطا، إقليم انزكان ايت ملول، إقليم شتوكة أيت باها، إقليم طانطان”؛

– الرتبة الثانية: على مستوى 16 إقليم، ويتعلق الأمر بـ : ” إقليم سيدي سليمان، إقليم تازة، إقليم مولاي يعقوب، إقليم خريبكة، إقليم ازيلال، إقليم تطوان، إقليم الفحص انجرة، إقليم الحوز، إقليم قلعة السراغنة، إقليم سيدي بنور، إقليم سطات، إقليم وجدة انكاد، إقليم بركان، إقليم تنغير، إقليم ورزازات، إقليم تزنيت”؛

– الرتبة الثالثة: على مستوى 12 إقليم، ويتعلق الأمر بـ: ” إقليم بولمان، إقليم صفرو، إقليم وزان، إقليم شفشاون، إقليم شيشاوة، إقليم بنسليمان، إقليم النواصر، إقليم برشيد، إقليم مديونة، إقليم العيون، إقليم طرفاية، إقليم كلميم”؛

– الرتبة الرابعة: على مستوى 08 عمالات وأقاليم ويتعلق الأمر بـ: إقليم سيدي قاسم، عمالة المضيق الفنيدق، إقليم ايفران، إقليم الرحامنة، إقليم الجديدة، إقليم جرادة، إقليم ميدلت، إقليم السمارة ” ؛

– الرتبة الخامسة: على مستوى 10 إقليم ويتعلق الأمر بـ: إقليم خنيفرة، إقليم الفقيه بنصالح، إقليم الصويرة، إقليم اليوسفية، إقليم الدريوش، إقليم الناضور، إقليم الحسيمة، إقليم سيدي افني، إقليم اوسرد، إقليم واد الذهب”؛

– الرتبة السادسة: على مستوى 05 أقاليم ويتعلق الأمر بـ: ” إقليم تاونات، إقليم فكيك، إقليم اسا الزاك، إقليم بوجدور، إقليم تاوريرت”؛

– الرتبة السابعة: على مستوى اقليم الخميسات.

في ضوء هذه الأرقام، فإن التحليل يتوقع إمكانية فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية لـ 07 أكتوبر 2016 بـ 37 مقعدا على مستوى دوائر العمالات والأقاليم التي احتل فيها الحزب الرتبة الأولى وبـ 16 مقعدا على مستوى دوائر الأقاليم التي احتل فيها الرتبة الثانية، وبـ 09 مقاعد على مستوى دوائر الاقليم التي احتل فيها الحزب الرتبة الثالثة وبـ 02 مقاعد على مستوى دوائر الاقاليم التي احتل فيها الحزب الرتبة الرابعة، ويمكنه المنافسة على 04 مقاعد بدوائر الاقاليم التي احتل فيها الرتبة الخامسة والسادسة والسابعة، مضاف إليها المقاعد المضاعفة التي يمكن أن يحصدها بدوائر 24 عمالة أو إقليم حقق فيها الحزب معدلات قياسية من الأصوات، وكذا المقاعد التي سيحصل عليها الحزب على مستوى اللائحة الوطنية للنساء واللائحة الوطنية للشباب.

ـــــــــ

باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري