من نسيج العرائس إلى ذاكرة الثقافة المغربية.. باحثة أمريكية تسبر خيوط البروكار المغربي بفاس

تقيم الباحثة الأمريكية مورغان سنواب، المرشحة لنيل الدكتوراه في تاريخ الفن الإفريقي بجامعة بوسطن، في مدينة فاس منذ شتنبر 2024، حيث تعمل على دراسة معمقة لصناعة نسيج البروكار التقليدي، ضمن منحة “فولبرايت” المرموقة للبحث العلمي والتبادل الثقافي، وفق ما أورده موقع جامعة بوسطن في مقال نشره أمس السبت.
وتسلط سنواب، حسب المصدر نفسه، الضوء على هذا الفن النسيجي العريق الذي ظل لقرون من أبرز رموز الثقافة المغربية في اللباس والاحتفالات والهوية الحضرية، وذلك
ويعد البروكار نسيجا فاخرا تنسج زخارفه بخيوط ذهبية وملونة، وتنتج تقليديا على أنوال يدوية في مدينة فاس؛ وقد ارتبط هذا النسيج تاريخيا بالزينة والاحتفالات، وخاصة في لباس العرائس والطقوس الدينية، قبل أن يتحول تدريجيا إلى عنصر ديكوري في المنازل الراقية، بحسب المصدر ذاته.
تشير سنواب في حديثها للموقع الجامعي إلى أن اهتمامها بالبروكار بدأ خلال تنسيقها لمعرض للنسيج الإفريقي في كلية رولينز بفلوريدا، حيث لامست لأول مرة حزام بروكار حريري تقليدي.
ومنذ ذلك الحين، قررت التفرغ لدراسة تاريخ هذا الفن، لا من حيث جماليته فحسب، بل بوصفه منتجًا ثقافيًا يعكس العلاقات الاقتصادية والدينية والاجتماعية التي تحكم بيئة إنتاجه.
وفي أطروحتها المعنونة: “فك خيوط بروكارات فاس: الذاكرة الثقافية، والأسطورة، والتراث المغربي من خلال خيوط نسيج فاسي (من القرن التاسع عشر إلى اليوم)”، تدمج الباحثة بين الدراسة التاريخية والأنثروبولوجية، مركزة على البعد السردي والشفهي الذي يتوارثه النسّاجون، وفق ما أورده موقع الجامعة.
وفي هذا السياق، أجرت سنواب مقابلات ميدانية مع حرفيين تقليديين، من بينهم المعلم الحاج عبد القادر الوزاني، أحد أبرز النساجين في المدينة العتيقة، الذي لا يزال يستخدم تقنية “اللمباس” اليدوية التي تعود إلى القرون الوسطى، حيث يشترك اثنان في تشغيل النول: “المعلم” و”الساحب”.
وقد لاحظت سنواب وجود متدربات شابات يتعلمن هذه الحرفة، التي كانت في الماضي حكرا على الرجال، في مؤشر على تحول اجتماعي داخل المهنة، حسب ما جاء في المصدر نفسه.
وتكريسا للبعد المؤسساتي في بحثها، أمضت سنواب وقتا مهما داخل المتحف الوطني للحلي في الرباط ومتحف دار البطحاء بفاس، حيث ساعدت في جرد وتصنيف أكثر من 300 قطعة بروكار محفوظة في المجموعات الوطنية.
وتشير إلى أن بعض هذه القطع كانت تعاد خياطتها أو تقسم بين الورثة، ما يتيح قراءة متعددة للقطعة الواحدة من حيث الاستعمال والتأويل، كما ورد في تقرير الجامعة.
وتؤكد الباحثة أن كل قطعة بروكار تحمل بين خيوطها قصة، سواء تعلق الأمر بزخارف تشير إلى ورشة معينة، أو بتفاصيل اجتماعية ترتبط بطرق التوارث والتقاسم.
وتقول: “أشعر بمسؤولية عميقة تجاه هذه القصص التي أكتشفها، وأطمح إلى تقديمها للقراء باحترام وتقدير”. وهي تعتبر أن البروكار يتجاوز كونه نسيجًا، ليصبح وسيلة لحفظ الذاكرة، يتقاطع فيها الجمال بالمعنى، كما جاء في المصدر.
اترك تعليقاً