منتدى العمق

الحمار قد مات

 

من بين القصص المعبرة التي قرأتها واحببت مشاركتكم إياها وهذا راجع لمغزاها وابعادها الفكرية العميقة وهي قصة تعود الى أحد رجال الاعمال الذي انتقل إلى بلدة صغيرة وافتتح فيها شباك مصرفي خاص بالقروض الصغرى، حيث في يوم من الأيام جائه أحد الفلاحين الصغار للاقتراض، فرحب به الموظف أشد ترحيب، ووافق على منحه قرض بمبلغ 1500درهم شريطة أن يرهن شيئا يملكه يعادل مبلغ القرض، ولكن الفلاح في الحقيقة لا يملك شيئا يقدمه كرهن سوى حماره الذي يتنقل عليه، فاحتار الموظف وذهب إلى مديره لأخذ الموافقة المبدئية من ذلك، فرد عليه المدير: لا يوجد مانع فالحمار يعتبر أصلا جيدا، وعلى الفور تم منح الفلاح مبلغ القرض.

وعندما حل موعد السداد، حضر الفلاح واخبرهم أنه لا يستطيع سداد مبلغ القرض بسبب مشاكل طارئة وقاهرة، فرد عليه موظف: إذن سنأخذ حمارك سداداً لهذا الدين؟ ولكن المفاجأة عندما اخبرهم ان الحمار قد مات وهو في الطريق اليهم بسبب قلة الاكل، فانزعج الموظف وشعر أن المبلغ المالي لن يرجع، فذهب فورا إلى المدير وقال له: يا سيدي لقد حل موعد سداد دين الفلاح ولكنه لا يقدر على السداد، وان الحمار قد مات اليوم ، ففكر المدير قليلا ، ثم قال لا بأس سنأخذ الحمار الميت مقابل الدين، ولكن اشترط على الفلاح أن لا يخبر أحدا في المنطقة بأن حماره قد مات. وبعدما خرج الفلاح فرحاً بما كسب، عاد الموظف إلى المدير، وقال له: ولكن ماذا سنستفيد من الحمار الميت؟ يا سيدي، نحن نبحث عن الأصول الجيدة لتسديد الدين، وهذا الأصل سيئ، والأصول السيئة تعتبر سامة للقطاع المصرفي، لقد كانت هذه الصفقة خاسرة بالنسبة لنا منذ البداية، فرد عليه المدير: لا تستعجل الامر وسترى بنفسك النتائج، والآن أريدك أن تعلن في المنطقة بأننا سنقوم بعمل يانصيب من فئة 10 دراهم والجائزة الكبرى ستكون الحمار، بشرط أن لا تخبر احد بأن الحمار ميت، وفعلا تم توزيع ألف تذكرة يانصيب للفوز بالحمار وتم بيعها بالكامل، وفي اليوم الموعود تم السحب على الجائزة وفاز بها أحد الاشخاص المحظوظين، وفي الصباح التالي حضر لاستلام الحمار، فقام المدير بنفسه باصطحابه لاستلام الجائزة، وطبعاً صدم الفائز عندما رأى الحمار جثة هامدة! فاعترض ورفض استلامه، فما كان من المدير إلا أنه اعتذر له وأعاد له مبلغ التذكرة التي دفعها، ” 10دراهم” إضافة على ذلك فقد منحه مبلغ 1500درهم كقيمة للحمار الميت، فخرج الفائز وكله رضا وسعادة ، فالتفت المدير للموظف وقال، أرأيت لو اننا قاضينا ذلك الفلاح من أجل عدم سداد القرض، ولو اننا لم نستلم ذلك الحمار الميت الذي قدمه لنا كأصل جيد ثم تحول إلى أصل سيئ لخسرنا القضية بالكامل ولما ربحنا مبلغ 6990 درهم كربح صافي بمعنى “10000 درهم قيمة تذاكر الياناصيب ناقص 1500 مبلغ القرض الأول و10 دراهم مبلغ التذكرة 1500 درهم مبلغ التعويض عن الجائزة للفائز أي مجموع 3010درهم من 10000درهم” فقال الموظف: ولكن يا سيدي أنت قمت بتوزيع الأصل السيئ على كل أهالي المنطقة، فرد عليه المدير: إن الأصول السيئة يجب مشاركتها مع الكل ولكن أن يمرض الكل خير من أن أموت أنا وانت، ولا يهم أبدأ كم تذكرة سأطبع، المهم انها مطلوبة عند أهالي القرية طالما أنهم لا يعرفون أن الحمار قد مات.

فهذا هو حال بعض التجار وجشعهم غير المحدود الا من رحم الله منهم، وهذه هي حقيقة الاسواق المالية والتجارية التي نعيشها في وقتنا الحالي والتي غالبا ما تكون عرضة وساحة للاحتيال والأكيد من ذلك بان اغلب ضحاياها هم المتداولون دون تجربة واستشارة.

لذلك يجب علينا التريث والاحتياط وعدم الانسياق للعروض والإشهارات الخداعة التي غالبا ما تأتي من شركات ووسطاء غير مرخصة لهم بذلك، كما علينا أن نتحقق من الشيء ولما لا اخذ المشورة من أصحاب الاختصاص والخبرة في المجال او التدفق في ذلك من الجهات الحكومية ، لأن الاحتيالات في وقتنا الحالي أصبح ما اكثرها انتشار خصوصا عبر المواقع الالكترونية وحتى من بعض الاشخاص غير الصادقين مع الناس ومع انفسهم والغير المصرح لهم اصلال قانونيا بذلك.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *