“إسكوبار الصحراء” .. دفاع الناصري يتهم شاهدا بـ”الزور” والوكيل العام برفض اعتقاله

في تطور جديد ضمن جلسات محاكمة المتابعين في ملف بارون المخدرات الملقب بـ”إسكوبار الصحراء”، تقدم أشرف جدوي، عضو هيئة دفاع سعيد الناصري، الرئيس السابق لنادي الوداد الرياضي، بطلب رسمي إلى كاتب الضبط، يدعو فيه إلى تحرير محضر بخصوص شكاية تتعلق بشهادة الزور ضد أحد الشهود الرئيسيين في الملف، ويدعى (توفيق.ز).
وأوضح المحامي أشرف جدوي أن الشاهد قد أدلى بشهادات متناقضة في مختلف مراحل التحقيق، مشيرا إلى وجود اختلافات جوهرية بين تصريحاته أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وأقواله أمام قاضي التحقيق، وما جاء على لسانه خلال جلسة المحاكمة العلنية التي يرأسها المستشار علي الطرشي.
واعتبر الدفاع أن هذه التناقضات تضعف من مصداقية الشاهد، وقد تندرج ضمن خانة “شهادة الزور”، ما يقتضي، حسب قوله، تحريك المسطرة القانونية بشأنها، وذلك صونا لحقوق المتابعين وضمانا لشروط المحاكمة العادلة.
وتأتي هذه الخطوة في سياق الجدل القانوني الذي يرافق الملف، والذي يضم شخصيات وازنة من بينها سعيد الناصري وعبد النبي بعيوي، الرئيس السابق لجهة الشرق، على خلفية اتهامات تتعلق بشبكات التهريب الدولي للمخدرات وغسيل الأموال.
وفي هذا الصدد، صرح المحامي محمد المسعودي، عضو هيئة دفاع سعيد الناصري، أمام هيئة الحكم بأن الشاهد الماثل أمام المحكمة قد تعمد الإدلاء بـ”شهادات كاذبة”، واتهمه بمحاولة التحايل على كل من الفرقة الوطنية للشرطة القضائية وجهاز المخابرات المغربي، فضلاً عن قاضي التحقيق الذي أشرف على مراحل البحث التمهيدي.
وأكد المسعودي على ضرورة تطبيق المقتضيات القانونية المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية، داعياً المحكمة إلى اتخاذ قرار بوضع الشاهد تحت تدبير الحراسة النظرية، في أفق إحالته على أنظار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة في حقه، إذا ثبت تورطه في الإدلاء بشهادات غير صحيحة.
وفي نفس السياق، دعم المحامي امبارك المسكيني هذا الملتمس، مبرزاً أمام الهيئة القضائية أن الطلب يستند إلى تصريحات الشاهد ذاته، سواء تلك التي أدلى بها أثناء استنطاقه من طرف الفرقة الوطنية، أو أمام قاضي التحقيق، وكذا أقواله المسجلة خلال جلسات المحاكمة العلنية.
وأوضح المسكيني أن تضارب تصريحات الشاهد يثير الكثير من الشكوك، وهو ما يجعل من الضروري إخضاعه لتحقيق معمق للتثبت من مدى صحة المعطيات التي قدمها، خاصة وأنها قد تؤثر بشكل جوهري على مجريات المحاكمة وعلى مصير المتهم سعيد الناصري.
وأضاف أن الهدف من هذا الملتمس ليس الضغط على الشاهد أو التشويش على المحكمة، بل الرغبة في الوصول إلى الحقيقة الكاملة، وتمكين الهيئة من معرفة ما إذا كانت الشهادة المعتمدة في الملف قد بنيت على وقائع صحيحة أم شابتها مغالطات متعمدة.
وقال الوكيل العام إن وضع الشاهد مباشرة إلى الحراسة النظرية لم يتضمن أي أساس قانوني، وأن الفعل المنسوب للشاهد يفتقر للعناصر التكوينية، علما أنه صرح أمام جهات يخول لها القانون ذلك.
وأوضحت النيابة العامة أنه “لا يمكن مؤاخذة شخص لأنه صرح لغير هذه الجهات الرسمية، وأن الجريمة التي طالب بها دفاع المتهم تتعلق بشهادة الزور وذلك استنادا على المادة 425 من قانون المسطرة الجنائية”، مضيفا أنه “من الناحية الإجرائية يبقى الاختيار للمحكمة وحتى إذا كان الأمر من تلقاء نفسها”.
والتمس ممثل النيابة العامة من الهيئة القضائية عدم الاستجابة لطلب دفاع المتهم القاضي باعتقال الشاهد المعني بالأمر، معتبرا أن هذا المطلب يفتقر للأسس القانونية والموضوعية التي تبرره في هذه المرحلة من المحاكمة.
وأكد المدعي العام في مداخلته أن الشاهد لا يزال يخضع للاستماع أمام المحكمة، وأن من واجب الهيئة القضائية تمكينه من الإدلاء بكامل أقواله دون ضغط أو تخويف، حفاظا على مبادئ المحاكمة العادلة وضمانا لكشف الحقيقة.
وأضاف أن أي إجراء استثنائي، من قبيل وضع الشاهد تحت الحراسة النظرية، لا يمكن أن يتم إلا في إطار مسطرة مستقلة تتوفر فيها شروط الإثبات الواضحة، وليس بناء على تضارب الأقوال فقط أو شكوك دفاع أحد الأطراف.
وشدد على ضرورة مواصلة الجلسة في أجواء قانونية سليمة، تضمن حق الدفاع من جهة، وحق الشاهد في الحماية القانونية من جهة أخرى، مشيرا إلى أن اللجوء إلى مثل هذه الإجراءات يجب أن يظل محكوما بضوابط صارمة، تماشيا مع روح القانون وأخلاقيات التقاضي.
ورفضت المحكمة تطبيق مواد المسطرة الجنائية المتعلقة بإحالة المتهم على الحراسة النظرية وتقديمه أمام أنظار الوكيل العام للملك، مع مواصلة الاستماع إليه.
اترك تعليقاً