
تعاني العديد من الأحياء بمنطقة سيدي معروف التابعة لمقاطعة عين الشق بالدار البيضاء من انقطاعات متكررة للماء الصالح للشرب، في مشهد بات يتكرر بشكل يومي، ويستمر أحياناً لساعات طويلة دون سابق إنذار، ما خلف استياءً واسعاً في صفوف الساكنة التي عبّرت عن غضبها من هذا الوضع المتدهور.
وحمّلت الساكنة الغاضبة، في تصريحات صحفية، المسؤولية للشركة الجهوية متعددة الخدمات، معتبرة أن الارتباك في تدبير خدمات الماء يعكس ضعفا واضحا في التواصل مع المواطنين، وغياب خطة استباقية للتعامل مع هذه الانقطاعات خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، حيث يُعتبر الماء حاجة أساسية لا تقبل التأجيل.
كما عبّر عدد من الفاعلين الجمعويين والسياسيين عن استغرابهم من “الصمت المطبق” لرئاسة مقاطعة عين الشق، والتي اتُّهمت بالغياب عن قضايا المواطنين الحيوية، وعدم الترافع بالشكل المطلوب أمام الجهات المختصة لإيجاد حلول جذرية لهذا الإشكال المتكرر. وذهب البعض إلى القول إن هذا الوضع يكشف حدود التدبير المحلي في مواكبة مطالب السكان والدفاع عن حقهم في الخدمات الأساسية.
في المقابل، لم تصدر الشركة الجهوية متعددة الخدمات لحد الساعة أي بلاغ رسمي يشرح الأسباب الكامنة وراء هذه الانقطاعات المتكررة، ما زاد من حدة الغموض وأجّج غضب الساكنة، التي عبرت عن تراجع ثقتها في كل من الجهة المدبرة للخدمة والمجالس المنتخبة التي كان يُنتظر منها أن تلعب دور الوساطة والضغط من أجل حماية الحقوق الأساسية للمواطنين.
ويطالب سكان سيدي معروف بتحرك عاجل من قبل السلطات المحلية ورئاسة المقاطعة، والضغط على الشركة المفوض لها تدبير قطاع الماء من أجل ضمان التزود المنتظم بالماء الصالح للشرب، وكذا وضع خطة واضحة للتواصل مع الساكنة وتحديد توقيت الانقطاعات إن كانت ضرورية لأسباب تقنية.
وعبر سعيد عاتيق، الفاعل السياسي والمدني، عن قلقه العميق إزاء الأوضاع التي تعيشها ساكنة حي سيدي معروف بمقاطعة عين الشق، خاصة في ما يتعلق بأزمة الماء الصالح للشرب، والتي تحولت – حسب تعبيره – إلى “جحيم صيفي” يتكرر سنويا دون حلول حقيقية.
وقال عاتيق، في تصريح لجريدة “العمق”، إن “المغرب رفع سقف الطموح عالياً بإطلاقه لعدد من المشاريع التنموية الكبرى، التي تعكس إرادة سياسية قوية في دخول نادي الدول الصاعدة، إلا أن ما نراه في الواقع اليومي ببعض الأحياء الشعبية، وعلى رأسها سيدي معروف، يعكس صورة معاكسة ومؤلمة، تكشف عن فجوة حقيقية بين الخطاب والممارسة، بين الرؤية الاستراتيجية والتنزيل الترابي”.
وأوضح أن أزمة الماء في سيدي معروف لم تعد حدثا عرضيا أو ظرفيا، بل أصبحت مشهدا متكررا يعمق من معاناة الساكنة، خصوصا خلال فصل الصيف، حيث ترتفع درجات الحرارة بشكل كبير، ويزداد الطلب على الماء بشكل مضاعف، في وقت تعيش فيه عشرات الأسر ظروفا قاسية بسبب الانقطاعات المتكررة دون سابق إنذار.
وأضاف المتحدث: “نتحدث هنا عن أحياء كاملة تقطع عنها المياه لأيام متتالية، دون أي تواصل من الجهات المعنية، في مشهد يعيدنا سنوات إلى الوراء ويقوض ما يرفع من شعارات حول العدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي”.
وانتقد عاتيق ما وصفه بـ”التقصير الفادح في التفاعل المؤسساتي”، قائلا إن “الساكنة طرقت كل الأبواب الممكنة، من مصالح المقاطعة إلى الشركة الجهوية متعددة الخدمات المفوض لها تدبير قطاع الماء والكهرباء، لكن الجواب ظل دائما هو الصمت، بل والتجاهل أحيانا، في غياب تام لأي خطة استعجالية أو تواصلية تخفف من حدة الغضب الشعبي”.
ولم يتوقف المتحدث عند الجانب الخدمي، بل ربط أزمة الماء بما هو أعمق، معتبرا أنها تعكس خللا بنيويا في تصور السياسات العمومية، قائلا: “حين يحرم المواطن من أبسط حقوقه في التزود بالماء، فإننا لا نكون أمام مشكل تقني أو ظرفي، بل أمام خلل عميق في بنيات التدبير، وغياب واضح للرقابة والمحاسبة على مستوى الجماعة والمقاطعة والشركة المفوضة”.
وشدد عاتيق على أن أزمة الماء في سيدي معروف “ليست فقط أزمة عطش، بل هي مرآة لواقع أعمق من الإقصاء التنموي، وتحد صريح أمام خطابات الدولة الاجتماعية والمقاربة التشاركية”، داعيا المسؤولين إلى التحرك الفوري والقيام بواجبهم في حماية كرامة المواطنين وتأمين حقوقهم الأساسية، وعلى رأسها الحق في الماء.
اترك تعليقاً